واصل الرئيس المكلف تشكيل الحكومة اللبنانية سعد الحريري مشاوراته، والتقى لهذه الغاية الرئيس السابق للحكومة عمر كرامي في حضور نجله فيصل كرامي، ونادر الحريري والمستشار هاني حمود ومدير مكتب كرامي عثمان مجذوب. واستكمل اللقاء الى مأدبة غداء. بعد اللقاء لفت كرامي الى انه جرى بناء على «اتفاق على موعد منذ زمن، على ان يتم بعد تأليف الحكومة ونيلها الثقة، ولكن يبدو ان الامور تعرقلت وطال الزمن، فاتصل بنا الرئيس الحريري واتفقنا على هذا الموعد، وبحثنا في التعقيدات التي تواجه تأليف هذه الحكومة، وهذا امر يعنينا جميعاً كمواطنين، لأن استمرار الوضع بهذا الشكل يؤدي الى ما لا تحمد عقباه، وما من احد لديه ضمير وحسّ بالمسؤولية يقبل ان يستمر الوضع على ما هو عليه». واوضح انه تمنى على الحريري ان «يكثف جهوده لتأليف الحكومة لتواجه كل المشكلات». ورداً على ما قاله رئيس «تكتل التغيير والاصلاح» النيابي ميشال عون عن انه لا يوجد رئيس مكلف بل نائب مكلف، اكد ان الامر «حسم في الطائف. هناك ثلاث طوائف كبيرة في لبنان السنة والشيعة والموارنة ولكل منها رئيس، وقد يكون هذا الامر لم ينجح من خلال التطبيق، فمع وجود ثلاثة رؤوس لم تنجح التجربة، ونحن لا مانع لدينا ان يكون هناك رئيس واحد ولكنني اعود واكرر ما قلته دائماً من أن هذه الصيغة المذهبية والطائفية والتي تتجذر مع الاسف اكثر وفأكثر تحول دون قيام دولة القانون والمؤسسات والتي تخلق هذه المشاكل، اذ إننا نرى كل يوم مخالفة للطائف، واكبر المخالفات كانت في الدوحة واليوم ما يطرح كله مخالفات بمخالفات». وعن موضوع طرح اسماء معينة لوزراء وحقائب لطوائف معينة، شدد كرامي على ان «الدستور واضح ونحن نقول ان هناك ثلاث مراحل، اولاً يجري الرئيس المكلف مشاورات مع النواب وفي ضوئها يضع تصوره واسماء الوزراء الذين يريد ان يتعاون معهم ويعرضها على فخامة الرئيس ومن ثم يصدر مرسوم تشكيل الحكومة على ما يتفقان عليه. هذه صلاحيات رئيس الحكومة، واليوم على كل من يريد ان يشارك في الحكومة له الحق بأن يقترح الاسماء على رئيس الوزراء الذي له الحق بدوره ان يأخذ بها او لا يفعل». ورأى ان «هناك خيطاً رفيعاً بين الاثنين، فهم لهم الحق بأن يسموا من يريدون ولكن في النتيجة رئيس الحكومة هو الذي يحسم الامر، وحتى مسألة الحقائب هو الذي يحسمها وهم عليهم ان يقترحوا». ونفى وجود «حقائب معينة لطوائف معينة»، وقال: «الكل يعرقل». وفي هذا الوقت ارتفعت حدة التراشق الكلامي بين نواب الاكثرية وعون على خلفية مواقفه الهجومية في الايام الاخيرة، وسلم وفد من «اللقاء الديموقراطي» النيابي رسالة من رئيس «اللقاء» وليد جنبلاط الى البطريرك الماروني نصرالله صفير، واوضح وائل أبو فاعور ان الرسالة تضمنت «تأكيداً على مصالحة الجبل والتمسك بها، وواجب كل القوى الوطنية حتى ولو تباينت أراؤها أن تحافظ عليها بعيداً من كل التجاذبات، ويجب ان تكون مصالحة الجبل مقدمة لمصالحة وطنية شاملة وهنا أهمية ان تزال جميع العقبات الفعلية او المصطنعة