تحولت العاصمة الفرنسية بين 2 و17 تشرين الأول (أكتوبر) الجاري منصة لعرض أحدث السيارات في العالم، من خلال دورة جديدة من دورات معرض باريس الدولي الذي نظّم للمرة الأولى عام 1889، والذي جاء هذا العام مُدجّجاً بزخم الإطلاقات الأوّلية التي تعدّت ال100 موديل تجاري واختباري. وتلألأت أجنحة المعرض بما قدمه أكثر من 360 عارضاً من 25 بلداً، وسط حشد جماهيري فاق المليون زائر. أما الاستنتاج العام بعد أسبوعي «أضواء المركبات» فهو أن مياه المبيعات عادت نوعاً ما الى مجاريها بعد الأزمة التي عصفت بهذا القطاع في العام الماضي جراء تبعات الانتكاسة الاقتصادية العالمية. تفننت شركات السيارات في تقديم جديدها خلال أقدم معارض العالم، منها طرز «مفتولة العضلات» شأن فيراري 599 SA Aperta، التي تُعد النسخة ال «رودستر» من موديل فيراري 599 ذي المحرّك أمامي الوضعية الغني عن التعريف، في حين لم تقف لامبورغيني مكتوفة الأيدي، إذ أطلقت بدورها طرازها الاختباري سيستو أليمنتو التي استعارت محرك الطراز الشقيق غاياردو سوبرليغرا ذي الأسطوانات العشر V10 بسعة 5.2 ليترات، مع تصميم أكثر راديكالية من أي وقت مضى، ناهيك عن بورشه 911 كاريرا GTS و911 سبيدستر، وأيضاً مازيراتي غران توريسمو MC Stradale... من الناحية الفرنسية، نجح الصانعون في جذب الأنظار بشدة في عقر دارهم، ومن هذا المنطلق كشفت رينو النقاب عن طرازها لاتيتيود، فضلاً عن إزاحة الستار عن نموذج تصوّري جديد يُدعى DeZir، بينما أطلقت الشقيقة سيتروين الجيل الأحدث من موديلها C4، وكذلك موديل DS4، والنموذج التصوّري لاكوست، إلى جانب طراز 508 الجديد العائد لبيجو وشقيقيه الاختباريين HR1 وEX1، بمناسبة مرور 200 عام على تدشين علامة بيجو العريقة. وحضر الصانع الإنكليزي لوتس بقوة وقدم خمسة موديلات جديدة دفعة واحدة، وينتظر أن تتوافر كلها في الأسواق بدءاً من عام 2015. السيارات الخضراء في الواجهة شارك مختلف الصانعين وبقوة في «التظاهرة البيئية»، ولم تخل منصاتهم من الطرز الكهربائية. وقد تراصت مئات السيارات في معرض باريس هذا العام، منها كبير الحجم ومنها الصغير المُدمج، لكن القاسم المشترك في معظمها يتمثل في المحافظة على البيئة مع تحقيق خفض ملموس في استهلاك الوقود، علماً أن هذا المعرض الدولي الذي يُقام مرة كل عامين، يحمل دائماً نفساً بيئياً متجدداً، بفضل القوانين الأوروبية الصارمة في شأن الحدّ من الانبعاثات الكربونية الضارة ذات التأثير المباشر على ظاهرة الاحتباس الحراري، وكذلك عزوف الزبائن عن كل ما هو شره في استهلاك الوقود. وفي هذا الإطار، أزاحت هوندا اليابانية الستار عن طراز جاز الهجين، الذي يستفيد من طاقة الدفع الهجين ذاتها المعتمدة في طرازي سيفيك هايبريد وإنسايت، على أن يطرح في الأسواق الأوروبية خصيصاً. كما لفت الأنظار طراز «رانج روفر إيفوك»، الذي عوضاً عن اعتماده على محرك V8 القوي، استعان بمحرك سعة ليترين من أربع أسطوانات يستهلك 5 ليترات من الوقود فقط لكل 100 كلم. وظهر طراز سآب 3-9 سبورت واغن الكهربائي، المطوّر انطلاقاً من الفئة سبورت واغن العملانية الشقيقة 3-9، بصفته أول عروض سآب الكهربائية كلياً، والنموذج التصوّري الكهربائي الجديد C-X75 العائد لجاغوار الإنكليزية احتفالاً بعيدها الخامس والسبعين، والذي يستفيد من طاقة دفع كهربائية لا تسفر عنها أي انبعاثات ملوّثة، وتكفي للسير مسافة 110 كلم من خلال الاعتماد عليها كلّياً. وأيضاً هناك الطراز الاختباري سيات IBE الذي يستفيد بدوره من نظام دفع كهربائي بالكامل من خلال محرك كهربائي بقوة 102 حصان، مع أقصى عزم دوران يبلغ 200 نيوتن متر، وكذلك بيجو EX1 ورينو DeZir الاختباريتين صديقتي البيئة... تأرجح مبيعات واضح على رغم بعض التحسّن ما ينبئ بتعافي واضح لهذه الصناعة مقارنة بالعامين الأخيرين، إلا أن معرض باريس نظم هذا العام وسط ضعف نسبي في مبيعات السيارات في القارة الأوروبية تحديداً. ففي الوقت الذي بات فيه الكساد يوشك على الانتهاء في أوروبا، سجّلت مبيعات السيارات تراجعاً نسبياً مقارنة بالعام الماضي، والذي كانت فيه المبيعات تشهد حراكاً ملحوظاً بفضل البرامج التشجيعية والحوافز العديدة التي انتهجتها الحكومات لتسريع وتيرة المبيعات. وأخيراً، أكّد اتحاد صانعي السيارات الأوروبيين أن مبيعات السيارات في بلدان الاتّحاد انخفضت لتصل إلى تسعة ملايين وحدة أو أكثر قليلاً، ما يعني تراجعاً بنسبة 3.5 في المئة مقارنة بالفترة ذاتها من العام الماضي، علماً أن أكثر الشهور تدهوراً في المبيعات كانت أشهر الصيف، حيث انخفضت المبيعات بنسبة 18.6 في المئة في تموز (يوليو)، و12.9 في المئة في آب (أغسطس) مقارنة بالفترة ذاتها من العام الماضي. كذلك تتوقّع كل من تويوتا وأوبل وفوكسهول وبيجو- سيتروين، وأيضاً رينو وفولكسفاغن، وإن كان بدرجات متفاوتة، انخفاضاً مماثلاً في مبيعات في الأسواق الأوروبية هذا العام. وبخلاف هذه التوقعات، من ينتظر أن يحقق بعض الصانعين انتعاشاً ملحوظاً في مبيعاتهم. إذ سجلت أودي مثلاً ارتفاعاً في مبيعاتها خلال آب نسبته 3 في المئة. فيما سجلت مبيعات كل من دايملر- بنز وبي أم دبليو انخفاضاً نسبياً مقادره 2.7 و6.2 في المئة على التوالي مقارنة بشهر آب 2009. وتتوقع رولزرويس على سبيل المثال مضاعفة مبيعاتها لتصل لتتخطى ال 2000 وحدة في نهاية 2010، وذلك بفضل إطلاق موديل غوست الجديد. بينما تتوقّع بينتلي كذلك أن تتجاوز مبيعاتها ال10 آلاف وحدة مقارنة بالعام الماضي. www.carsandspeed.com