حطّت في مطار رفيق الحريري الدولي في بيروت أمس، طائرة روسية آتية من موسكو، في إطار دعم الدول المانحة للحكومة اللبنانية في إغاثة النازحين السوريين الى لبنان، تحمل على متنها 36 طناً من المواد الغذائية والإيوائية مقدمة من روسيا تسلمتها الهيئة العليا للإغاثة في المطار ممثلة بأمينها العام العميد إبراهيم بشير، في حضور السفير الروسي ألكسندر زاسبكين وأركان السفارة ومسؤولين في الهيئة. وشملت المساعدات بطانيات، مأكولات للأطفال ومواد غذائية، مولداً كهربائياً وأدوات منزلية، وهي الأولى من ضمن أربع دفعات ستصل تباعاً إلى الهيئة العليا للإغاثة لتوزيعها على النازحين من سورية. وأكد بشير أن الهبة ستوزع وفقاً لآلية توزيع وضعت بالتنسيق بين السفير الروسي وأمين عام الهيئة لتطاول بالدرجة الأولى النازحين من سورية إلى لبنان الذين لا يستفيدون من أي مصدر آخر لأسباب خاصة بهم. وأعلن زاسبكين من جهته، أنه «تم الاتفاق المبدئي على تقديم هذه المساعدة الإنسانية خلال اللقاء الذي تم في موسكو في كانون الثاني (يناير) الماضي بين الرئيسين فلاديمير بوتين وميشال سليمان، على أساس أننا متعاطفون مع الناس السوريين ومع اللبنانيين». وأكد «النهج المستقيم لروسيا الاتحادية لمصلحة التسوية السياسية للنزاع السوري من طريق وقف العنف وإجراء الحوار بين السلطات السورية والمعارضة وفقاً لبيان جنيف، وهذا النهج المستقيم لن يتغير وسنواصل الجهود لتكون الإرادة السياسية للمجتمع الدولي تصب في خانة التفاوض لمصلحة الحل السلمي في سورية». وعما إذا كانت المساعدات ستشمل النازحين السوريين جميعاً من موالين ومعارضين للنظام في سورية، قال: «هذا الأمر إنساني بحت ولا يوجد فرق بين أي سوري نازح وآخر موجود على الأراضي اللبنانية، ولدينا تواصل كامل مع الهيئة العليا للإغاثة وهناك تعاون كامل في ما بيننا وسنشارك عبر موظفين في السفارة في توزيع هذه المساعدات». وأعلن أن الدفعة الثانية ستصل في 10 نيسان (أبريل) الجاري والدفعتان الأخريان خلال النصف الثاني منه. ودعا إلى «اتخاذ إجراءات فورية لوقف العنف وتعيين المفاوضين من جانب المعارضة لإجراء الحوار مع السلطات السورية، وهذا هو الطريق إلى بيان جنيف وليس الإجراءات الأخرى التحريضية أو غيرها التي تعرقل التسوية. ونرى خلال الأيام الأخيرة انتشاراً أوسع للأعمال الإرهابية، فيجب إعادة النظر في المواقف التحريضية والعودة إلى المجرى السياسي». وعن رغبة الولاياتالمتحدة في تسليح المعارضة السورية، أجاب زاسبكين: «الموضوع ليس تغيير موازين القوى، إنما أهم شيء الآن هو إيجاد إرادة مشتركة للمجتمع الدولي على أساس اتفاقية جنيف، وهذا ما تم التوصل إليه من قواسم مشتركة للأطراف جميعاً». وأوضح أن اللقاء المرتقب بين الرئيسين الروسي فلاديمير بوتين والأميركي باراك اوباما في حزيران (يونيو) المقبل «يلعب دوراً كبيراً جداً، ولكن في الوقت نفسه تجب تهيئة الأجواء من قبل كل الأطراف ليكون اللقاء الروسي-الأميركي بالتزامن مع اتصالات أخرى عن طريق مشاركة أوسع من قبل المجتمع الدولي، وعندها سيمكن تحقيق التقدم». وتمنى أن «يتغلب الشعب اللبناني والأحزاب السياسية في هذه المرحلة الحساسة على كل الصعوبات لإيجاد المخارج من المشاكل، لذلك نرى أن إجراء الانتخابات النيابية في لبنان أمر ضروري جداً ليس فقط لتأكيد التزام لبنان المعايير الديموقراطية بل لتنقية الأجواء وتحسين الأمور وتقريب وجهات النظر بين التكتلات الأساسية ولتأمين التغطية السياسية للسلطات اللبنانية والجيش اللبناني من أجل تعزيز مؤسسات الدولة»، مشيراً إلى أن «تشكيل الحكومة الجديدة في لبنان والأمور المتعلقة بشكلها وطبيعتها وتفاصيل إجراء الانتخابات النيابية كلها شؤون داخلية في لبنان، ونحن نتمنى من كل الأطراف الخارجية، كما تعمل ذلك روسيا، تشجيع الأصدقاء وكل الأطراف في لبنان على إيجاد القواسم المشتركة ليحصل التوافق في هذا البلد قبل كل شيء». «بيروت إنستيتيوت» في السياق، أعلن السفير السعودي لدى لبنان علي بن عواض عسيري، أن بلاده من أولى الدول التي قدمت مساعدات إلى النازحين السوريين إلى لبنان والأردن وتركيا، وهي تواصل تقديم هذه المساعدات، كما أنها تنسق في ما خص المساعدات المقدمة إلى لبنان مع كل من وزارة الشؤون الاجتماعية والهيئة العليا للإغاثة. وقال السفير السعودي على هامش جلسة نقاش نظمتها مؤسسة «بيروت إنستيتيوت» في فندق «فور سيزنز» في بيروت أمس، تحت عنوان «محنة اللاجئين: الاستجابة الإنسانية بين القيم والسياسة»، إن المواد الإغاثية التي توزعها السعودية في لبنان يتم شراؤها من لبنان ما يؤدي إلى تحريك الدورة الاقتصادية فيه، كما جرى التعاقد مع مستشفيات وصيدليات لتأمين الطبابة للنازحين المرضى، وجرى إنشاء مراكز بتمويل سعودي لإيواء النازحين. وتحدث السفير التركي أونان أوزيلديز، عن تسهيلات تقدمها تركيا لرجال الأعمال السوريين الراغبين في نقل أعمالهم إلى تركيا بسبب الأوضاع الأمنية في سورية. أما الملحق بالأعمال الأردني عارف الوريكات، فنفى أن تكون بلاده أقفلت الحدود في وجه النازحين السوريين، معلناً أن في بلاده ثلاثة مخيمات تؤوي نحو 400 ألف نازح. وتحدث عن أن أعداد النازحين وحاجاتهم تفوق ما يقدمه المانحون. وترأست جلسة النقاش المؤسسة والرئيسة التنفيذية ل «بيروت إنستيتيوت» الزميلة راغدة درغام، وحضرها رئيس منظمة الصليب الأحمر الدولي بيتر مورر، والوزراء في حكومة تصريف الأعمال اللبنانية وائل أبو فاعور (الشؤون الاجتماعية)، علي حسن خليل (الصحة)، مروان خيرالدين (وزير دولة)، وحسان دياب (التربية)، والنائبان غسان مخيبر وجوزف معلوف، وسفراء السعودية وتركيا والدنمارك وفلسطين، وممثلة المفوضية العليا المتحدة لشؤون اللاجئين نينات كيللي وشخصيات.