قضت المحكمة الجزائية في الرياض أمس بسجن الدكتور عبدالله الحامد والدكتور محمد القحطاني، 10 سنوات و11 سنة على التوالي ومنعهما من السفر بعد خروجهما من السجن. كما قضت بحلّ الجمعية التي أسساها من دون ترخيص، وأطلقا عليها اسم «جمعية الحقوق المدنية والسياسية في السعودية «حسم». ووقف كل أنشطتها، وجاءت هذه الأحكام، بعدما دانت المحكمة الحامد والقحطاني ب «الخروج على ولي الأمر والقدح في ديانته، وجلب الفتن والانقسام والاختلاف بين أفراد الأمة، ومحاولة تعطيل سبل التنمية بالدعوة إلى التظاهر، وتقديم معلومات إلى جهات خارجية غير صحيحة مبنية على الإشاعات». ونُقل الحامد والقحطاني إلى مركز الشرطة في حي المربع (وسط الرياض)، تمهيداً لنقلهما إلى السجن العام، وقد قررا استئناف الحكم. وأوضح القاضي حماد العمر في وثيقة الحكم خلال الجلسة العلنية التي حضرها نحو 100 شخص أن «الوصف الإجرامي لأعمال المُدعى عليهما (الحامد والقحطاني) تضمّن إجازة الخروج المحرّم على ولي الأمر، وإجازة بذل النفس المعصومة شرعاً في التظاهرات وأنها من الجهاد العام، والقدح في ديانة ولي الأمر بوصفه حاكماً جائراً يقدم الدعم المادي والمعنوي للعلماء لاستصدار الفتاوى التي يرغب، والقدح في ديانة وأمانة هيئة كبار العلماء، بأن فتوى حرمة التظاهرات صدرت في مقابل الدعم المادي والمعنوي، وأقرب وصف لهذا الأمر أن هيئة كبار العلماء ارتشت مقابل الفتوى، ويعد ذلك من البهتان المحرم شرعاً». وأضاف: «جلب المتهمان الفتن والانقسام والاختلاف بين أفراد الأمة، ومحاولة تعطيل سبل التنمية وزعزعة الأمن الداخلي بالدعوة إلى المظاهرات، وإتاحة الفرصة للأعداء في الخارج للنيل من أمن الأمة، وتقديم معلومات لجهات خارجية غير صحيحة، وإنما مبنية على الحدس والظن والإشاعات، ومخالفة الشرع والأنظمة في إنشاء جمعية حسم». وأشار إلى أن الحامد والقحطاني «أقرّا بمسؤوليتهما عن كل البيانات الصادرة عن جمعية حسم، وأن ما صدر عنها يعتبر أمراً مسلماً لدى جميع أعضائها، وجواز الخروج على الحاكم، فالخروج المحرم لديهما محصور في الخروج عن ولاية الأمة وعلى قطعيات الشريعة، وخروج الحاكم المستبد لخروجه عن شروط البيعة وهو العقد الاجتماعي، ودعوتهما إلى الإضراب الجماعي عن الأكل، ووصف من في السجون بالأبرياء، وأن التظاهرات ضد الحاكم أمر شرعي وجهاد سلمي وأمر بمعروف أو نهي عن منكر». وتابع أن «مراسلتهما للجهات الخارجية في شأن داخلي لم يثبت لديهما وإنما مبني على الإشاعات، إن المحاكمة للوسائل التي قاموا بها على رغم محاولتهما إيهام الجميع بأن المحاكمة سياسية فكرية، وعدم طاعة الحاكم إذا كانت ولايته غير قائمة على شرط البيعة (العقد الاجتماعي)، وجواز قتل النفس في التظاهرات وهي جهاد وأمر مشروع لردع ظلم الحاكم، واعتبار قتل النفس لإزالة الظلم فرعاً عن الجهاد العام». ولفت إلى أن المتهمين «رفضا الإجابة عن السؤال الثالث في الجلسة التاسعة، ونص السؤال: الملك هو الذي اختار الأمير نايف ولياً للعهد (رحمه الله) وأمرنا بمبايعته، وعندما أصدرت الجمعية بيانها برفض اختيار الأمير نايف، هل هذا تعتبره من الخروج المباح أم من الخروج المحرم؟ كما أقر الحامد المشترك الرسمي في صياغة بيان إنجاح التظاهرات، وأرسله بواسطة البريد الإلكتروني لمجموعة من أجل تنقيحه والإضافة عليه والتوقيع عليه». وزاد: «صدرت من المدعى عليهما إساءات إلى ولي الأمر والعلماء والوطن والمواطنين، تتمثل بأن ولي الأمر سلطان جائر لم يقم الحكم الشوري، وأن الأمير نايف أعلن مراراً رفض أي إصلاح سياسي، وحاول تمرير أنظمة قمعية عبر مجلس الشورى، وأن المَلك السعودي سلطان جائر والملك عبدالله رائد مرجو لإصلاح الحكم الجائر، ثم يقول إذا لم يقم الحكم الشوري فهو سلطان جائر، والتساؤل هل هناك فرق بين المُلك والمَلك، فالملك هو ولي الأمر وهو رأس المُلك، كما أن المدعى عليهما لا يرتضيان البيعة القائمة الآن». وذكر القاضي أن «الحامد وصف العلماء بالغفلة وعدم إدراك الواقع، ووصف الشيخ محمد ابن عثيمين (رحمه الله) بابن عقيمين، ووصف العلماء بطائر الزقزاق الذي يقوم بتنظيف أسنان الأسماك من الأوساخ، وأن فتاوى هيئة كبار العلماء من أسباب التطرف والعنف»... وقام المتهم القحطاني بالسماح لزوجته بقيادة سيارته في شوارع الرياض وهو بجانبها، وتم إركاب ثلاث نساء أجنبيات، بقصد نقل تصرفات الحكومة مع قيادة زوجته في حال القبض على زوجته». وأشار إلى أن «هناك تناقضات للمتهمين الحامد والقحطاني، تضمنت اندماج مفهوم الحكومة مع الحاكم، بمعنى أنا الدولة والدولة أنا، وفي موضع آخر نحن لا ننتقد الحاكم وولي الأمر، والتراجع عن اتهام وزير الداخلية الجديد بأن الدعوى شخصية كيدية». و«قال المتهم الحامد إنه لا يذكر أنه وقّع على بيان فيه اتهام للعلماء في أمانتهم، بينما إقرار زميله القحطاني تضمن أن جميع الأعضاء وقعوا على البيان، وقوله الأعضاء مسؤولون عن بيانات الجمعية مسؤولية اعتبارية، والتناقض في مقدار عدد المساجين الأمنيين والمرجعية في ذلك، وذكر أنه لا يصدق وزارة الداخلية، وأن عدد المساجين قائم على الحدس والظن». وعن الجمعية غير المرخصة (حسم) قال القاضي : «إن الحامد والقحطاني أقرا بعدم حصولها على إذن بمزاولة نشاطها، وإنه تم إشعار الملك عبدالله بن عبدالعزيز بقيام جمعية حسم، ولم يأت الرد على الإشعار الذي هو دليل على الإذن، وأن المسؤول عن نشر بيانات الجمعية شخص خارج المملكة». ولفت إلى أن «أدبيات معتقد المدعى عليهما وما قامت عليه جمعية (حسم) تتطابق مع أدبيات معتقد تنظيم القاعدة في أمرين، أحدهما القدح في الحكام وعدم شرعيتهم، والآخر التشكيك في علماء الأمة بعدم فهم الواقع السياسي وأنهم مداهنون وعلماء سلطة. وتختلف أدبيات معتقد المتهمين مع أدبيات القاعدة في كيفية الخروج على ولي الأمر، فالتنظيم يسلك منهج العنف وإباحة الدماء المعصومة وتدمير الأموال المصونة والتكفير والتصريح لتحقيق ما يعتقده، وأما هؤلاء فيرون أن المنهج هو الجهاد السلمي بالتظاهرات والكلمة، وإظهار ذمّ الحكام وعدم شرعيتهم وولايتهم لعدم تحقيق شرط البيعة والعقد الاجتماعي، وجواز بذل النفس والاستشهاد في سبيل إنكار المنكر».