في أجواء من الحزن والغضب شارك الآلاف في تشييع جثمان الأسير الفلسطيني ميسرة أبو حمدية وشابين آخرين استشهدا ليل أول من أمس في واحدة من أسوأ موجات العنف التي اندلعت بالضفة الغربية منذ أعوام. وحمّل الرئيس الفلسطيني محمود عباس إسرائيل مسؤولية «التصعيد» في الأراضي الفلسطينية حيث حذرت الرئاسة من تداعيات هذا التصعيد على جهود السلام الأميركية. وأقيمت جنازة عسكرية لأبو حمدية في الخليل أمس حيث تجمع آلاف الفلسطينيين في شوارع المدينة لرؤية الموكب الذي نقل جثمان أبو حمدية إلى المسجد قبل دفنه. وتوفي أبو حمدية (64 عاماً)، المعتقل منذ عام 2002 والمحكوم بالسجن المؤبد والمصاب بالسرطان، صباح الثلثاء في مستشفى إسرائيلي، واتهم المسؤولون الفلسطينيون إسرائيل بالإهمال في علاجه. وشهدت مدن الضفة الغربية تظاهرات احتجاجاً على استشهاد أبو حمدية، ليل الأربعاء - الخميس، فتصدى لها الجيش الإسرائيلي فاستشهد في طولكرم شابان فلسطينيان عامر نصار (17 عاماً) برصاصة في رأسه وقريبه ناجي بلبيسي (19 عاماً) الذي أصيب أيضاً برصاصة في الرأس أطلقها جنود إسرائيليون فتحوا النار على مجموعة من الفتيان كانوا يرشقون حاجزاً عسكرياً إسرائيلياً بالحجارة. وأقيمت جنازة شعبية غاضبة في قرية عنبتا، شرق طولكرم التي أغلقت محالها ومدارسها شارك فيها حوالى 6 آلاف شخص وردد المشاركون شعارات تدعو للانتقام وحملوا الأعلام الفلسطينية. وقال معاذ كنعان صديق عامر نصار «كان دائماً صاحب روح وطنية، وأول من يذهب إلى المسيرات. لقد قتلوه بدم بارد». وحمل أفراد من قوات الأمن الفلسطينية يرتدون الزي الرسمي جثماني نصار وبلبيسي في شوارع عنبتا التي امتلأت بالفلسطينيين. وظهر وجها الشابين المخضبين بالدماء بوضوح أثناء تشييع جثمانيهما. في غضون ذلك، قال الرئيس الفلسطيني في كلمة له في اليوم الثاني لاجتماعات المجلس الثوري لحركة «فتح» في رام الله أمس، إن «إسرائيل تتحمل المسؤولية الكاملة عن التصعيد في الأراضي الفلسطينية وتسعى لإثارة الفوضى وكان نتيجة هذا التصعيد شهيدين من أبناء شعبنا الليلة الماضية». وأكد أن الإسرائيليين «لا يريدون أي خطوة تجاه السلام». وتأتي تصريحات عباس قبل أيام من لقائه مع وزير الخارجية الأميركي جون كيري في عمان في محاولة لدفع محادثات السلام قدماً مع إسرائيل. وأضاف عباس «يبدو أن إسرائيل تسعى إلى بلبلة الأجواء وإثارة الفوضى في الأراضي الفلسطينية لأنه من غير الممكن أن تقوم تظاهرات سلمية بإنتاج شهيدين وقبلها شهيد وقبلها شهداء». ورأى عباس أن هذه التصرفات تدل على أن إسرائيل «تريد تصعيد الوضع الأمني في الأراضي الفلسطينية لأنها لو كانت حريصة على الأمن والعلاقات لما استعملت القوى القاتلة ضد المتظاهرين». وأردف «إسرائيل هي التي تتحمل المسؤولية أولاً وأخيراً ليس فقط عما يجري اليوم وإنما عما يجري غداً وبعد غد». وأوضح عباس أنه على رغم حرص السلطة الفلسطينية على الأمن والاستقرار فإن إسرائيل «في كل مناسبة تستعمل هذه القوة القاتلة ضد المتظاهرين السلميين. والتظاهرات السلمية تقمع بقوة السلاح. وهذا لم يعد مقبولاً على الإطلاق». وكان عباس أعلن الأربعاء أن «القيادة الفلسطينية تعطي الأولوية لقضية الأسرى وإنهاء معاناتهم»، مضيفاً أن «الإنجازات التي تحققت في الأممالمتحدة بحصول فلسطين على دولة مراقب في الجمعية العامة لن تضيع هباء، وسنذهب لآخر العالم لحماية أسرانا وكل أبناء الشعب الفلسطيني» في تلميح إلى إمكان إحالة هذا الملف إلى المحكمة الجنائية الدولية. وأكد الرئيس الفلسطيني أن قضية بقاء الأسرى «خلف القضبان وإنهاء حياتهم لا يمكن السكوت عنها، وهي تتصدر اجتماعاتنا ولقاءاتنا مع المسؤولين العرب والدوليين كافة». وزاد أن «القيادة الفلسطينية طالبت وتطالب بالإفراج عن جميع الأسرى، خصوصاً الذين اعتقلوا قبل اتفاق أوسلو، والأسرى المرضى والأطفال والنساء». وإذ أكد عباس أن «لدينا ما نفعله ونقوله»، قال «على الاحتلال احترام اتفاقيات جنيف التي تنطبق على الأرض الفلسطينيةالمحتلة لأنها أراضي دولة تحت الاحتلال»، مندداً ب «تهرب الحكومة الإسرائيلية من التفاهمات التي تمت مع رئيس الوزراء الإسرائيلي الأسبق إيهود أولمرت حول الإفراج عن عدد من الأسرى». وحذرت الرئاسة الفلسطينية من «العواقب الوخيمة» للتصعيد الإسرائيلي الخطير. وقال المتحدث باسم الرئاسة نبيل أبو ردينة في تصريح صحافي إن الحكومة الإسرائيلية «تقف وراء هذا التصعيد وتتحمل مسؤوليته ومسؤولية تداعياته الخطيرة على الجهود الأميركية والدولية لاستئناف المفاوضات.