أكد ملك البحرين حمد بن عيسى آل خليفة حرصه الشديد على إشاعة السلام والتفاهم بين أبناء المنطقة لما في هذا من تعزيز لمصالحهم. وشدد خلال لقائه بأعضاء «المنتدى العربي - التركي» الذي انعقد في البحرين على مدى اليومين الماضيين، على أهمية عمل هذا الملتقى الذي يسعى الى تعميق العلاقات الثقافية والإنسانية، والتي بدورها ستقود الى تبادل أوثق للتجارب الاجتماعية والثقافية بين الدول العربية وتركيا. واستعرض الملك حمد أمام زواره مسيرة الإصلاح في البحرين، وإصرار المملكة على المضي في هذه المسيرة والنهج الديموقراطي. وشارك في اعمال المنتدى تحت شعار «نداء المنامة» وزيرة الإعلام والناطقة الرسمية باسم الحكومة البحرينية سميرة رجب، ووزراء الإعلام السابقين الأردني صالح القلاب والفلسطيني ياسر عبد ربه والبحريني الدكتور محمد عبدالغفار الذي يرئس معهد البحرين للدراسات، والمستشار الإعلامي للملك البحريني نبيل الحمر، والمفكر العربي الدكتور محمد الرميحي، ومجموعة من الخبراء ورؤساء المنتديات الثقافية والفكرية. ومن الجانب التركي شارك رئيس المنتدى العربي - التركي ارشاد هورموزلو وعدد من النواب والمثقفين الأتراك. كما رعت المنتدى وشاركت فيه المحامية الشيخة هيا بنت راشد آل خليفة، الرئيسة السابقة للجمعية العامة في الأممالمتحدة. وأجمع المشاركون على أهمية التطلع الى المستقبل في بناء العلاقات العربية - التركية، وأكدوا في بيانهم الختامي على «مبدأ الحوار بين الشعوب بتجرد وموضوعية، خصوصاً وأن العالم اليوم مليء بالتحديات الجديدة، وطافح بالمفاجآت غير المتوقعة، وهناك الكثير مما يستطيعه الشعبان العربي والتركي مما يتعلمونه من بعضهم البعض، وذلك من أجل خلق وعي جديد يعتمد على المعرفة وإرادة سياسية والتزام بما تفرضه المسيرة العالمية من احترام حقوق الإنسان وضوابط الحريات والعيش المشترك وتقاسم ثمار التنمية، وهذا كله يحتاج الى تحقيق الاستقرار وإشاعة السلام بين الشعوب». ودعا البيان جميع الهيئات الرسمية والشعبية الى «اعتماد الحوار البناء من دون الالتفات الى تساؤلات الماضي والدعوات التحريضية من داخل المنطقة وخارجها، والعمل على توطيد العلاقات الوثيقة المبنية على الود وتغليب المصلحة العامة والتطلع الى المستقبل». كما أشار البيان الى «مشاعر الإحباط التي تعيشها الأجيال الحالية والسابقة من جراء التخلف وعدم مواكبة التطورات الحضارية، والتي لا بد من التصدي لها من طريق التعليم المتطور والتعاون البنّاء»، وشدد على ان الملتقى «لا يعبر عن أي التزامات سياسية في البلدان التي تعيش فيها شعوب المنطقة، وفي الوقت نفسه لا يقف ضد أي توجهات ما دامت لا تتعارض مع الحقوق الأساسية للأفراد والمجتمعات، بل انه يصبو للعمل مع الجميع بمختلف اتجاهاتهم لتحقيق هذه الأهداف». واعتبرت الشيخة هيا آل خليفة في كلمتها خلال الجلسة الافتتاحية أن العرب والأتراك مرّوا بمراحل تاريخية ودخلوا في جدل عبثي أيديولوجي كان أساسه معلومات خاطئة وتفسيرات مبتسرة، مما عمق الخصومة وضخم الفوارق، إضافة الى هول الترتيبات التي أعقبت الحرب العالمية الثانية، والخطاب العربي المنفعل بعدها». وشددت الشيخة هيا على «أهمية إعادة النظر وتقويم التجارب، خصوصاً وأن التقدم هو حصيلة كل القرارات الصائبة، والتخلف هو نتيجة كل القرارات الخاطئة»، مشيرة الى أن تشكيل هذا المنتدى وتفعيله قرار صائب. وأعلن مستشار الرئيس التركي أرشاد هورموزلو أن الهدف من إنشاء المنتدى تعميق الحوار بين العقلين العربي والتركي وتحقيق أوجه التعاون والتبادل في جميع المجالات وأهمها المجال الاقتصادي والثقافي. وأشار الى تسجيل المنتدى على أسس النظام التركي الذي يسمح بتأسيس هكذا منتديات تهدف الى تبادل الافكار، مشدداً على أن الملتقى غير معني بالتوجه السياسي أو الأيديولوجي، بل هو عمل تطوعي بحت. وأضاف أن المواطن التركي وكذلك النظام كانا من الداعمين دوماً للقضايا العربية، خصوصاً في السنوات الأخيرة. وتحدثت وزيرة الإعلام البحرينية سميرة رجب عن تجربة البحرين في احتضان القيم الحضارية والحداثة الإنسانية، نتيجة مجتمعها المنفتح الذي يتمتع بسقف عال من الحريات والمحافظة على التراث والفكر الإسلامي. من جانبه، ركز نبيل الحمر على دور الإعلام في تعميق ونشر ثقافة الحوار، مشيداً بالعلاقات الإعلامية بين المؤسسات والإعلاميين الأتراك والعرب. أما الأمين العام ل «مؤسسة الفكر العربي» الدكتور سليمان عبدالمنعم فشدد على ضرورة الاعتناء بالترجمة بين اللغتين التركية والعربية لنشر الحوار. من جهته، اعتبر الدكتور عبدالعزيز بن عثمان بن صقر، رئيس «مركز الخليج للأبحاث» أن «التحالف التركي - العربي سيعطي عمقاً كبيراً لثقل الديبلوماسية الإسلامية في المحافل الدولية، لأنها ما زالت غير مفعلة بالشكل الصحيح، وما زالت إمكاناتها وثقل أكثر من بليون مسلم محدودا التأثير في عالم السياسة الدولية». وتحدث الدكتور صادق الفقيه رئيس «منتدى الفكر العربي» عن تجربة المنتدى الناجحة في الحوار مع الجانب التركي، مضيفاً أن الطرفين بحاجة لبعضهما البعض. وشدد الدكتور محمد الرميحي على استراتيجية العلاقة العربية - التركية وأهمية تعاون مراكز الدراسات من الجانبين لإشاعة الوعي والحوار بين المثقفين والمجتمع ككل حول أهمية هذه العلاقة. وناشد الدكتور محمد عبدالغفار وزير الإعلام البحريني السابق الجميع عدم التوقف عند الماضي، بل النظر الى المستقبل وتحدياته، مشيداً بمذكرة التفاهم بين تركيا ودول مجلس التعاون الخليجي، داعياً الى علاقات أعمق في الثقافة والاقتصاد والدفاع، لأن هناك أخطاراً تتعلق بالكينونة، مثل السلاح النووي الإسرائيلي وخطورة التسلح النووي الإيراني. أما وزير الإعلام الأردني السابق فقد دعا الى توسعة رقعة الأعضاء والمشاركة في المنتدى لتشمل جميع العرب والأتراك من مختلف الديانات والمذاهب والمنظومات الفكرية، مشيداً باستقبال ملك البحرين لأعضاء المنتدى، وإرشاده لهم، زمؤكداً أن عمل المنتدى شاق وطويل وجدي.