قد يبدو الخروج من منطقة اليورو حلاً مناسباً لقبرص، المرغمة على تطبيق إصلاحات بالغة الصرامة لتفادي الإفلاس، لكن المحللين يحذرون من أن هذا الخيار ينطوي على مخاطر كبرى بالنسبة إلى اقتصاد الجزيرة القائم على الاستيراد. واعتبر معهد المالية الدولية الذي يمثل كبرى مصارف العالم أنه سيكون "من الأسهل بكثير على هذا البلد الصغير أن ينهض بفضل تخفيض في قيمة عملته وهو أمر مستحيل في ظل اعتماده العملة الأوروبية المشتركة". وهو أيضاً رأي الاقتصادي الأميركي الحائز جائزة نوبل بول كروغمان الذي رأى أن "اعتماد قبرص عملة جديدة سعرها منخفض سيسرع بشكل كبير إعادة بنائها الاقتصادية، اذ سيسمح لها بزيادة تنافسية قطاعات اقتصادية فيها مثل السياحة والزراعة من خلال لعبة أسعار صرف العملات". إلا أن أستاذ الاقتصاد الكلي في جامعة قبرص ماريوس زاخاريادس يرى أن "هذا الخيار غير مجد"، موضحاً أنه "سيؤدي إلى زيادة كبيرة في كلفة الواردات في حين أن الجزيرة تعتمد بشدة على الاستيراد، لا سيما في مجال الطاقة". وقال زاخاريادس إن "زيادة كلفة كل المواد المستوردة قد يؤدي على العكس إلى تراجع في تنافسية اقتصادنا، ما لم نعمد إلى تخفيض الأجور بشكل كبير". وقد توقعت المحللة الاقتصادية فيونا مولين أن "يؤيد الرأي العام بشكل متزايد الخروج من اليورو مع ارتفاع نسبة البطالة وتبني إجراءات التقشف". من جهته، دعا رأس الكنيسة الأرثوذكسية القبرصية الواسعة النفوذ المونسنيور خريسوستوموس الثاني إلى "خروج منظم من منطقة اليورو". إلا أن فيونا مولين حذرت من أنه "في حال اختارت قبرص الخروج من اليورو فقد تنفد لديها سريعاً العملات الأجنبية المطلوبة لدفع ثمن وارداتها". وذكّرت الخبيرة أنه "عند انضمامها إلى اليورو تخلت قبرص عن القسم الأكبر من احتياطيها بالعملات الصعبة، واليوم لم تعد الجزيرة تملك سوى 450 مليون دولار، أي ما يكفي لدفع كلفة أسبوعين من الواردات". كما لفتت إلى أنه ليس هناك "أي إطار قانوني لهذا الخروج من اليورو، اذ أن مثل هذا الخيار، في ظل النصوص الأوروبية المتبعة يعني الخروج من الاتحاد الأوروبي، وهو خيار لا يحظى بالإجماع". وقد أبدت السلطات القبرصية تصميمها، وأكد الرئيس نيكوس أنستاسيادس الأسبوع الماضي "لن نخرج من اليورو"، فيما اعتبر حاكم البنك المركزي الأوروبي ماريو دراغي أن "لا خطة بديلة لقبرص".