تستعد القاهرةوأديس أبابا لجولة جديدة من المفاوضات لن تقتصر على مشروع «سد النهضة» الإثيوبي، وإنما ستطاول الشأن الاقتصادي، في إطار ترتيبات جديدة للعلاقات بين البلدين. ومن المقرر أن تستضيف القاهرة في 20 الشهر الجاري اجتماعاً جديداً للجنة الفنية الثلاثية التي شكلتها مصر والسودان وإثيوبيا الشهر الماضي، لإجراء دراسات فنية حول مشروع السد الإثيوبي خلال ستة أشهر. وأوضح وزير الري المصري حسام المغازي أنه وجه الدعوة إلى نظيريه الإثيوبي والسوداني للمشاركة في الاجتماع الذي يفترض أن يحسم قواعد اختيار المكتب الاستشاري العالمي الذي سيستكمل الدراسات الفنية ويحدّد السعة التخزينية للسد وعدد سنوات ملئه. ويأتي الاجتماع قبل يومين من عقد اجتماع للجنة الوزارية المشتركة بين مصر وإثيوبيا، برئاسة وزيري الخارجية وعضوية وزراء الري والزراعة والاستثمار والتجارة والنقل والكهرباء في أديس أبابا. وقال ل «الحياة» مسؤول في وزارة الخارجية المصرية إن الوزارة «ستجري خلال الأيام المقبلة اجتماعات مكثفة مع ممثلي وزارات الري والاستثمار والزراعة والتجارة والنقل والكهرباء للترتيب لاجتماعات اللجنة الوزارية المشتركة، وتحديد جدول أعمالها والخطط والمشاريع والبرامج التي يمكن عرضها». وأشار إلى أنه يجري ترتيب لقاءات على هامش أعمال اللجنة، بين رجال أعمال مصريين ورجال أعمال إثيوبيين، متوقعاً أن يوقّع البلدان أثناء الاجتماع المشترك عدداً من اتفاقات التعاون ومذكرات التفاهم في مجالات عدة. ويكتسب هذا الاجتماع أهميته من كونه الثالث في تاريخ العلاقات، إذ كان أول اجتماع وزاري مشترك بين مصر وإثيوبيا في العام 1976، والاجتماع الثاني في العام 2003 في أديس أبابا. وقال ل «الحياة» سفير مصر في إثيوبيا محمد إدريس إن اللجنة التي تعقد للمرة الأولى منذ 11 عاماً ستتناول «التعاون المشترك في مجالات الاستيراد والتصدير والتبادل التجاري والنقل بين البلدين»، مشيراً إلى أن الجانبين «يتطلعان إلى أكبر استفادة ممكنة من الدفعة الإيجابية التي تشهدها العلاقات». وأوضح أن «من المقرّر أن تركز اجتماعات اللجنة المشتركة على سبل زيادة الاستثمارات المصرية في إثيوبيا، سواء استثمارات حكومية أو خاصة»، مشيراً إلى أن وفداً من رجال الأعمال المصريين سيزور أديس أبابا ليبحث مع القطاع الخاص الإثيوبي في سبل التعاون المشترك. وأضاف أن اللجنة ستركز أيضاً على التعاون في مجال الكهرباء والطاقة والزراعة واستيراد اللحوم الإثيوبية لمصر. وأوضح أن بلاده تبدي استعدادها لتقديم مساعدات في مجال التعليم ومنحاً دراسية للطلاب الإثيوبيين، وكذلك المساهمة في تطوير البنية التحتيّة في إثيوبيا، فضلاً عن البحث في تطوير التعاون في المجال الطبّي وبناء المستشفيات. وكان وزير خارجية جنوب السودان برنابا بنجامين أعلن على هامش زيارته القاهرة، عن وجود تنسيق بين بلاده ومصر في ما يخص ملف مياه النيل، مؤكداً أن جنوب السودان «يتفهّم أهميّة نهر النيل بالنسبة إلى مصر». وقال: «تمّ الاتّفاق بين البلدين على أن يكون الحوار هو الوسيلة لحل المشاكل العالقة... هناك اتصالات مباشرة بين الرئيسين لحل أي مشاكل طارئة، وهناك مشاورات مستمرة بين جوباوالقاهرة في هذا الملف بما يخدم مصلحة البلدين ودول حوض النيل». وكان بنجامين التقى أول من أمس نظيره المصري سامح شكري «وتناولا تطوّرات العلاقات الثنائية وتشاورا حول عدد من القضايا الإقليمية ذات الاهتمام المشترك، خصوصاً المفاوضات بين الحكومة والمعارضة في جنوب السودان برعاية منظمة إيغاد. كما تناول الوزيران قضية الأمن المائي وأهميّة تعميق التعاون بين دول حوض النيل لمصلحة شعوبها من دون الأضرار بمصالح أي طرف»، وفق بيان رسمي. وكشف مسؤول مصري ل «الحياة» موافقة جنوب السودان على إرسال قوات مصرية للمساهمة في قوات حفظ السلام في جنوب السودان للمرة الأولى، إذ أرسلت جوبا أخيراً خطاباً رسمياً لإدارة عمليات حفظ السلام في الأممالمتحدة. كما كشف المصدر في تصريح إلى «الحياة» أن مصر تلقت أخيراً أيضاً ترحيباً من حكومة جوبا والمعارضة للبدء في وساطة بين الجانبين لإنهاء الصراع الدائر هناك، لافتاً إلى أن هذه الوساطة ستدخل حيّز التنفيذ عقب زيارة الرئيس سلفاكير ميارديت القاهرة الشهر المقبل. وأشار المصدر إلى صعوبة انضمام جنوب السودان إلى الجامعة العربية «لأن لغتها الرسمية ليست العربية»، مشيراً في الوقت ذاته إلى أن الأمين العام لجامعة الدول العربية نبيل العربي وعد وزير خارجية جنوب السودان أخيراً بالمساعدة في انضمام جوبا إلى الجامعة كعضو مراقب. ونفى المصدر وجود أزمات جديدة في ملفّ المياه في ما يتعلق بجنوب السودان، كما نفى استبعادها من حسابات الدول المتفاوضة في شأن «سدّ النهضة»، موضحاً أن تلك «المفاوضات لا ترمي إلى إعادة توزيع الحصص، ومن ثم لا داعي لقلق أي دولة على حقوقها من المياه». وكان بيان لوزارة الخارجية المصرية أوضح أن شكري وبنجامين بحثا في «تطوير العلاقات الثنائية بين مصر وجنوب السودان في المجالات السياسية والاقتصادية المختلفة، بما في ذلك تنشيط العلاقات بين القطاع الخاص في البلدين وزيادة الاستثمارات المصرية في جنوب السودان واستكمال الترتيبات الخاصة بافتتاح فرع جامعة الإسكندرية في جوبا». وأكّد شكري خلال اللقاء حرص بلاده على دعم تنفيذ المشاريع التنموية في جنوب السودان من خلال «الوكالة المصرية للشراكة من أجل التنمية» وبالتعاون مع الأطراف المانحة.