اضطرت مجموعة من المواطنات إلى الافتراش في طرف موقع تسجيل أسماء المواطنين داخل مقر الشركة العامة للمياه الوطنية للحصول على ورقة صغيرة تضمن لهن الوقوف في «طوابير» انتظار وصول صهريج الماء، للفوز بها وسط استغاثة الجفاف التي يهتف بها الرجال والنساء خلال ساعات انتظارهم حينما يصل الدور لأحدهم. ومن وسط معركة الماء، تحدثت أم سعود ل «الحياة» قائلة: «اتكبد عناء الخروج من المنزل واستئجار سيارة للوصول إلى مقر الشركة، والوقوف في طابور انتظار صرف الفواتير، ومن ثم الوقوف في طوابير انتظار صرف الصهاريج الذي يمتد لأكثر من ست ساعات في اليوم، ما يسبب لي قلقاً شديداً على أبنائي الذين بقوا في المنزل وسط انقطاع الماء، معتمدين على قوارير مياه الصحة الصغيرة التي تكلفنا في الأسبوع الواحد ما يعادل سعر صهريج». أما تهاني جابر اضطرت إلى حمل رضيعها معها في عربته، خوفاً عليه من البقاء في المنزل بمفرده، وخصوصاً أن الساعة تشير إلى 12 ليلاً، لافتة إلى أن ذلك يشكل لها خطراً كبيراً في طريق عودتها إلى المنزل، وبصوت شجي قالت: «الشكوى لله». وتجد عائشة إسماعيل أنه من الصعب الوقوف وسط طوابير الانتظار في منطقة الأشياب، إذ لا تتوافر بها أي خدمات تموينية من مأكل ومشرب خلال وقت الانتظار الذي يصل إلى أكثر من ست ساعات، إضافة إلى التعامل مع الرجال و الاصطفاف بينهم، مضيفة: «بغض النظر عن المكان المخصص لانتظار وصول صهريج الماء، فإن هواء الموقع ملوث من جراء عوادم شاحنات الماء الذي يتسبب في ضيق التنفس تحت خيمة الانتظار». أما الشاب عبدالله الزهراني فيخصم من مرتبه الشهري بسبب انقطاع الماء، إذ يتطلب عليه الاستئذان من عمله والوقوف بين الطوابير في منطقة الأشياب، ليصل عدد ساعات بقائه خارج المنزل إلى 19 ساعة، الأمر الذي يجعله يتغيب عن عمله لليوم التالي، ويخصم من مرتبه الشهري بسبب انقطاع الماء. ويرى إمام أحد المساجد في جدة أبو محمد أن الشركتين اللتين يجب أن لا يشعر المواطن بأي خلل فيهما، هما شركة المياه و شركة الكهرباء، كونهما من ضروريات الحياة الرئيسة، وتشكلان ضرورة كضرورة البترول على الاقتصاد، متسائلاً هل نكتفي بالاستجمار والعودة إلى حياة التيمم ؟. وفي ظل أزمة المياه القائمة في مدينة جدة ، تساءل قاطنوها من مواطنين ومقيمين كثيرا : من المتسبب في أزمة المياه؟، إذ لا يرون أي مبررات لحدوث الأزمة، خصوصا أن الحكومة تدعم المؤسسات الوطنية بمبالغ ضخمة تجردها من مسؤولية الأزمة، ما جعلهم يؤكدون على أن الأزمة مفتعلة ممن لهم مصالح خاصة في إحداثها، مستهدفين من خلالها تشغيل صهاريج الملاك. ويؤكد المواطن عبدالرحمن محمد ل«الحياة» أنه لا توجد أزمة في مؤسسات، مرجعا السبب إلى كون الماء و المؤسسات الوطنية تدعمها الدولة بمبالغ كبيرة، إضافة إلى توافق فترات أزمة المياه في كل عام، مضيفا: «مليارات الريالات تضخها الحكومة في سبيل إكرام حياة المواطن، و لعل أيادي خفيه خلف هذه الأزمة لتحريك مصالح المستثمرين من أصحاب الصهاريج». وتساءل المواطن أبو أسامة كيف لا يستطيع المواطن الاستفادة من نعمة الماء عبر مضخات تحلية المياه، و كيف يصل الحال إلى هذا المستوى في ظل المال والتطور الذين تشهدهما المملكة، اللذين لم يستغلان في تطوير وصيانة الأعطال، بعيداً عن حرمان المواطن والمقيم من ضخ الماء إلى منازلهم.