يعقد البرلمان العراقي جلسة مصغرة صباح اليوم الجمعة للبحث في أسباب الأحداث الدامية يوم الأربعاء الماضي، والتي راح ضحيتها مئات القتلى والمصابين. وفيما احتجزت قيادة عمليات بغداد القادة الأمنيين المسؤولين عن منطقتي باب المعظم (جانب الرصافة من بغداد)، والصالحية (جانب الكرخ) للتحقيق معهم في شأن التفجيرات، رفضت أوساط سياسية وبرلمانية تحميل ما يسمى «التحالف البعثي - التكفيري» مسؤولية التفجيرات، واعتبرت ذلك هروباً الى الأمام، مشيرة الى أن «(قيادة) عمليات بغداد تحاول تبرير اخفاقاتها باستخدام شماعة البعث والقاعدة». وقال فيصل العجرش الناطق باسم مكتب النائب الأول لرئيس البرلمان ل «الحياة» إن «اجتماعاً سيعقد في الساعة العاشرة صباحاً بتوقيت بغداد برئاسة النائب الأول الشيخ خالد العطية بسبب وجود رئيس البرلمان اياد السامرائي خارج البلاد». وأضاف أن «الاجتماع سيقتصر على رؤساء الكتل البرلمانية وأعضاء لجنة الأمن والدفاع»، لافتاً الى أنه «سيخصص لدرس الوضع الأمني والجرائم الارهابية التي حدثت الأربعاء». ولم تعط الجهات الرسمية احصاءات دقيقة لعدد الضحايا وسط معلومات حصلت عليها «الحياة» من مصادر صحية وأخرى اعلامية تؤكد أن «كتاباً رسمياً موجهاً من رئيس الوزراء نوري المالكي الى وزارات الداخلية والدفاع والصحة وقيادة عمليات بغداد يمنعها من اعطاء أرقام دقيقة لضحايا الأعمال المسلحة والتفجيرات». وأشارت المصادر التي «طلبت عدم كشفها» الى أن «الكتاب يحمل توقيع المالكي بصفته القائد العام للقوات المسلحة وليس بصفته رئيساً للوزراء». وبحسب مصادر غير رسمية، فإن عدد ضحايا الانفجارين اللذين وقعا قرب وزارتي المال والخارجية وصل الى «أكثر من 700 قتيل وجريح»، مشيراً الى أن «الانفجارين أديا الى احتراق أكثر من مئة سيارة». جاء ذلك في حين أفادت وكالة «رويترز» للأنباء أن تفجيرات أول من أمس أوقعت 95 قتيلاً وأكثر من ألف جريح. وقررت قيادة عمليات بغداد حجز المسؤولين الأمنيين في منطقتي الصالحية وباب المعظم لإجراء تحقيق معهم على خلفية انفجارات أول من أمس. وكان الناطق باسم قيادة عمليات بغداد اللواء قاسم عطا اتهم ما سماه «التحالف البعثي - التكفيري بالوقوف وراء الاعتداءات الإجرامية». وأكد «تشكيل لجنة لإجراء تقويم للوضع الأمني وإعادة النظر بانتشار القطعات الأمنية في عموم العاصمة بعد سلسلة التفجيرات الاخيرة». وطالبت قوى سياسية وبرلمانية وشخصيات رسمية بكشف أسباب «الانهيار الأمني الأخير ومحاسبة القيادات الأمنية المقصرة». واتهم المرجع الشيعي محمد سعيد الحكيم (وهو أحد المراجع الأربعة الكبار في النجف) جهات خارجية لم يسمها بالوقوف وراء التفجيرات. وقال في بيان إن «هناك قوى خارجية وداخلية تساند الأعمال الارهابية التي طاولت بغداد وتحاول الحصول على مكاسب سياسية». ودعا كل القوى السياسية الى «الضغط على المجتمع الدولي كي يقف في وجه عمليات الابادة الجماعية من خلال تشكيل لجان تحقيق لكشف الجناة ومن يدعمهم». واعتبر رئيس «مجلس الحوار الوطني» الشيخ خلف العليان اتهام «البعث والقاعدة» بالوقوف وراء أحداث يوم الاربعاء «هروباً الى أمام». وقال العليان ل «الحياة» إن «عمليات بغداد تستخدم شماعة البعث والقاعدة لتبرير فشلها وإخفاقها في حماية العراقيين». وأضاف أن «تفجيرات الاربعاء سياسية وتقف خلفها جهات سياسية داخلية ودول اقليمية لها مصلحة في زعزعة الوضع الأمني في العراق في محاولة للتأثير في الانتخابات البرلمانية المقبلة». من جهتها، اعتبرت النائب عن «الائتلاف الموحد» شذى الموسوي تحميل البعثيين مسؤولية التفجيرات «اتهاماً غير مباشر للقيادات الأمنية»، لافتة الى أن «جميع القادة الأمنيين هم من البعثيين السابقين الذين استثنوا من قرارات اجتثاث البعث». وأوضحت في بيان أنه «لم يعد مقبولاً على الاطلاق إلقاء الخطابات الرنانة وإلصاق التهم بهذه الجهة أو تلك من دون دليل. وعلى المسؤولين الأمنيين تحمل مسؤولياتهم كاملة ومصارحة الشعب وإعلان فشلهم في ضبط الوضع الأمني». وأبدت استغرابها من دعوة المالكي الى اعادة النظر في الخطط الأمنية، وتساءلت: «هل نسي أنه هو القائد العام للقوات المسلحة؟ وهو المسؤول عن وضع الخطط وهو الذي يعطي الأوامر وهو الذي يعيّن القيادات ويقيلها؟ فإلى من يوجه دعوته؟». الى ذلك، دعا قيادي في «التيار الوطني المستقل» بزعامة رئيس البرلمان السابق محمود المشهداني الى «اجبار الحكومة على تقديم استقالتها بسبب فشلها في السيطرة على الملف الأمني». وقال أمين سر التيار باسم الزاملي في تصريح صحافي إن ما حدث يوم الأربعاء الدامي في بغداد، كان مخيّباً لآمال الجماهير على رغم تركيز الحكومة على الملف الأمني دون سواه، وإهمال الجوانب الخدماتية والاقتصادية والاجتماعية». وأضاف أن «على الجماهير العراقية الخروج عن صمتها وإجبار الحكومة على تقديم استقالتها لفشلها في الحفاظ على أرواح مئات من أبناء العاصمة الذين سقطوا يوم أمس في سلسلة تفجيرات دامية