يبدأ مجلس الشورى المصري الذي يمتلك موقتاً السلطة التشريعية في البلاد، اليوم مناقشة قانون الجمعيات الأهلية الذي تسعى جماعة «الإخوان المسلمين»، صاحبة الغالبية، إلى الإسراع في تمريره، تمهيداً لتوفيق أوضاعها، وسط توقعات بأن تقبل محكمة القضاء الإداري طلباً قدمته الجماعة بإعادة المرافعات في دعاوى تطالب بحلها وكان مقرراً أن تصدر فيها الأحكام بعد غد (الثلثاء). ويتوقع أن يثير قانون الجمعيات غير الحكومية جدلاً بين نواب حزب العدالة والتنمية الحاكم ونواب المعارضة من جهة، وبينهم وبين ممثلي المنظمات الحقوقية من جهة أخرى، في ضوء تضمين مشروع القانون المقترح قيوداً شديدة على تمويل المنظمات العاملة في مصر. وانتقد مدير مركز القاهرة لحقوق الإنسان بهي الدين حسن في شدة مشروع القانون الجديد، وقال ل «الحياة»: «(الرئيس السابق حسني) مبارك كان هدفه تقييد المجتمع المدني وتحجيمه، أما هدف الإخوان فإزالة المجتمع المدني وتحويله إلى منظمات حكومية، من خلال تأميم أمواله»، مشيراً إلى أن مشروع القانون ينص على اعتبار أموال المنظمات غير الرسمية «أموالاً عامة»، ما يعني فرض قيود في التصرف في تلك الأموال، واعتبار الموظفين العاملين في تلك المنظمات بمثابة «موظفين حكوميين»، كما أنه «يفرض قيوداً شديدة على تلقي الأموال من الخارج». وأشار إلى أن هذا النص يعطي لجهة الإدارة حق الضبطية القضائية، ففي حالة الاشتباه في مخالفات في طريقة الإنفاق يتم إحالة مسؤولي المنظمات على النيابة. وأشار حسن أيضاً إلى أن القانون ينص على تشكيل «لجنة تنسيقية تضم ممثلي عدد من الوزارات والأجهزة الأمنية»، وأن هذه اللجنة «تعمل كرقيب على إنفاق المنظمات والبت في طلبات التمويل، وهو ما يُعد ستاراً لمراقبة نشاطها». وقال: «في وقت أصدرت تونس وليبيا قوانين تنظّم عمل المنظمات الأهلية، ويُضرب بها المثل في العالم، فإن النظام المصري يسعى إلى تمرير قانون يعود بنا إلى الوراء». وفي المقابل، عُلم أن أحزاباً معارضة في مجلس الشورى تعكف على درس مشروع القانون الجديد، للاتفاق على رؤية موحدة حيال المواد محل الخلاف. وقال ل «الحياة» رئيس لجنة حقوق الإنسان في الشورى القيادي في حزب «المصري الديموقراطي» إيهاب الخراط: «القانون الجديد فلسفته قائمة على سيطرة الحكومة على عمل المنظمات غير الرسمية، بادعاء ضمان حسن استخدام التمويل وعدم الإضرار بالمصالح الوطنية، وهذا الحديث كان ولا يزال فرصة لفرض سياسات الحكومة والنظام». واتفق الخراط مع مدير مركز القاهرة لدراسات حقوق الإنسان كون النص في القانون على تشكيل «لجنة تنسيقية تضم ممثلين عن الحكومة، من شأنه فرض قيود على تلقي التمويل وطريقة صرفه». وأشار إلى أن ممثلي أحزاب المعارضة في الشورى سيسعون إلى «تغيير تلك المواد المختلف عليها بهدف تطبيق المعايير الدولية. نحن نقبل ونطالب بشفافية كاملة في عمل المنظمات وطريقة تمويلها، لكننا نرفض في شدة فرض قيود حكومية على طريقة عملها». في غضون ذلك، تقدمت هيئة قضايا الدولة بطلب إلى محكمة القضاء الإداري بمجلس الدولة تطلب فيه اتخاذ قرار بفتح باب المرافعة في الدعاوى التي تطالب بحل جماعة «الإخوان المسلمين» وإغلاق كل مقارها، والتي كان مقرراً أن تصدر فيها الأحكام بعد غد الثلثاء، وذلك بهدف تغيير حال الدعوى وظهور مستندات جديدة. وتضمن طلب الهيئة مذكرة قانونية أكدت وجود مستندات جديدة في هذه القضايا أهمها أنه تم إشهار جمعية باسم جمعية الإخوان المسلمين من وزارة التضامن الاجتماعي، وهو الإشهار الحاصل على الرقم 644 لسنة 2013.