أو الشخصية أو العامة من درب الرئيس المكلف سعد الحريري». وأكد عضو كتلة «المستقبل» النيابية عمار حوري أن «هناك اتفاقاً جرى مع حزب الله على أن تكون هناك حقيبتان سياديتان لرئيس الجمهورية وواحدة للمعارضة وواحدة للأكثرية»، معتبراً أنه عندما يطالب عون بوزارة الداخلية، «هذا يعني أنه يخرج عن الاتفاق الأساسي الذي وقعه حزب الله بالأصالة عن نفسه وبالنيابة عن عون»، وأكد أنه «لن تُشكل حكومة من دون حقيبتين سياديتين للرئيس ميشال سليمان»، لافتاً الى «أن الوقت المستقطع هذا هو مسؤولية الفريق الآخر». واعتبر عضو الكتلة ذاتها النائب نبيل دو فريج في حديث الى اذاعة «الشرق» أن «هناك لعبة توزيع أدوار في قوى 8 آذار بهدف تأخير مهمة الرئيس المكلف تشكيل الحكومة، فهم يتركون حليفهم الجنرال عون يطلق من الرابية شعارات وكلمات بذيئة فتظهر أنها منه وليست منهم»، مؤكداً «ان حزب الله لا يمون على الجنرال فحسب بل باستطاعته أن يأمره. إن الحزب يعمل بطريقة أذكى بكثير مما يقوم به الجنرال وهو يحاول قدر الإمكان الحفاظ على ماء وجه الجنرال»، وأكد «إننا ملتزمون حكومة وفاق وطني». وتحفظ عضو الكتلة نفسها غازي يوسف وبقوة عن صيغة 15 - 10 - 5، معتبراً ان «من حق الاكثرية التي فازت في الانتخابات ان تشكل الحكومة وحدها». وحمل في حديث الى موقع «ليبانون فايلز» الالكتروني الاخباري على عون، ولفت الى ان الاخير لم يسم الحريري لرئاسة الحكومة «فإذا به يحاول فرض نفسه كمعطل للتشكيل، هناك جنون غير طبيعي». ورأى عضو «تكتل لبنان اولاً» النيابي محمد كباره في مؤتمر صحافي ان «الصمت قد يكون فضيلة إذا تحدث السفهاء، خصوصاً إذا نطقوا بما يختزنه لاوعيهم من مفردات»، وقال: «لا نخاطب عقل عون لكوننا ندرك حاجته إلى مشورة متخصصة لمساعدته على استعادة وعيه، ولكننا نلفت من يحرك عون بال «ريموت كونترول»، أي الحزب الالهي المزعوم، إلى أن اللبنانيين السنة ليسوا ملهاة ولا مكسر عصا ولا محطة لقطارهم الفارسي، ولا صندوق بريد لرسائل أسيادهم». وأضاف: «نخاطب من يدير عون من بلدته في الضاحية، التي لا يستطيع حتى الصهر المدلل زيارتها إلا بموجب إذن مسبق، لنقول له لا شرف في الاختباء وراء المشكلات النفسية والشخصية لإيجاد أزمات بهدف بيعها في الأسواق الإقليمية، علماً أن سورية وإيران غير مهتمتين بشراء ما يحاك في لبنان، لأنهما مهتمتان بأسواقهما المحلية الخاصة». وزاد: «والحزب الالهي، الذي لا يستطيع أن يعتمد تفسيراً ثابتاً لمدى خطر التهديد الإسرائيلي على لبنان، نذكره بأن الحصان الأعرج الذي كان سحبه من تسوية الدوحة بعد عدوان أيار (مايو) عام 2008، لا يستطيع أن ينوب عنه في محاولة عرقلة تأليف الحكومة، مهمة تعطيل تأليف الحكومة، على قذارتها، تحتاج إلى خبيث، لا إلى مجرد بسيط. لذلك نحذر من مؤامرة دفع البلد إلى حالة فراغ حكومي، تمهيداً لتنفيذ سيناريو مسلح جديد لفرض تسوية جديدة على غرار تسوية الدوحة السيئة الصيت والتي أعطت الأقلية صلاحية تعطيل الحكم». وشدد كبارة على ان «الأقلية