هدّد أبناء الكنيسة الأرثوذكسية في الأردن أمس باللجوء إلى العصيان الكنسي إذا ما مضت كنيستا اليونان والقدس بنقل الأرشمندريت خريستوفوروس عطالله (باني ومؤسس أول دير في المملكة) إلى فلسطينالمحتلة. وأصدرت بطريركية القدس بياناً أول من أمس قالت فيه إنه «تقرر ترقية الأب عطالله لمنصب الموجه الروحي لمدارس بطريركية الروم الأرثوذكس في القدس وسائر الأراضي الفلسطينية». وأضاف البيان أن «القرار اتخذ خلال الاجتماع الدوري للمجمع المقدس تقديراً لخبرة عطالله في الإدارة الدينية والروحية لمدارس البطريركية». لكن آلاف المسيحيين الأردنيين تجمعوا أمس في دير السيدة العذراء وسط قرية دبين شمالي المملكة، وأكدوا دعمهم المطلق للأرشمندريت عطالله، وشددوا على موقفهم الرافض أي تدخل بالقرارات الكنسية. وشارك في التجمع أعضاء يتبعون البرلمان الأردني، وقيادات تتبع جمعيات وهيئات أرثوذكسية رأت في القرار استفزازا لمشاعر أبناء الكنيسة الذين بدأوا بسلسلة احتجاجات ضده، ولوّحوا بقطع العلاقة نهائياً مع بطريرك اليونان الذي اتهموه بالوقوف وراء القرار، اذا تمسك به. وقالت قيادات كنسية ل»الحياة» إن «عطا الله دفع أثماناً باهضة بدأت بإيقاف راتبه بقرار من بطريرك القدس قبل 7 سنوات، ونقله من عمان إلى قرية دبين، ثم القرار الأخير بنقله من الأردن إلى فلسطين». وأضافت أن «القرار الأخير هو قرار كيدي هدفه معاقبة الأب عطا الله على سياساته الإصلاحية داخل الكنيسة». وأكدت أنها «لن تتخلى عن عطالله»، ولفتت إلى توقيع عريضة من ألف مسيحي تم رفعها إلى العاهل الأردني الملك عبدالله الثاني «لإنصاف» الرجل الذي قال أمام الصحافيين إنه سيبقى إلى نهاية حياته في الأردن. وكان الأب عطا الله سخر من القرار، ووصفه بأنه «شيطاني». وقال مستهزئاً: «أبلغوني أن غبطة البطريرك أنعم عليّ بنقلي إلى القدس وتعييني مرشداً روحياً لأدب النهضة الروحية في كافة أرجاء فلسطين ولأعلمها للعالم بأسره، لكن هذه الغبطة كانت رياء وكذباً وعملاً شيطانيا». وأضاف أن «القرار يعبر عن تصفيات شخصية للإكليروس العربي الوطني، أصحاب الرؤى النهضوية الروحية، وتحقيقاً لأهداف وأجندات غربية عن بنيان الكنيسة، ومصلحة الرعية». في السياق ذاته، رفض المجلس المركزي الأرثوذكسي في الأردنوفلسطين قرار نقل عطالله لمنصب الموجه لمدارس بطريركية الروم الأرثوذكس في القدس. واعتبر أن القرار يمثل «نقلا تأديبياً» لعطالله، و»استفزازاً» لمشاعر ابناء الكنيسة. وطالب رئيس الجمعية الارثوذكسية في عمان باسم فراج بسحب القرار فوراً، وأكد أن أبناء الكنيسة «سيضطرون لاتخاذ إجراءات فعلية يكفلها قانون البطريركية». ويعكس الإجراء الأخير بحق عطاالله «انقساماً حاداً داخل الطائفة المسيحية بسسبب تعرضها الى هيمنة الكنيسة اليونانية»، على حد معارضي القرار. ويرى هؤلاء أن الكنيسة اليونانية «تسعى إلى اختيار بطاركة ليسوا عرباً عوضاً عن احتفاظهم بعلاقات مع إسرائيل»، كما يتهمون بطريرك اليونان ب»مباركة بيع أوقاف الكنيسة العربية وأراضيها في القدس وخارجها». من جهتها، رفضت الحكومة الأردنية التعليق على القرار. وفي حين قال مصدر رسمي إن «الحكومة ستطبق القانون وتنفذ قرار بطريركية القدس»، قال مصدر رسمي آخر إن «السلطات تراجعت نسبياً بعد احتجاج المسيحيين». بدوره، قال النائب عن المقعد المسيحي في البرلمان الأردني جميل النمري تعليقاً على موقف الحكومة الأردنية: «ليس مطلوباً من حكومتنا أن تتدخل في هذا الشأن». لكنه أضاف أن «وزير الداخلية الأردني حسين المجالي أعرب عن تفهمه لغضب المسيحيين الأرثوذكس، وأبلغنا أنه لن يتم اتخاذ أي قرار خارج إرادة الرعية المسيحية». يذكر أن قرار الأب عطالله يمس نحو 300 ألف مسيحي من أبناء الطائفة الأرثوذكسية في الأردن.