بلهجة لا تخلو من التهكم الخفي واللغة الكاذبة المتوترة، يدعي شيمون بيريز أنه لا يريد لأطفال غزة سوى «الهواء النقي والسماء الصافية»، ويبدو أن جيشه حقق ذلك بطريقة جهنمية، فسمم الهواء ولوث السماء بأسلحته الفتاكة المحرمة: على كل فقد ثبت أن الهواء النظيف يطيل عمر الإنسان حوالى ثلاث سنوات، وهذا بالتأكيد ما لا يريده مجرم قانا وحامل جائزة نوبل للسلام! فالفلسطيني الميت هو بالتأكيد الفلسطيني الطيب بالنسبة اليه والى أمثاله من الصهاينة! ثم ان الأخبار تقول بأن تسيبي ليفني تتراجع لمصلحة بنيامين نتانياهو، لأن شحنة الإجرام لم تشبع الشعب الصهيوني، وهناك ضابط اسرائيلي كبير مستاء من عدم انجاز المهمة ويقول انهم سيهاجمون مجدداً لكن بعد مرور عام! غزة الجريحة المحاصرة بين مطرقة العدوان الإسرائيلي الإجرامي وسندان الانقسام العربي والداخلي، وعلى رغم المحرقة الجديدة فشلت اسرائيل في تحقيق كل أهدافها، فبقيت «حماس» متماسكة ومحافظة على جزء من مخزونها التسليحي، كذلك نجحت في تحريك القضية الفلسطينية ومعها مشاعر شعوب العالم والعرب والمسلمين تجاهها. هل علينا أن نستغرب تصريحات الرئاسة التشيكية للاتحاد الأوروبي من أن اسرائيل بلد ديموقراطي ودولة قانون، في حين تطالب بريطانيا بتحقيق في استخدام اسرائيل الفوسفور الأبيض! عالم مملوء بالتناقضات والازدواجية البغيضة. في الفيلم الجديد «فالكيري» للنجم توم كروز نشاهد تفاصيل محاولة الانقلاب ضد هتلر التي تمت قبل تسعة أشهر من انتحاره يائساً في مخبئه في برلين. يلخص الفيلم التاريخي المتقن محاولات المقاومة في قيادات الجيش الألماني التخلص من الفوهرر وإعلان حالة الطوارئ لإنقاذ ألمانيا – حينئذ – من مصيرها الدراماتيكي وهزيمتها التاريخية! الشريط السينمائي يثني على روح المقاومة وبسالتها وعنادها، ويخلّد بطل المقاومة الضابط ستاوتنبرغ ويظهره بطلاً تاريخياً مع زملائه ويتوعد النازيين باللعنة والعقاب بحق الجرائم التي ارتكبوها. في المقابل، نتأمل التناقض الكبير تجاه معاملة المجتمع الدولي والغربي تحديداً للمقاومة الباسلة في غزة ولا مبالاته تجاه جرائم الحرب وقتل الأطفال وتدمير المؤسسات بضراوة غير مسبوقة! نتأمل حجم هذا النفاق الدولي المقزز. كيف يقدسون المقاومة إذا كانت تصب في مصلحة الحلفاء وكيف يحتقرونها إذا كانت موجهة نحو نازيي العالم الجدد صهاينة اسرائيل! يكفي المقاومة الفلسطينية صمودها الخارق أمام آلة الحرب الجهنيمة، كما يكفيها الانتصار الكاسح غير المسبوق إعلامياً والذي تمثل في التظاهرات التي عمت عواصم العالم، وربما للمرة الأولى يكتشف العالم حجم الشذوذ والتشويه والإجرام الذي يملكه جيش الدفاع الإسرائيلي. وكما قالت ليفني بأن اسرائيل تصرفت في غزة ك «البلطجي»، فإن يوماً سيأتي يدفع البلطجي فيه ثمن فعلته وسيقدم هؤلاء البلطجيون – مجرمو الحرب – يوماً ما لمحاكمات دولية.