جامعة الأمير سلطان تحصل على براءة اختراع لحماية حقوق المحتوى الرقمي    لبنان يرفض محاولة إسرائيلية لمقايضة تحديد الحدود والانسحاب باتفاق تطبيع    دول مجلس التعاون تخطو خطوات كبيرة وقيّمة لمكافحة الإسلاموفوبيا    الهلال الأحمر بالمدينة يباشر أكثر من 8000 بلاغًا منذ بداية رمضان    إقامة الافطار الرمضاني لهيئة الصحفيين بمكة من أعلى إطلالة في بقاع المعمورة    أسواق    التزام راسخ بتعزيز الأمن والاستقرار في العالم.. ولي العهد.. دبلوماسية فاعلة في حل الأزمات الدولية    بمشاركة حكومة دمشق لأول مرة.. المؤتمر الأوروبي لدعم سوريا.. ماذا يريد الطرفان؟    وسط تشديد الحصار واستمرار المساومات حول عدد الأسرى.. 2.4 مليون إنسان يقتلهم الاحتلال ببطء داخل غزة    الأخدود يصعق الأهلي بهدف قاتل    ولي العهد يبحث مستجدات الأحداث مع رئيسة وزراء إيطاليا    اللجان الأولمبية الإفريقية تعترف بالاتحاد الدولي للهجن    تعزيز البيئة الاستثمارية في مكة    انطلاق «بسطة خير» لتمكين الباعة الجائلين    "أبشر" تتيح تجديد رخصة القيادة إلكترونياً    مجلس الشؤون الاقتصادية والتنمية يعقد اجتماعًا لمناقشة التقارير وإصدار التوصيات    «المداح.. أسطورة العهد» مسلسل جديد في الطريق    "سعودية" تبتكر تقنية متطورة لتوثيق نبضات الأجنة    823.9 ريالا فارقا سعريا بين أسعار الغرف الفندقية بالمملكة    جمعية «صواب» تطلق مشروع «العزيمة» للتعافي من الإدمان بجازان    «ستاندرد آند بورز» ترفع تصنيف المملكة وتشيد بحراكها نحو تحفيز الاستثمار    ربط حي السفارات بشبكة النقل العام عبر حافلات الرياض    هل تتعرض أمريكا للهجرة العكسية    اختصاصي شؤون طلابية: احموا المدارس من العدوى    مبابي يقود الريال لكسر عقدة فياريال    فتاوى الحوثيين تصدم اليمنيين    جبل أم القصص وبئر الصداقة!    الهجمات الأمريكية استهدفت منازل قياديين حوثيين في صنعاء    مؤسسة العنود تعقد ندوة «الأمير محمد بن فهد: المآثر والإرث»    انفجار العماليق الكبار    إطلاق مبادرة "بسطة خير السعودية" بالواجهة البحرية بالدمام    بدعم المملكة.. غينيا تحتفي بالفائزين في مسابقة القرآن    مسجد الجامع في ضباء ينضم للمرحلة الثانية لمشروع الأمير محمد بن سلمان ضباء - واس ضمّت المرحلة الثانية لمشروع الأمير محمد بن سلمان لتطوير المساجد التاريخية مسجد الجامع في مدينة ضباء بمنطقة تبوك، نظرًا لكونه أحد أقدم المساجد التاريخية ورمزًا تراثيًا في ا    مراكيز الأحياء.. أيقونة رمضانية تجذب أهالي جازان    كعب أخيل الأصالة والاستقلال الحضاري 1-2    موعد مباراة الأهلي القادمة بعد الخسارة أمام الأخدود    سفيرة المملكة في فنلندا تدشن برنامج خادم الحرمين لتوزيع التمور    الأذان.. تنوعت الأصوات فيه وتوحدت المعاني    خلافة هشام بن عبدالملك    وغابت الابتسامة    جمعية "شفيعاً" تنظّم رحلة عمرة مجانية لذوي الإعاقة والمرضى وكبار السن والفئات الاجتماعية برفقة أهاليهم    الصحة تجدد التزامها بحماية حقوق المرضى    مستشفى الدكتور سليمان الحبيب بالتخصصي يستأصل ورماً كبيراً بمحجر العين بعملية منظار متقدمة    القسوة ملامح ضعف متخف    ودية تعيد نجم الاتحاد للملاعب    قائد القادسية تحت مجهر الانضباط    الأخضر يستعد للتنين بالأسماء الواعدة    «سلمان للإغاثة» يوزّع 1.390 سلة غذائية في محافظتين بالصومال    