تأسست في الجزائر أول نقابة لأئمة المساجد بعد سنوات من المنع، بعدما اقتنعت السلطات أن الهدف من النقابة هو حماية المرجعية الدينية الجزائرية من «الأفكار الخارجية» سواء السلفية أو غيرها. ووصف الشيخ جلول حجيمي الأمين العام لأول نقابة للائمة في الجزائر هيئته بأنها «تدافع عن حقوق الإمام وتحمي الإمامة من الأفكار الخارجية سواء السلفية أو غيرها». وفي مسجد الفضيل الورثيلاني بحي تيليملي الراقي بوسط الجزائر العاصمة، يستقبل الشيخ جلول حجيمي كل من يطلب فتوى أو نصيحة أو حتى اعانة مادية، بإبريق شاي وطبق من التمر وحصير متواضع للجلوس. فهو يستقبل يومياً اشخاصاً يعانون مشاكل نفسية وشباباً مستعدين للانتحار. لكنه منذ إعلان تأسيس التنسيقية الوطنية للائمة وموظفي الشؤون الدينية وهي التسمية الرسمية للنقابة، أصبحت انشغالاته أكبر، وهاتفه لا يتوقف عن الرنين. المتصلون ائمة من كل انحاء الجزائر يسألون عن كيفية الانخراط في اول نقابة في قطاع الشؤون الدينية ترخّص لها الدولة بعد سنوات من المنع. وقال الشيخ جلول حجيمي لوكالة «فرنس برس»: «أسسنا النقابة في 1999 وسميناها الرابطة الجزائرية للأئمة والعلماء لكننا لم نحصل أبداً على الترخيص». وبحسب الشيخ حجيمي، كانت لدى السلطة «مخاوف من استخدام المساجد في العمل السياسي كما حدث في السابق» عندما سيطرت الجبهة الاسلامية للانقاذ المحظورة على غالبية مساجد الجزائر واستعملتها للفوز بالانتخابات المحلية في 1990. وأضاف: «انتظرنا الى 2012 فقررنا الانضمام الى الاتحاد العام للعمال الجزائريين في شكل تنسيقية، مثلنا مثل تنسيقيات القطاعات الاخرى من الوظيفة العمومية». ودامت المفاوضات شهوراً قبل أن يعلن الامين العام لاتحاد العمال الجزائريين عبدالمجيد سيدي السعيد القريب من الحكومة، في 17 آذار (مارس)، تأسيس النقابة. الإمام بالنسبة إلى الشيخ حجيمي موظف يعمل 24 ساعة في اليوم وليس لديه يوم عطلة، وإضافة إلى هذا هو مطالب أيضاً ب «الحفاظ على المرجعية للمجتمع الجزائري». وأوضح أن «المرجعية الدينية للجزائر هي المذهب المالكي وعلى الإمام أن يلتزم بذلك في المسجد وأمام المصلين». وبالنسبة إلى ممثل الائمة فإنه «لا يحق للإمام أن يبث أفكاراً خارجية سواء سلفية ... أو شيعية أو غيرها حتى إن كانت صحيحة (مثلما) لا يستطيع إمام جزائري أن يذهب إلى إيران الشيعية لفرض المذهب السني أو يذهب إلى السعودية لفرض الفقه المالكي». لكن زعماء التيارات السلفية أنفسهم يشعرون بأنهم «محرومون» من اعتلاء المنابر في المساجد وممارسة «حقهم» في الالقاء. وعبّر عن ذلك عبدالفتاح زراوي حمداش المسؤول عن «جبهة الصحوة الحرة» الإسلامية السلفية بقوله «نحن محرومون من الدعوة إلى الله، وممنوعون من القاء الخطب في المساجد (...) والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر». وأضاف في بيان «نحن اليوم كجزائريين نريد كامل حقوق مواطنتنا القانونية والسياسية والدستورية وليس لأحد أن يملي علينا ما يمكن أو لا يمكن لنا ان نفعله». مسجد الشيخ حجيمي معروف بالجزائر بأنه «مسجد السلفيين» رغم ذلك فانهم «لا يجرؤون على مجادلة الشيخ أو تحديه»، كما قال احد المصلين. ويضيف عمر (48 سنة): «نسمع بعض الكلام من الشباب السلفي المنتقد لخطب الشيخ لكنهم لا يواجهونه لأنهم ليسوا من مستواه». ولا يتفق كل الائمة مع الشيخ لذلك لجأوا الى تأسيس نقابة «مستقلة» عن كل الاحزاب والنقابات الأخرى تحت اسم المجلس الوطني المستقل للائمة وموظفي الشؤون الدينية والاوقاف. ويرأس هذا المجلس الذي لم يحصل على الترخيص الشيخ جمال فوغال إمام مسجد ابو عبيدة بن الجراح بحي باش جراح الشعبي الواقع بالضاحية الشرقية للعاصمة الجزائرية. ويعارض الشيخ فوغال التمسك بالمذهب المالكي كمرجعية دينية واحدة ويدافع عن حق السلفيين في الامامة. وقال فوغال ل «فرانس برس»: «نحن مع المرجعية الوطنية وليس مع المذهب المالكي ومعناه اعتماد الفتوى التي توحّد الأمة ولو خالفت المذهب المالكي». وأضاف أن «الائمة السلفيين من حقهم العمل في المساجد لكننا نرفض الولاء للخارج». ويوجد في قطاع الشؤون الدينية حوالى 50 ألف موظف منهم حوالى 30 ألف إمام ومؤذن يعملون في حوالي 20 الف مسجد، بحسب الشيخ حجيمي. ولا يتعدى أجر بعض العاملين في المساجد 18 الف دينار (180 يورو) بينما يختلف أجر الائمة باختلاف رتبهم. الا انه لا يتعدى 40 الف دينار (400 يورو) بالنسبة لأعلى رتبة وهي الإمام الاستاذ، بحسب المصدر نفسه. وأشار حجيمي الى أن الامام الحاصل على الماجستير أو الدكتوراه يتقاضى أجراً يقل عن نصف ما يتقاضاه الدكتور الاستاذ في الجامعة مثلاً. وقال الامين العام لنقابة الائمة: «نطالب بأن يتم تقليص هذا الفارق حتى لا يشعر الإمام بالإهانة».