رد الرئيس السويسري هانز رودلف ميرتس على الانتقادات الحادة التي وجهتها إليه صحف في بلاده بسبب اعتذاره عن توقيف نجل الزعيم الليبي معمر القذافي وزوجته العام الماضي، معتبراً أن هذا الاعتذار كان «الحل الوحيد لكسر الجمود في العلاقات» مع طرابلس، وتأمين الإفراج عن اثنين من مواطنيه تحتجزهما ليبيا. وقال ميرتس في مؤتمر صحافي طارئ أمس، إنه يتحمل مسؤولية الاتفاق الذي أبرمه أول من أمس مع الحكومة الليبية، وينص على عودة العلاقات بين البلدين إلى طبيعتها، وإنهاء الجمود بينهما، وعودة السويسريين اللذين منعتهما طرابلس من مغادرتها بزعم مخالفتهما قوانين الإقامة. وأضاف أن قرار التوجه إلى العاصمة الليبية والاعتذار عن «الإجراءات غير المبررة وغير الضرورية من سلطات جنيف بحق هانيبال القذافي نجل الزعيم الليبي وأسرته، إثر اتهام اثنين من حاشيتهما لهما بسوء المعاملة»، كان «الحل الوحيد لكسر الجمود في العلاقات بين البلدين، بعد أن وصلت جميع المفاوضات إلى طريق مسدود». وأشار إلى أن زيارته حققت هدفين أساسيين، هما السماح بعودة السويسريين الممنوعين من مغادرة ليبيا في غضون أيام، وعودة العلاقات الطبيعية بين البلدين، أما تفاصيل العقد المبرم بين البلدين، فأكد أنه «يتوافق تماماً مع القانون الدولي، وشارك في صوغه ديبلوماسيون من الخارجية السويسرية، ويحترم رغبة البلدين في الاحتكام إلى جهة محايدة لتقويم الإجراءات التي قامت بها سلطات جنيف». وينص العقد على إنشاء هيئة تحكيم من ثلاث شخصيات للإطلاع على جميع الأدلة التي يقدمها الطرفان السويسري والليبي وتحديد الأفعال التي قامت بها شرطة جنيف ومسؤولون سويسريون آخرون لهم علاقة بالحادثة، والنظر في تفسير القرارات التي قد يقدمها الأطراف. ونوّه الرئيس السويسري إلى أن «تطورات الموقف كانت توحي بأن هناك تصعيداً من الجانب الليبي، وإصراراً من جانب سلطات جنيف على موقفها»، مما دعا إلى تدخل شخصي منه لكسر هذا الجمود. وأثار اعتذار الرئيس السويسري استياء ودهشة مختلف التيارات السياسية، في حين تفهمت الدوائر الاقتصادية دلالات زيارته المفاجئة، إذ تأمل الشركات السويسرية في العودة إلى السوق الليبية مجدداً. واعتبرت الصحف المحلية أمس الاعتذار «استسلاماً مهيناً» أمام القذافي و «تخلياً عن دولة القانون». وتدافع سلطات جنيف عن الإجراءات التي اتخذتها بحق القذافي الابن وعقيلته، مؤكدة أنها كانت وفق القانون، كما انتقدت زيارة الرئيس التي تمت من دون التنسيق معها. وكانت العلاقات الليبية - السويسرية تدهورت منذ 15 تموز (يوليو) 2008، إثر اعتقال هانيبال القذافي وزوجته في أحد فنادق جنيف، إثر شكوى تقدم بها اثنان من حاشيتهما، يتهمانهما فيها بسوء المعاملة، ثم أفرجت السلطات السويسرية عنهما بعد يومين مقابل سداد كفالة قدرت بنحو 300 ألف يورو، قبل تسوية القضية خارج المحكمة. وقطعت ليبيا إثر ذلك إمدادات النفط عن سويسرا، وسحبت 5 بلايين يورو من ودائعها في البنوك السويسرية، وفرضت قيوداً على أنشطة الشركات السويسرية وحركة الطيران بين البلدين.