استنفرت أمس مؤسسات الحكم لتطويق إضراب قطاعات في الشرطة، الذي يدخل أسبوعه الثاني، وواصل وزير الداخلية اللواء محمد إبراهيم اجتماعاته مع قيادات الشرطة، ساعياً إلى تهدئة غضبهم، ومعلناً الاستجابة لغالبية مطالبهم، وملوحاً باستخدام متدرج للقوة في مواجهة «الاعتداء على المال والنفس». وشدد الناطق باسم الرئاسة إيهاب فهمي على «حرص الدولة على توفير الدعم اللازم للشرطة»، منبهاً إلى أن الظروف الدقيقة التي تمر بها مصر تتطلب «تضافر جميع الجهود من أجل استعادة الثقة بين المواطنين ومؤسسة الشرطة بما يمكنها من أداء مهامها بدلاً من تقويض دورها والعبث بمقدرات الدولة وأمنها، إعلاء واحتراماً لسيادة دولة القانون». وسعى فهمي في تصريحات نقلتها وكالة «أنباء الشرق الاوسط» الرسمية إلى التخفيف من حدة الغضب الذي أثاره قرار النيابة المصرية منح المواطنين حق توقيف المخربين، ما أثار مخاوف من انتشار المليشيات المسلحة، مشدداً على أن مهمة ضبط وحفظ الأمن «هي مسؤولية الدولة وأن وزارة الداخلية هي الجهة المنوط بها الاضطلاع بتلك المسؤولية»، كما لها. ودافع وزير الداخلية عن سياسات الشرطة في الفترة الأخيرة، مؤكداً أنه «جهاز وطني يعمل لخدمة الشعب وينحاز إليه، ويقف على مسافة متساوية من جميع القوى والتيارات السياسية من دون تدخل في العمل السياسي». وقال مدير إدارة الإعلام في وزارة الداخلية اللواء عبدالفتاح عثمان، في بيان مصور تعقيباً على لقاءات الوزير بقادة الشرطة، إن «وزارة الداخلية لن تقبل المزايدة على دورها، ولن تنجرف في محاولات الوقيعة بينها وبين أبناء الشعب المصري الذي تعمل من أجل أمنه وسلامته». وأشار إلى أنها «لن تتراجع عن دورها في حماية المنشآت المهمة والحيوية للدولة وستواجه بكل حزم أي محاولات تستهدف النيل منها»، لافتاً إلى أنها ستؤدي واجباتها التي كفلها الدستور والقانون في حماية مقدرات الوطن «مهما كلفها ذلك من جهود وتضحيات». وشدد عثمان على أن الوزارة ستستخدم جميع الصلاحيات المخولة إليها في إطار إنفاذ القانون لدرء الاعتداء على المال والنفس وستتدرج في استخدام القوة بالقدر اللازم، طبقاً للقواعد المقررة للتدرج في استخدام السلاح، وفي إطار حق الدفاع الشرعي. ونقل البيان عن وزير الداخلية، «تفهمه لما يعانيه رجال الشرطة خلال تلك المرحلة من ضغوط تجاه الحملة الشرسة التي يتعرضون لها ومحاولات الوقيعة بينهم وأبناء الشعب» مشيراً إلى أن «الوزير استجاب لبعض من المطالب فوراً ووعد بدراسة الأخرى». من جانبها طالبت جبهة «الضمير»، التي تضم قيادات في جماعه الإخوان المسلمين ومجموعة من حلفائها، الشعب بالتعاون لعلاج الخلل في أداء جهاز الشرطة بما لا يخل بمبدأ وحدة الجهاز وتبعيته للدولة وخدمته للشعب. وأشارت إلى أن الشرطة هي جهاز لحماية الشعب و «لا يجوز لأفراده أن ينسحبوا من العمل والامتناع عن القيام بواجبهم». وقالت الجبهة في بيان لها أمس، إنها «تثمن حكم القضاء في قضية «استاد بورسعيد وقضاتها الذين لم يتأثروا بالظروف الضاغطة المحيطة ويعكس ما انتهت إليه المحكمة من رأي في تفاصيل القضية من دون إهمال حق كل ذي مصلحة في الطعن في ما انتهى إليه الحكم بالطرق المقررة قانوناً». ودعت الجبهة كل الأطراف إلى دعم ثقافة «احترام الأحكام القضائية»، وعدم التعرض لها سوى بالطعن عليها بالطرق المقررة قانوناً، مضيفاً أن مؤسسة القضاء هي «قاطرة البلاد في مسيرة التحول الديموقراطي، وضمانة تحقيق دولة القانون التي يتساوى فيها الجميع». وأشار البيان إلى أن مؤسسة القضاء تحتاج إلى مزيد من الإجراءات والإصلاح، و «أن عملية الإصلاح يجب أن تكون من داخل المؤسسة ذاتها». كما طالبت الجبهة الجميع بأن «ينزل على مقتضى حكم محكمة القضاء الإداري بوقف البدء في إجراءات انتخابات البرلمانية، وفي الوقت نفسه أن لا يهدر حق المجتمع في التزام كل صاحب مصلحة بالطعن على الحكم أمام المحكمة الأعلى، لكي تُعرض الأحكام أمام الجهة القضائية الأعلى، فيطمئن الجميع إلى ما تقره من مبادئ». وأوضحت الجبهة أن واجب الدولة الآن طرح رؤيتها الواضحة لتمكين الشباب من المشاركة في بناء الجمهورية الثانية، وملء الفراغ القائم في المحليات وأجهزة الدولة بما فيها الأجهزة الإدارية والقضائية والأمنية، لافتة إلى أن «طموحات الشباب وأحلامهم وخيالهم هي بالضبط ما تحتاجه مصر في هذه اللحظة لتخرج من ارتباكها إلى انطلاقتها».