لم تعلم أم عبدالله وهي في العقد الخامس من عمرها أن محاولتها لخوض تجربة الشراء والبيع ستؤول بها إلى قضبان السجن وعيشها في جحيم الخوف والانتظار، ولم تتوقع أن يتخلى عنها الجميع على أقل حال حفاظاً على أسرتها من التفكك، وكون أنها سيدة لا تحتمل دخول السجن في هذا العمر. طرقت جميع الأبواب، ولكن قيود السجن تنتظرها بعد مهلة شهر إذا لم يتم سداد المبلغ. تقول أم عبدالله فكرت بأن استثمر وأن أبحث عن مصدر دخل حر يؤمن حاجاتي وحاجات أبنائي ولمساعدة زوجي في المعيشة، فقمت بالاستدانة من شخص لفتح محل للمواد الغذائية في إحدى الأسواق النسائية في مدينة الرياض، وتم التوقيع والاتفاق بين الطرفين، ولكن باءت هذه التجربة بالخسارة الفادحة، وتم إقفال المحل، لأقع تحت فريسة الديون الكبيرة التي ما زلت أتحملها منذ سنوات طويلة. وقالت أخذت مبلغ الدين بالتقسيط وعلى فترات متباعدة، وسددت 150 ألف ريال، ولكن الدائن كان يريد منى أن أرد له المبلغ بزيادة مضاعفة. وقالت في حديثها إلى «الحياة» ان الدائن قام بتوكيل محامٍ ورفع قضية ضدي في المحكمة يطلب مني رد المبلغ كاملاً بالزيادة التي يطلبها، وكان مندوب المحكمة يأتي مرات عدة إلى منزلي لطلب حضور الجلسات، وتشير إلى أنها عرضت مشكلتها على جهات عدة من فاعلي الخير والموسرين، ولكن يأتي الرد بأن معاملاتها حفظت، وأشارت إلى أن الدائن استمر 9 أعوام دون السؤال عن المبلغ، وبعدها قام برفع القضية مباشرة، موضحةً أن قضيتها تُنظر في المحكمة حالياً وقد أعطاها الدائن مهلة لمدة شهر رمضان فقط كي ترد له المبلغ مع الزيادة التي اشترطها، وتم الاتفاق عليها وإذا لم يتم السداد بعد انقضاء المهلة المحددة ستودع في السجن فوراً. الحيرة والقلق يحاصران أم عبدالله خصوصاً ان زوجها يعمل حارساً في إحدى الوزارات الحكومية ويتقاضى راتباً زهيداً لا يتجاوز 2000 ريال ويسكنون في السكن التابع للوزارة بشكل موقت قد يخرجون منه في أية لحظة ولا يملكون سكناً خاصاً بهم. وتقول إنها لم تتمكن من حضور بعض جلسات المحاكمة، إذ كانوا يشترطون عند حضورها تقديم المبلغ أو جزء منه وإلا ستودع في سجن النساء وهو الشيء الذي لم تتمكن منه. أكثر ما يؤرق السيدة الخمسينية الآن هو بناتها وهن في سن الزواج وتخشى أن تودع السجن وتتركهن وحدهن دون عائل، ولا تعلم كم مدة المحكومية التي ستقضيها خلف القضبان، فلا يمكنها الخروج إلا بعد اكتمال المبلغ المطلوب؟ وتتساءل بصوت حزين وقد خيم عليها اليأس عن مصير بناتها إذا دخلت السجن، وماذا سيكون مصيرهن خصوصاً وأنهن فتيات شابات لم يلتحقن بوظائف ولا يمكنهن الاستغناء عن والدتهن لو للحظة أو ما يضمن لهن حياة كريمة وسيعشن بعيداً عن أمهن؟ وتضيف: «ان أبنائي وبناتي يعيشون في حال نفسية سيئة وخوف مستمر، إذ سنقضي شهر رمضان في محاولات للبحث عن المبلغ وتأمينه، وإذا فشلت فالسجن ينتظرني إضافة إلى السمعة التي ستنتشر بين الناس عند علمهم بأني سجنت وحديث المجتمع الذي لا يرحم وقد يؤثر في مستقبلي ومستقبل أسرتي التي ليس لها ذنب في ما حدث». وقالت ان القاضي حكم بإرجاع المبلغ الأصلي مع استبعاد الزيادة الربوية المحرمة.وتناشد أم عبدالله أهل الخير بإنقاذها من السجن، ومحاولة مساعدتها ولو بجزء يسير من المبلغ أو إطالة المهلة لعلها تستطيع أن تجد مخرجاً يبعدها عن الحكم الذي ينتظرها.