رفض وجهاء وناشطون في التظاهرات المناهضة للحكومة في محافظة الأنبار الجولة الثانية من المفاوضات بين رئيس الوزراء نوري المالكي وعدد من شيوخ العشائر المقررة الأربعاء المقبل، وأكدوا أن الوفد لا يمثل المحتجين في الرمادي والفلوجة. وانسجم موقف الرافضين مع توجيهات مرجعهم الروحي الشيخ عبد الملك السعدي، الذي دعا شيوخ العشائر الى «عدم الهرولة وراء سراب الحكومة التي تضحك عليهم في واقع الأمر، إذ لم تنفذ لهم شيئاً ملموساً، وتستخدمهم آلة إعلامية طيعة حتى توقع بينهم وبين شعبهم المجاهد»، ودعا المعتصمين الى الدفاع عن انفسهم إذا اعتدت عليهم قوات الأمن. وقال السعدي في بيان صدر عن مكتبه الليلة قبل الماضية، ان «حكومة العراق تحاول إضعاف ساحات الاعتصام بشتى الوسائل وقد سلكت مسلك الإغراء لعدد من المعتصمين وشيوخ العشائر والوجهاء، فمرة شكلت لجنة أسمتها لجنة حكماء من أُناس نكرات في المجتمع العراقي لا يمثلون المعتصمين، ومرة أرسلت إلى أشخاص مُعيَّنين من شيوخ العشائر أو المُعمَّمين والتقت بهم ونشرت ذلك عبر وسائل الإعلام لتسقط هؤلاء الأشخاص من أعين أفراد قبائلهم، ومرة أرسلت رجالها سراً بأسماء وصفات مستعارة إلى الرموز الدينية والوطنية وافترت عليهم حتى يُشوِّهوا سمعتهم أمام شعوبهم وأمام المتظاهرين». وشدد على أن «ليس من حق أيِ أحد أن يتحدث باسم المعتصمين، لأن القرار بيدهم أولا وآخراً»، وحض «المعتصمين على الثبات وإدامة المطالبة بالحقوق المشروعة وعدم الاكتراث بهذه الأكاذيب التي تعودنا عليها من السياسيين العراقيين». ونصح الحكومة ب «أن تعود إلى رشدها وتتصالح مع شعبها، وأن تترك هذه الوسائل الوضيعة التي تريد بها إضعاف التظاهرات والإيقاع بين مكونات الشعب العراقي ورموزه». وشدد على أن «المتظاهرين باقون وثابتون على الحق ولن تنطلي عليهم تصرفاتكم التي أصبحت مكشوفة لكل ذي عينين». وجدد السعدي دعوته «المعتصمين إلى الاستمرار على سلمية اعتصامهم وأن لا يسمحوا لأحد بأن يتصدى للشرطة المحلية بأي أذى بالكلام الذي لا يليق بالمتظاهرين ما دامت في حمايتكم ولم تنفذ أوامر الساسة بالاعتداء عليكم، فإن حصل منها أو من قوات الأمن أي إساءة بتوجيه فوهات البنادق لقتالكم فعند ذلك يصبح الدفاع عن النفس من الواجبات الشرعية». وفي بيان آخر، اتهم السعدي مدير جهاز الاستخبارات سمير حداد ب «الكذب، عبر الترويج لأخبار مفادها أنه حمل إله مقترحاً من رئيس الحكومة نوري المالكي بشأن حل مسألة التظاهرات»، وأوضح انه التقى حداد لقاء عادياً من دون معرفة مسبقة بمنصبه في الحكومة. وعلمت «الحياة» من مصادر حكومية أن الوفد العشائري الذي ضم رئيس مجلس عشائر الأنبار رافع الفهداوي وشيخ عشائر الدليم رعد السليمان والتقى المالكي الأربعاء الماضي للبحث في مطالب المتظاهرين، سيعقد جولة جديدة من المحادثات مع رئيس الحكومة الأربعاء المقبل وسط اعتراض شيوخ عشائر آخرين في الأنبار ورجال دين . واضافت المصادر أن «الوفد العشائري الذي قدم مبادرة الأسبوع الماضي سيطلع المالكي على نتائج اتصالاته بوجهاء الأنبار وشيوخها». إلى ذلك، قال الناطق باسم لجان التنسيق في الرمادي سعيد اللافي في اتصال مع «الحياة»، إن «الوفد العشائري الذي يجري مفاوضات مع الحكومة لا يمثل الغالبية العظمى من المعتصمين في المدينة»، وزاد ان «الممثل الوحيد للتظاهرات هم وجهاء وشيوخ العشائر الذي يوجدون يوميا في ساحة الاعتصام». واضاف ان «لجان التنسيق تدرس تشكيل لجان لإجراء مفاوضات مع الحكومة التي تقوم بأعمال استفزازية تحول دون إيجاد أرضية جيدة ونوايا حسنة للحوار»، وأكد أن «المضايقات الأمنية متواصلة وعمليات الاعتقال تلاحق الناشطين وشملت اتهام وجهاء وشيوخ المدينة وسياسييها بالارهاب». ورجح شيخ عشائر الدليم في الأنبار علي السلمان فشل المحادثات التي يجريها وفد عشائري «نفعي لا يمثل المتظاهرين الحقيقيين»، وأوضح أن المالكي يسعى إلى «شق صف أهالي الأنبار ووجهائها من خلال وسائل الترغيب». وقال السلمان في اتصال مع «الحياة» امس، إن «شيوخ العشائر الذين يتفاوضون مع المالكي حملوا مطالب شخصية بهم»، وأوضح أن «الوفد سيصدم بطريقة الحكومة في التمويه والتجاهل عند البدء بالخطوات العملية لتطبيق اي اتفاق». واضاف: «لو كانت الحكومة جادة في تلبية المطالب لأعطت إشارات ايجابية». من جهة أخرى، بحث رئيس البرلمان اسامة النجيفي مع الرئيس السابق لمؤتمر صحوة العراق الشيخ احمد ابو ريشة في محافظة الأنبار، مطالبَ المتظاهرين في المدينة وطريقة تعاطي الحكومة مع هذه المطالب.