استمر التجاذب السياسي اللبناني الداخلي على أشده حيال الأزمة السورية وشهد أمس تناقضاً في الموقف حيال مقاربة الدور الروسي حيالها، إذ أعلن رئيس الحزب التقدمي الاشتراكي وليد جنبلاط أنه لا يزال يعلق «أهمية على توافق دولي تضطلع روسيا فيه بدور أساسي لإنقاذ سورية، وهذا يتطلب تحركاً سريعاً لأن التجارب مع النظام السوري علمتنا أنه يجيد لعبة التسويف والمماطلة، فيما أكد «حزب الله» تقديره للدور المتوازن الذي تؤديه روسيا تجاه أزمات المنطقة، والذي يكرّس التوازن في مجلس الأمن. وبينما أعلن السفير الروسي في بيروت ألكسندر زاسبكين أن «هناك مبالغات في تصرفات السلطات (السورية)، ونحن نشير الى ذلك وفي الوقت نفسه الى المجموعات المسلحة»، بعد استقباله رئيس كتلة نواب «حزب الله» النائب محمد رعد على رأس وفد للتهنئة بانتخاب فلاديمير بوتين رئيساً للاتحاد الروسي، ثمّن وزير الخارجية اللبناني عدنان منصور الذي يزور موسكو للقاء نظيره الروسي سيرغي لافروف اليوم، الموقف الروسي من الأزمة السورية، معتبراً أنه إيجابي وموضوعي. وقال: «المسألة في سورية ليست مسألة إصلاحات ولا مسألة معارضة لها مطالب، إنما هذه اتخذت ذريعة لتصفية الحسابات مع سورية وإنهاء دورها المعارض للهيمنة الإسرائيلية في المنطقة العربية والداعم لحركات المقاومة في المنطقة». وكان جنبلاط قال إن «المنطقي أن يكون أي حل سياسي منحازاً الى الشعب السوري ومطالبه دون سواه»، في معرض حديثه عن دور لروسيا في توافق دولي على ذلك. ورأى جنبلاط أن الشعب السوري لن يتراجع بعد كل التضحيات التي بُذلت. وسأل عن «مدى إمكان التوصل الى حل سياسي في ظل وجود الزمرة العائلية الحاكمة حالياً في سورية والتي فوتت الفرص المتتالية لإنقاذ البلاد من أزمتها». إلا أن النائب رعد سأل: «من هي مرجعية المسلحين التي تزرع الإرهاب وتقتل المدنيين عشوائياً وترسل السيارات المفخخة من أجل إجهاض مهمة كوفي أنان وجهود روسيا؟». وكانت مسألة مساعدة النازحين السوريين الى لبنان مدار تجاذب أمس أيضاً، خصوصاً أن أعداد هؤلاء تزايدت في ظل معلومات عن أنهم باتوا أكثر من 12 ألفاً، في حين شحت أموال الهيئة العليا للإغاثة، المولجة تقديم المساعدات إليهم. ويواجه لبنان استحقاقات تتعلق بالأزمة السورية وتشعباتها بما فيها العلاقة مع إيران، في شكل يومي على الصعد السياسية والإنسانية والمالية، إذ يبدأ وزير الخارجية الأميركية لشؤون الاستخبارات المالية والإرهاب ديفيد كوهين، زيارة لبيروت اليوم للقاء حاكم مصرف لبنان رياض سلامة وعدد من المصرفيين وكبار المسؤولين للبحث في العمليات المالية التي تجريها مصارف إيرانية وأخرى سورية خاضعة للعقوبات الأميركية. من جهة ثانية، استقبل رئيس مجلس النواب نبيه بري أمس في عين التينة، المنسق الأميركي الخاص لشؤون المنطقة فريدريك هوف، في حضور المستشار الإعلامي علي حمدان. وعرض هوف لبري نتائج مساعيه حول الحدود البحرية والمنطقة الاقتصادية الحصرية. وأكد بري «إصرار لبنان على الإفادة من ثروته النفطية في كل المنطقة الاقتصادية، انطلاقاً من حقه وحاجته الى استثمار هذه الثروة وفق جدول زمني وضعته الحكومة اللبنانية لهذه الغاية».