المملكة تدين وتستنكر الهجوم الذي استهدف موكب رئيس جمهورية الصومال الفيدرالية    المملكة تدين استئناف الاحتلال العدوان على غزة وقصف الأراضي السورية    مجلس الوزراء يستعرض مسارات دعم المشروعات التنموية والخدمية    الاتحاد يتغلّب على القادسية الكويتي في نصف نهائي غرب آسيا لكرة السلة    نائب أمير منطقة جازان يكرّم الفائزين في مسابقة الملك سلمان المحلية لحفظ القرآن الكريم    جمعية دعم الأوقاف تطلق ثماني خدمات نوعية للقطاع الوقفي    قطاع ومستشفى بلّسمر يُنفّذ حملة "صم بصحة"    "خطاب الإنتماء" ندوة علمية في تعليم سراة عبيدة ضمن أجاويد3    الدفاع المدني : استمرار هطول الأمطار الرعدية على معظم مناطق المملكة حتى الأحد المقبل    نائب أمير منطقة جازان يكرّم الطلبة الفائزين بجائزة "منافس 2024م"    نائب أمير تبوك يطلع على التقارير السنوي لتنمية الموارد البشرية هدف    مشاريع السعودية تحافظ على استقرار القطاع المصرفي الخليجي    ديوانية غرفة تبوك الرمضانية بوابة لتعزيز الشراكات وترسيخ المسؤولية الاجتماعية    جمعية البن بمنطقة عسير شريك استراتيجي في تعزيز زراعة الأرابيكا    المودة تحتفي باليوم العالمي للخدمة الاجتماعية بتأهيل 6,470 أخصائيًا    اكتمال عناصر الأخضر.. كنو يواصل العلاج    مبادرة "عون تقني" تقدم خدماتها لضيوف الرحمن    نائب أمير حائل يستقبل عددًا من أبناء مركز الدكتور ناصر الرشيد لرعاية الأيتام بالمنطقة    رئيس الاتحادين الكويتي والآسيوي للألعاب المائية الشيخ خالد البدر الصباح: الألعاب المائية في آسيا أسرة واحدة    إطلاق الدورة الثانية لفرع هيئة الصحفيين بعسير وتوقيع شراكات استراتيجية    منتخب "23" يواجه عمان في افتتاح "غرب آسيا"    التخصصات الصحية تعلن بدء التقديم على 3 برامج تدريبية    16 مصلى لكبار السن وذوي الإعاقة بالمسجد النبوي    وزير السياحة يتجول في معالم المدينة    الفطر سلاح فعال ضد الإنفلونزا    11% انخفاض ضبطيات الدراجات المخالفة    هدايا الخير لمرضى ألزهايمر    مدارس نهج العالمية تطلق مبادرة "نهجنا لمستقبل مشرق" في أجاويد 3 بعسير    20 نقطة للتطوع في مفاضلة فرص المعلمين    الإدارة العامة للأمن المجتمعي.. تعزيز الحماية وصون الكرامة    نفاد تذاكر مواجهة الأخضر السعودي والصين في تصفيات مونديال 2026    440 مبتعثا صحيا وكندا الوجهة المفضلة ب33 %    موسم ثالث للتنقيب الأثري بالليث    الذاكرة المستعارة في شارع الأعشى    رسمياً... إجازة إضافية لطلاب وطالبات ومنسوبي التعليم بمدن جدة ومكة والطائف    "أخضر الشاطئية" يكثف تحضيراته للمشاركة في كأس آسيا    الكشخة النفسية    النقد الأدبي الثقافي بين الثوابت المنهجية والأمانة الفكرية    3 جهات للإشراف على وجبات الإفطار بالمدينة المنورة    منصات وزارة الداخلية تُكثّف توعية قاصدي المسجد الحرام والمسجد النبوي خلال شهر رمضان    دعوات ومقاعد خاصة لمصابي الحد الجنوبي في أجاويد 3    مراكز متخصصة لتقييم أضرار مركبات تأجير السيارات    إقبال على دورات الإنعاش القلبي    تبقى الصحة أولى من الصيام    الأهلي والهلال في الإنماء والفيصل يستقبل