المايا لا يزالون أحياء، فلغتهم لا تزال مستخدمة في المكسيك وثمة إطلاع متزايد على حضارتهم التي تكشف عن غناها في معرض يقام في متحف "كي برانلي" في باريس. ويضم معرض "المايا زمن لا نهاية له" الذي يتناول مواضيع الفلك والسلطة والديانة، حوالى 400 قطعة من بينها تقريباً خمسون تحفة فنية. وثمة نقوش وأقنعة مصنوعة من اليشم والروزنامات الحجرية والمنحوتات تشهد على تقدم هذه الحضارة التي قامت على جزء من أراضي المكسيك وبيليز وغواتيمالا وهندوراس وسلفادور وعرفت ذروتها بين العامين 250 و900 بعد الميلاد. وظلت كتابات المايا لفترة طويلة لغزاً إلاّ أنها بدأت بكشف أسرارها في نهاية السبعينات. وقد تم حتى الآن فك رموز 80 في المئة من هذه اللغة. ويقول منتج المعرض أنريكي اورتيث لانث من المعهد الوطني المكسيكي للانتربولوجيا والتاريخ، إن "رؤيتنا للمايا تغيرت كلياً. فنحن ندرك أنهم بنوا ذاكرتهم الخاصة وماضيهم". وأضاف: "يمكن الآن تحديد نسب بعض المدن أو هوية الأشخاص على النقوش مثل النقش الدقيق جداً الذي يطالع الزائر في المعرض ويمثل الملك كينيش خاناب باكال وحفيديه ومخلوقين خياليين". وتابع: "بات في الإمكان فك رموز لغة المايا لكن ليس من السهل فهمها إذ إن الكتاب في حضارة المايا كانوا غالبا ما يلجأون الى الصور المجازية. فكلمة الموت غير موجودة والنصوص تشير الى "سلوك الدرب" على ما يوضح اورتيث لانث. وكان الزمن هاجساً لدى المايا ويعتبرونه "مرناً وقابلاً للتفسير". وقد استندوا إلى إختراعات الأولمك وهم أول حضارة متقدمة قبل اكتشاف القارة الأميركية، فطوروا أنظمة تقويمية تعمل بالتوازي. فهناك رزنامة مقدسة من 260 يوماً مرفقة برزنامة شمسية من 365 يوماً. ويوضح اورتيث لانث أن "مفهومهم للزمن كان أكثر اختزالاً منه دورياً. فهم كانوا يقيمون تزامناً بين أحادث في أزمنة متراكبة" وإلى جانب التقويم القمري كان المايا يستحدثون دورات أخرى من الزهرة والمريخ وعطارد والكسوفات، وتوصلوا الى دقة كبيرة بفارق 14 دقيقة فقط عن الحسابات الحالية. والشامان أيضاً حاضرون جداً في فنون المايا احتراماً لدورهم الكبير في المجتمع. فهم الرابط بين الإنسان والآلهة ولهم وصول إلى العالم التحتي حيث تختفي الشمس كل مساء. وفن المايا يقوم أولاً على النقوش ووحدها بعض المدن أنجزت تماثيل لملوك وأسياد في شكل عام. وبعض التماثيل الممددة أثرت بفنانين مثل النحات البريطاني هنري مور. إلى ذلك، تكثر الأقنعة والوجوه. ويقول لانث: "مجتمعهم كان معقداً مع فنانين كان لهم اسلوبهم الخاص، وبعض القطع موقعة من صانعيها". وتعرض أيضاً مجموعة رائعة من الأقنعة الجنائزية المصنوعة من فسيفساء اليشم وهي حجر يرمز إلى التجدد والبعث. ومن شأن هذه الاقنعة المحافظة على صورة القادة بعد وفاتهم.