ينتظر أن تنتهي الاستشارات النيابية التي سيجريها الرئيس اللبناني ميشال سليمان لتسمية الرئيس المكلف تأليف الحكومة الجديدة الى اختيار النائب عن بيروت تمام سلام بأكثرية قد تفوق 68 نائباً من أصل 128، وبدعم من قوى 14 آذار و «جبهة النضال الوطني» النيابية برئاسة وليد جنبلاط. فيما نشطت الاتصالات بين قوى 8 آذار لاتخاذ قرارها في شأن من تسمي في الاستشارات وسط إشارات الى أن بعض قواها لا يعتبر سلام استفزازياً لها. وتكرّس ترشيح سلام، الذي طرح منذ أيام في إطار مشاورات زعيم تيار «المستقبل» رئيس الحكومة السابق سعد الحريري مع قيادة التيار ورئيس الحكومة السابق فؤاد السنيورة، في الاجتماع الموسع الذي عقدته قيادات قوى 14 آذار مساء أمس في دارة الحريري في بيروت، وبعدما أبلغ رئيس «جبهة النضال الوطني» النيابية وليد جنبلاط (7 نواب) قيادة 14 آذار والنائب سلام تأييده ترشيحه. وكان سلام الذي زار السعودية للتعزية بوفاة الأمير بدر بن عبدالعزيز آل سعود، اجتمع مع الحريري في الرياض قبل أن يعود مساء وينضم الى اجتماع قوى 14 آذار، حيث استقبله الحاضرون وقوفاً مع التصفيق له. وترافق تظهير اسم سلام مع إعلان رئيس الحكومة المستقيل نجيب ميقاتي أنه يعتذر «سلفاً وأشكر صادقاً كل من يسميني للتكليف ولا يسعني قبول هذا الشرف إلا إذا توافرت لي النسبة الأكبر والأوفر من إجماع الأطراف كافة ومن الشركاء كافة في الوطن». وكرر تمنيه «على الجميع السعي الى التكافل والتعاضد والنجاح لمن سيتولى المسؤولية». وقالت مصادر مطلعة إن ميقاتي سارع الى إصدار بينه للحؤول دون ما تناهى إليه عن أن بعض قوى 8 آذار يبحث في ترشيحه، وأراد قطع الطريق على استخدام ذلك في مواجهة الحريري وسلام. وأشارت الى أن السنيورة اتصل بميقاتي معتبراً أن موقفه «جيد» في إشارة الى أن العلاقة معه «عادت طبيعية». وعلمت «الحياة» أن قرار تأييد ترشيح سلام النهائي اتخذ ليل أول من أمس، وأن الخيار استقر عليه بعد أن كانت طرحت أسماء عدة، بينها النائب السيدة بهية الحريري واللواء المتقاعد المدير العام السابق لقوى الأمن الداخلي أشرف ريفي ومرشحون آخرون. وأوفد جنبلاط الوزير وائل أبو فاعور، للقاء رئيس البرلمان نبيه بري ليوضح له الظروف التي أملت عليه دعم ترشيح النائب سلام لرئاسة الحكومة. وعلمت «الحياة» أن أبو فاعور نقل لبري عن جنبلاط، وفي حضور الوزير علي حسن خليل أن ترشيح سلام هو أفضل الممكن في الوقت الحاضر وأن هناك حاجة لإخراج البلد من التجاذبات. واعتبر جنبلاط أن سلام لا يشكل استفزازاً لأحد ويفترض أن يكون مقبولاً لدى فريق 8 آذار ويحظى بتأييد 14 آذار. وأبدت المصادر ارتياحها لموقف بري لأنه لم يقفل الباب في وجه التوافق على قيام حكومة إنقاذ وطني، خصوصاً أنه صارح وفد قيادات 8 آذار بموقفه هذا عندما التقاه أول من أمس. ونقلت المصادر عن بري تشديده على أن لبنان يجتاز مرحلة صعبة ودقيقة وأن هناك ضرورة للتعاون لتجاوزها وأنه يدعم كل جهد «يؤدي الى التوافق بدلاً من أن ندفع البلد الى المزيد من الانقسام الحاد، وأن المشاورات حول تشكيل الحكومة الجديدة يجب أن تشكل فرصة للبحث عن المشروع الوطني الذي يتلاقى تحت سقفه جميع الأطراف». وذكرت مصادر في 8 آذار أن الرئيس بري سعى الى «تدوير الزوايا» في لقاءاته مع بعض قياداتها، خصوصاً أن أطرافاً آخرين في 8 آذار ينظرون الى سلام على أنه توافقي وليس صدامياً، ودعوا الى اتخاذ الموقف الذي يحفظ إمكان التواصل معه، خصوصاً أنه ابن عائلة سياسية عريقة وتقليدية لها دور تاريخي في التقريب بين اللبنانيين وسبق لأطراف من هذه القوى أن تعاونوا معه انتخابياً وسياسياً. إلا أن أجواء أخرى برزت عصراً في 8 آذار اعتبرت زيارته السعودية ولقاءه الحريري ثم حضوره اجتماع 14 آذار في بيت الوسط استفزازية وطرحت مقاطعة الاستشارات وكان رئيس تكتل الإصلاح والتغيير العماد ميشال عون من بين هؤلاء. وتواصلت المشاورات بين قيادات 8 آذار حتى ساعة متقدمة ليلاً، في محاولة لاتخاذ موقف موحد. وسيعلن عون موقفه قبل ساعة من الاستشارات بعد ظهر اليوم. وذكرت مصادر مراقبة أن اختيار سلام أربك 8 آذار وأن عزوف ميقاتي ضيّق الخيارات أمامها إلا إذا قررت تسمية مرشح منها لتسجيل موقف. وأعلن السنيورة بعد اجتماع قوى 14 آذار مساء أن المجتمعين قرروا تسمية سلام بالإجماع «لما يمثله من التزام وطني وأخلاقي ولكونه يؤمن حقاً بمنطق العبور الى الدولة واحترام الدستور والمؤسسات والميثاق الوطني». وأوضح السنيورة أن المجتمعين «عبروا عن تمنياتهم بأن يحظى سلام بأوسع تأييد وطني من كل القوى السياسية، وبأن ينجح في وقت سريع بتأليف هذه الحكومة». وأكد السنيورة أن نواب قوى 14 آذار و «الجماعة الإسلامية» سيتوجهون بهذا الخيار موحدين الى القصر الجمهوري لإبلاغه الى رئيس الجمهورية». وتمنى التوفيق لسلام «كي يقود هذه المرحلة بالتعاون مع الرئيس سليمان والحكومة العتيدة». ورد سلام بالقول: «إن تسميتي مسؤولية كبيرة في مواجهة استحقاق وطني كبير يسهل عندما يشعر المرء بأن هناك من حوله من يتحسس ومن يتقدم ومن يساهم في تحقيق هذا الاستحقاق على مستوى حكومة تشرف على الانتخابات. هذا الاستحقاق الدستوري الكبير الذي يعزز وطننا الحبيب لبنان». وشكر قوى 14 آذار وأمل «مع كل القوى السياسية بأن نتمكن من تحقيق ما نتطلع إليه جميعاً من نجاح يعود بالخير على لبنان واللبنانيين».