النصر    محافظ الطوال يشارك في الإفطار الرمضاني الجماعي للمحافظة    وزير الداخلية يرأس الاجتماع السنوي لأمراء المناطق    مشروع ولي العهد يُجدّد مسجد العباسة بجازان    سمو ولي العهد يُطلِق خريطة "العمارة السعودية" لتعزيز الهوية العمرانية في المملكة    تجهيز كنو لمواجهة السعودية والصين    مستشفى خميس مشيط العام يُنفّذ فعالية "الشهر العالمي للتغذية"    الإدارتان الجديدتان تسعيان لسيادة الدولة وحصر السلاح بيدها.. حزب الله يشعل الحدود لإفساد العلاقات اللبنانية – السورية    وسط تحسن العلاقات والتواصل بين ترامب وبوتين.. الضمانات الأمنية حجر الزاوية لإنهاء الحرب الروسية – الأوكرانية    العلم الذي لا يُنَكّس    وكيل وزارة الداخلية لشؤون الأفواج الأمنية يتفقّد قوات الأفواج بمنطقة نجران    طويق جازان في مبادرة إفطار مرابط بالحد الجنوبي    وفاة الأميرة نورة بنت بندر آل سعود    نائب أمير منطقة مكة يستقبل رئيس المحكمة الجزائية بجدة    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



حقوق المصريات تصنع في الميدان بعيداً من «صالونات المثقفات»
نشر في الحياة يوم 01 - 04 - 2013

ولّت أيام كانت فيها الحركة النسوية المصرية عبارة عن سيدات في منتصف العمر وقاعات مكيفة مغلقة ومنصات منمقة وبوفيهات مفتوحة وأخرى تسبقها مقبلات وتذيلها فواكه وقهوة مضبوطة. وهي إن لم تكن ولت فعلياً، بدليل استمرار حجز قاعات الفنادق الكبرى وتمويل مؤتمرات النسويات والحرية، لكنها أدبرت واقعياً عبر بزوغ روح نسوية شابة دماؤها جديدة وأفكارها غير رتيبة وتعمل بالدفع الذاتي.
ولأن الدفع الذاتي لا يأتي عادة ممولاً من جهات أجنبية مانحة، أو مزوداً بمواثيق أممية ضاغطة، أو مسيراً بقواعد متحجرة، تفجرت موجة نسوية مصرية شابة ضاربة عرض الحائط بأطر الحركات السابقة ونصائح القائدات النسويات النخبويات وباتت مظاهرها واضحة لمن يود أن يرى.
«أرى أن زمن الهوانم اللاتي يلتقين حول شاي و «كيك» الساعة الخامسة ليتحدثن عن حقوق المرأة ومساواتها بالرجل، وأغاني البنت زي الولد ماهيش (ليست) كمالة عدد، وحصص الدين التي تتحدث عن تكريم المرأة وتبجيلها قد انتهى تماماً، حتى وإن استمرت أولئك النسوة في لغوهن، فإنهن يحدثن أنفسهم. بنات وشابات هذا الجيل، أو فلنقل بعضهن، سيحصلن على ما يرين أنه مناسب لهن من حقوق بطريقة أو بأخرى». هذا ما قالته رضوى حسام (19 عاماً) الطالبة الجامعية التي تركب دراجتها الهوائية صباح كل يوم جمعة في شوارع القاهرة مع مجموعة مماثلة من الشابات والشباب في مشهد غير معتاد للغالبية العظمى من المصريين، ممن يرون في قيادة فتاة دراجةً إما رجساً من عمل الشيطان، أو دعوة للتحرش.
قلة قليلة ترى أنها خطوة إلى الأمام، الاتجاه الذي تتحرك نحوه شابات كثيرات هذه الأيام في ما يمكن أن يطلق عليه «حركة نسوية شابة» غير مسبوقة، وإن كانت كثيرات يرفضن كلمة «نسوية» أو حتى «نسائية» لما ارتبطت به الكلمتان على مر العقود إما بالسيدة الأولى، أو باستنساخ غربي لمفاهيم، ليست فقط غير مقبولة، بل غير مفهومة في هذا الجزء من العالم، أو لأن هناك من تعتقد أنها ليست نسوية بل إنسانية.
