اختتم الرئيس باراك أوباما جولته الشرق الأوسطية أمس بزيارة لمدينة البتراء الأثرية جنوب الأردن. تزامن ذلك مع إفراج الكونغرس عن مساعدات أميركية للسلطة الفلسطينية بقيمة نصف بليون دولار، فيما أجرى وزير الخارجية الأميركي جون كيري محادثات مع الرئيس محمود عباس في عمان، قبل أن يتوجه إلى إسرائيل للقاء رئيس حكومتها بنيامين نتانياهو، في مسعى إلى دفع عملية السلام المتعثرة. وأبدى الرئيس الأميركي دهشته عند مشاهدته مدينة البتراء الوردية المنحوتة بالصخر، منحياً بذلك المواضيع الديبلوماسية الشائكة، وقام بدور السائح لمدة يوم. وكانت طائرة مروحية أقلته بعد أن هدأت العاصفة الرملية، ما سمح له بالقيام برحلة استمرت 55 دقيقة في المدينة التي يعود تاريخها إلى أكثر من 2000 عام. وتم إخلاء الأماكن من السياح العاديين أثناء الزيارة، ولازمه حراس مدججون بالسلاح في كل خطوة. وقال أوباما الذي كان يرتدي نظارة شمسية وسروالاً باللون الكاكي وسترة داكنة لدى رفع رأسه لمشاهدة الخزنة، وهي الواجهة الشاهقة الارتفاع: «هذا مذهل جداً... إنه رائع». ومع انتهاء الزيارة، بدأ وزير الخارجية الأميركي مساعي لإحياء محادثات السلام المتعثرة، فكان مقرراً أن يلتقي الرئيس الفلسطيني في عمان أمس قبل السفر إلى إسرائيل لإجراء محادثات مع نتانياهو، علماً أن أوباما تعهد خلال الزيارة أن يخصص كيري وقتاً وجهداً للصراع الفلسطيني - الإسرائيلي، والذي لم يتمكن الرئيس الأميركي من إحراز تقدم تجاهه خلال فترة ولايته الأولى. وقال مسؤول في وزارة الخارجية الأميركية: «إضافة إلى الاجتماع مع نتانياهو مساء اليوم (السبت)، سيلتقي كيري الرئيس عباس في مقره في عمان بعد الظهر لمواصلة الحوارات التي بدأت بينهما وبين أوباما ووزير الخارجية الأسبوع الماضي». في هذه الأثناء، منحت الولاياتالمتحدة مساعدة للفلسطينيين بقيمة 500 مليون دولار كان الكونغرس جمدها منذ شهرين. وقالت الناطقة باسم وزارة الخارجية فيكتوريا نولاند: «اليوم (السبت)، أدرجنا 295,7 مليون دولار من المساعدة في موازنة عام 2012 ... و200 مليون دولار في موازنة عام 2013». وتشمل المساعدة المدرجة في موازنة عام 2012 مبلغاً بقيمة 195,7 مليون دولار مخصصاً للمساعدة الاقتصادية والإنسانية والتنموية من الوكالة الأميركية للتنمية الدولية، وآخر بقيمة مئة مليون دولار مخصصاً لمكافحة المخدرات. أما ال 200 مليون دولار المدرجة في موازنة عام 2013، فتتمثل في مساعدة مباشرة لموازنة السلطة. وقالت إدارة أوباما نهاية شباط في الكونغرس إنها تسعى إلى توفير 200 مليون دولار إضافية لمشاريع الوكالة الأميركية للتنمية الدولية في الأراضي الفلسطينية. وعبر مسؤولون أميركيون في أحاديث غير رسمية عن رضاهم عن نتائج أول رحلة خارجية لأوباما في فترته الرئاسية الثانية، لكن سقف توقعات مساعدي الرئيس كان منخفضاً جداً إلى درجة أنه لم يكن من الصعب إعلان إنجاز المهمة. أما منتقدو أوباما فشكوا من أن رحلته للشرق الأوسط كانت رمزية إلى حد كبير وتفتقر إلى الجوهر. غير أن تحرك اللحظة الأخيرة نحو مصالحة إسرائيلية - تركية أعطى مساعديه فرصة لوصفها بأنها إنجاز ملموس. إذ اعتذر رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتانياهو لتركيا عن مقتل تسعة أتراك في هجوم بحري عام 2010 على سفينة كانت متجهة إلى غزة، وذلك خلال اتصال استمر 30 دقيقة في مطار تل أبيب حيث اجتمع أوباما ونتانياهو قبل أن يستقل الرئيس الأميركي الطائرة الرئاسية متجهاً إلى الأردن. وقد يساعد هذا التقارب واشنطن في تعزيز جهودها الإقليمية لاحتواء تداعيات الصراع السوري، وتخفيف العزلة الديبلوماسية المفروضة على إسرائيل في الشرق الأوسط حيث تواجه تحديات يفرضها البرنامج النووي الإيراني.