لن تحصل، وتحت أي مسمى، على ثلث معطل، لأن ذلك يلغي مفاعيل فوز الأكثرية في الانتخابات، ولن نسمح به. الضمانة التي تتطلبها إدارة البلد هي في عهدة رئيس الجمهورية بصفته حارساً للدستور الذي أقسم يمين الحفاظ عليه، ولن يحصل عون أيضاً على حقيبة الاتصالات لصهره، مهما عطل بأمر من أسياده ومهما ناور، فالحزب الالهي يريد صهر عون في الاتصالات ليستكمل هو شبكة اتصالاته في لبنان التي شن عدوان أيار ليحتفظ بها». في المقابل، اعتبر نائب الأمين العام ل «حزب الله» الشيخ نعيم قاسم ان «الاتهامات والادعاءات تعيق تشكيل الحكومة وما يسهله هو الحوار المباشر بين الرئيس المكلف وكل كتلة من الكتل». وشرح في مناسبة دينية «كيفية التوصل الى صيغة حكومة الوحدة الوطنية التي تؤدي إلى توازن»، لافتاً الى ان «من خلال هذا التشكيل كان بعض التنازلات المختلفة التي أدت إلى إعلان الاتفاق على الصيغة. لكن ليكن معلوماً لم نلتزم كحزب بأي أمر آخر غير الصيغة، ولم نعط التزاماً لأحد، وإنما اعتبرنا أننا ساهمنا بما علينا، وقمنا بتكليفنا، وقربنا الآراء، وانتقل الدور الآن بالكامل إلى الرئيس المكلف ليتواصل مع كل كتلة في الموالاة أو المعارضة ليتفق معها على حصتها وعلى أسماء المقترحين من قبلها، لم يكن هناك أي اتفاق آخر، أما أن يخرج بعض الوكلاء ويتكلمون عن اتفاقات والتزامات ووعود، فهذا أمر غير صحيح، نحن نملك الجرأة الكاملة لنتحدث عما التزمنا به، وإذا التزمنا وفينا، ولن نكون كأولئك الذين يدعون ما هو غير حاصل، ويتكلمون بطريقة تثير التوتر في الساحة لإخفاء المشاكل الحقيقية وراء تشكيل الحكومة». وأضاف: «دعونا إلى حكومة الوحدة الوطنية ونحن مؤمنون بها، وأكدنا التوافق ونحن حاضرون لتدعيمه، وقلنا ان لبنان يحتاج إلى شراكة حقيقية ونحن جزء من هذه الشراكة، ولكن فليتحمل كل طرف مسؤوليته، ولا يلقي مسؤوليته على الآخرين، ولا يكلف بعض الوكلاء بالقيام بتوتير الأجواء بلا فائدة، لأنه بهذه الطريقة لا تتشكل الحكومة أول عيد الفطر السعيد كما يقال وإنما يمكن الا تتشكل الحكومة لأشهر، لأن الافتراءات ليست طريقة لتشكيل الحكومة، فتشكيل الحكومة بالحوار والنقاش والتفاهم. ونحن ندعو إلى الاستفادة من أجواء الوفاق الداخلي، ومن أجواء الاستقرار السياسي وعدم تضييعه ببعض الأبواق التي تعتبر نفسها مستفيدة من عدم وجود الاستقرار السياسي». وحدد الشيخ قاسم ست قواعد «ستكون دعامة عملنا ورؤيتنا للبنان، أولاً الإيمان الذي يعزز الصلابة والقوة والمعنويات، وثانياً التضحية التي تقدم بدل أن ينهش النفعيون من لبنان ومن اللبنانيين، وذلك لمصلحة أن يكون بلدنا حراً مستقلاً، وثالثاً الصدق من أجل أن يكون التحالف والعلاقات بين الناس مبنية على الوضوح، ورابعاً احترام الرأي الآخر من أجل أن نتقبل الخلاف ونناقش بطريقة موضوعية حتى نتوصل الى التفاهم، وخامساً المشاركة وهي حق للجميع، فلا يمكن أحداً أن يستفرد بلبنان نيابة أو بدلاً من الآخرين، وسادساً أن يكون لبنان قوياً بجيشه وشعبه ومقاومته».