إنسانية الثورة المصرية التي جمعت شباباً وشابات عاشوا جنباً إلى جنب في ميدان التحرير طيلة 18 يوماً لم يسمع خلالها أحد عن حادثة تحرش أو واقعة اغتصاب تحولت إلى النقيض بعد اتضاح المعالم الأولى من نتائج الثورة غير المكتملة. فبعدما كان شعار «المرأة ثورة» يملأ أرجاء الميدان، وبعدما وقفت طالبات الجامعات المحجبات وغير المحجبات جنباً إلى جنب مع شباب ثوري علماني وآخر متدين تحولت إلى «المرأة عورة»، وعلت أحاديث تكريم المرأة بإعادتها إلى البيت، وإلغاء كل القوانين «الهادمة للأسرة» مثل قوانين الخلع والطلاق وغيرها من الحقوق التي حصلت عليها المرأة بشق الأنفس. وبعد ما كانت أرض الميدان تتسع للشباب من الجنسين، تحولت مع مليونيات الإسلاميين إلى أرض للذكور وركن مخصص للأخوات.
تقول مي ثروت (22 عاماً) وتعمل مدربة رياضية: «لو كانت المسألة تحسب من منطلق عربة السيدات والشرطة النسائية ونكاح الجهاد ومقاهي الشابات لما سمع أحد بأسماء محفوظ أو إسراء عبدالفتاح أو غيرهما ممن كان لهن دور حيوي في انطلاق ثورة يناير، وذلك على رغم الكثير من التحفظ والانتقاد لهما ولغيرهما في ما يختص بمسار الثورة».
وتعود ثروت وتنتقد بشدة اسماً نسائياً شاباً آخر ارتبط بالثورة، ولكن من الباب الخلفي. «هناك نموذج لعلياء المهدي الناشطة على الإنترنت والتي تعد نموذجاً غريباً للشابة المصرية المطالبة بحقوقها وحرياتها، فلم نعتد مسألة التعبير عن الغضب بالتعري أو المجاهرة بالعلاقات الجنسية، حتى وإن كانت بين زوجين، على الملأ.
وهذا أمر لا يتعلق بصعود الإسلاميين إلى الحكم أو هبوطهم عنه، الأمر يتعلق بعادات وتقاليد أؤمن أن كثيراً منها صحيح ويجب الالتزام به، وإلا نجمت عنه آثار عكسية».
علياء المهدي التي توجهت إلى أقصى طرق التعبير عن الرأي والمجاهرة بالاعتراض على الظلم والكبت ووأد الحريات بالتظاهر عارية في السويد حيث حصلت على حق اللجوء، ونشرت قبل ذلك صورها عارية على مدونتها، إضافة إلى صور تجمعها وصديقها المدون المثير للجدل أيضاً والذي حوكم وسجن قبل الثورة بتهمة ازدراء الأديان، حازت شهرة وشعبية في الغرب القادر على تقبل وتفهم هذا النوع من الاعتراض. لكن نصيبها من التأييد أو الدعم داخل مصر جاء شحيحاً للغاية، وعلى استحياء.
وترى موظفة في منتصف العشرينات من عمرها وفضلت عدم الكشف عن اسمها أن «من المفيد أحياناً اللجوء إلى العلاج بالصدمات لإعادة المريض الميؤوس من شفائه إلى الحياة، وربما أقدمت المهدي على التظاهر عارية من هذا المنطلق». لكن المنطلق الأوسع والأشمل حالياً في مصر يكمن في تسجيل التاريخ الحديث وقائع نسائية شابة على مدار العامين والنصف الأخيرين تصب كلها في خانة مضيئة تبدأ بالشعارات التي علت من «صوتها ثورة» أو «بهية يا مصر» أو «ما تجيبها إلا شاباتها» ولا تنتهي عند خطوات جريئة مثل كشوف العذرية التي جاهرت بها الشابة سميرة إبراهيم.
صورة النضال النسائي اليوم تمثلها الشابات اللاتي تعرضن للتحرش الجماعي ومحاولات القتل في ميدان التحرير في ما يمكن أن يطلق عليه «التحرش السياسي»، والفتيات اللاتي ضربن وتعرضن للتعذيب في أحداث الاتحادية التي لم تصل إلى مسامع سكان القصر لكنها ملأت الدنيا صخباً، وفي ميرفت موسى صاحبة الصفعة الإخوانية التي لم تكدر صفو الجماعة أو تؤرق نوم «الناس بتوع ربنا». كذلك لا ننسى الطالبات اللاتي اعتصمن مع زملائهن أمام أبواب جامعة «النيل» اعتراضاً على سلب جامعتهم منهم، والأهم من كل هؤلاء البنت المصرية التي ما زالت لديها القدرة لتنزل من بيتها وتتوجه إلى جامعتها أو عملها مواجهة هذا الكم الهائل من العداء، تارة باسم الدين، وتارة باسم الجهل، وأخرى باسم الجهل بالدين.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.