من المعتقدات المنتشرة أن رداءة النوم ومشكلاته المتعددة أمر طبيعي يلازم مرحلة الشيخوخة، وهذا غير صحيح، فالنوم السليم من دون مشكلات ممكن في الأعمار المتقدمة، وتحتاج إليه كل الفئات العمرية، وهو ما حفّز الرابطة العالمية لطب النوم WASM على اختيار «النوم لدى كبار العمر» موضوعاً رئيساً لهذا اليوم العالمي، الذي يوافق 15 آذار (مارس) من هذا العام، لنشر التوعية باضطرابات النوم لدى الكبار، وأهمية تشخيص وعلاج تلك الاضطرابات في جميع الفئات العمرية. وقد أظهرت دراسات حديثة أن أكثر من 50 في المئة من كبار السن (فوق 65 عاماً) يعانون من صعوبات في النوم، إلا أن اضطرابات النوم لديهم ليست بالضرورة مرتبطة بالتقدم في العمر، لكنها نتيجة بعض الأمراض العضوية والنفسية المصاحبة لهذه الفترة من الحياة، كأمراض التنفس، والروماتيزم والقلب واضطرابات الساعة الحيوية، وبعض الأمراض العصبية وأمراض الحركة، وهو ما يؤدي ليس إلى الخمول وزيادة النعاس أثناء النهار فحسب، بل يرفع خطر الإصابة بمضاعفات عضوية ونفسية وحتى احتمال الوفاة. ومن أهم أهداف اليوم التوعوي العالمي لهذه السنة، تشجيع الأطباء والمرضى على مناقشة مشكلات النوم وأعراضها التي قد تفيد بإصابة الشخص باضطرابات نوم يمكن تشخيصها وعلاجها وتجنب مضاعفاتها على الجهاز الدوري الدموي بشكل فعال، كاضطرابات الشخير وانقطاع التنفس أثناء النوم الذي يصيب قريباً من 17 في المئة من الأفراد أكثرهم من الرجال، والأرق المزمن الذي يعاني منه بين 30 و 45 في المئة من البالغين، ومتلازمة الساقين غير المستقرتين التي تصيب نسبة بين 3 و10 في المئة من الأفراد بحسب دراسات مختلفة، واضطرابات النوم الحالم التي تصيب بعض كبار السن، وغيرها. ويلفت هذا اليوم التوعوي العالمي باضطرابات النوم إلى ارتباطها بارتفاع كلفة العناية الطبية، وهدر كثير من الأموال والمقدرات، نتيجةً مباشرةً للمضاعفات الناتجة من عدم تشخيص وعلاج اضطرابات النوم، فعلى سبيل المثال، تصل كلفة مضاعفات وعلاجات الأرق إلى 107 بلايين دولار سنوياً في الولاياتالمتحدة، كما يصاب في المجتمع الأميركي سنوياً 71 ألفاً ويقتل 1550 شخصاً بسبب حوادث السيارات الناتجة من اضطرابات النوم المختلفة، وعلى رأسها متلازمة انقطاع التنفس أثناء النوم. وأرى أن المجتمعات العربية لم تتمكن حتى اليوم إلى الوصول لآلية اجتماعية صحية تربوية تضمن نشر التوعية باضطرابات النوم، إذ يندر وجود المتخصصين والمهنيين في طب النوم، ولا تفي مراكز تشخيص وعلاج اضطرابات النوم المتوافرة بالاهتمام بأعداد المرضى المتزايدة، كما لا يحظى طب النوم بالاهتمام الوافي والدعم من مجموعة الأطباء والمتخصصين وصناع القرار والقنوات الإعلامية، على رغم معاناة جميع فئات المجتمع من بعض تلك الاضطرابات في فترة من فترات حياتهم، وتأثرهم بمضاعفات نفسية وسلوكية وعضوية كثيرة، جراء قلة الاهتمام بهذا الفرع الدقيق من الطب. استشاري الأمراض الصدرية واضطرابات النّوم المشرف على مركز اضطرابات النّوم. مدينة الملك عبدالعزيز الطبية في جدة. [email protected]