تركي بن محمد بن فهد يطلق عددًا من المبادرات الإنسانية والتنموية    حكاية كلمة: ثلاثون حكاية يومية طوال شهر رمضان المبارك . كلمة : بئير    أبرز العادات الرمضانية في بعض الدول العربية والإسلامية.. فلسطين    من العقيدة إلى التجربة.. قراءة في أنسنة الدين    طويق جازان في مبادرة إفطار مرابط بالحد الجنوبي    وفاة الأميرة نورة بنت بندر آل سعود    إطلاق 16 كائنًا فطريًا في محميات العلا    نائب أمير منطقة مكة يستقبل رئيس المحكمة الجزائية بجدة    عَلَم التوحيد    فرع هيئة الصحفيين بجازان يحتفي بيوم العلم السعودي بالتعاون مع فندق جازان ان    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الخلاف على «تعدد الزوجات» في روسيا لا يستند إلى انتماءات إثنية أو دينية
نشر في الحياة يوم 20 - 08 - 2009

تجدد النقاش أخيراً، في روسيا حول فكرة السماح بتعدد الزوجات لمواجهة الأزمة الديموغرافية الحادة، ولتخفيف آثار مشكلات اجتماعية، أبرزها الانتشار المتزايد لظاهرة الأطفال «غير الشرعيين».
وأثارت تصريحات الرئيس الشيشاني رمضان قاديروف حول نيته استحداث قانون في الجمهورية القوقازية، يتيح تعدد الزوجات، جدلاً صاخباً وانقساماً بين مؤيدين ومعارضين للفكرة. لكن اللافت أن الملف الخلافي ليس جديداً، إذ جرى تداوله مرات، خلال العقدين المنصرمين، حتى تحول قضية مثارة دائماً، وموضوعة على طاولة البحث عند أعلى المستويات.
واللافت أن الانقسام بين معسكري المؤيدين والرافضين للفكرة لم يعد يستند الى انتماءات إثنية أو دينية.
فبين زعماء المسلمين الروس من يعارض السماح بتعدد الزوجات في روسيا، وفي المقابل، انضم سياسيون بارزون بعضهم لهم توجهات قومية واضحة، إلى معسكر المؤيدين لفكرة بات بعضهم يرى أنها ستجد طريقاً – عاجلا أو آجلاً - إلى إقرارها ولو جزئياً، باعتبارها أفضل الحلول التي ابتكرتها البشرية لمشكلات كثيرة يعانيها حالياً المجتمع الروسي.
وبعدما كان مجرد الحديث عن هذا الموضوع يقابَل بالاستنكار في تسعينات القرن الماضي، لم يعد بحث الموضوع يثير حساسية خاصة، لدى النخب الروسية، وهو ما دل عليه التفكير بمناقشة الفكرة في إطار المجلس الاجتماعي لدى الكرملين، وهو هيكلية تضم شخصيات دينية واجتماعية بارزة من كل الطوائف والاتجاهات، تبحث الملفات الحساسة التي تخص أوضاع المجتمع ومشكلاته، وتقدم توصياتها إلى الرئيس الروسي.
وبحسب المحامي اناتولي كوتشيرين، فإن المجلس يسعى لمناقشة اقتراح الرئيس الشيشاني بهدف التحقق من جدواه، وسبل التعامل معه في إطار القوانين الروسية التي تمنع تعدد الزوجات.
ويرى القانوني أنه لم يعد جائزاً مواصلة تجاهل المشكلات الاجتماعية الحادة التي تبرز بقوة في مناطق كثيرة، وخصوصاً في القوقاز، «وعلينا القيام بنقاشات مفتوحة مع الاستعانة بخبراء في هذا الشأن»، كما يقول.
وللتركيز على منطقة القوقاز أسباب معروفة. فهذه المنطقة فيها غالبية ساحقة مسلمة، حافظت على تقاليدها حتى في العهد السوفياتي، عندما كان تعدد الزوجات جريمة كبرى تعاقب عليها القوانين بصرامة، وأيضاً أسفرت الحروب المتواصلة في هذه المنطقة منذ عشرين عاماً عن خلل واضح في التركيبة الاجتماعية، ما زاد من قوة حجج مناصري فكرة تعدد الزوجات.
ولذلك لم يكن غريباً أن تأتي أولى المبادرات لاستحداث قوانين تتيح تعدد الزوجات، من هذه المنطقة تحديداً التي يفاخر الرجال فيها بحقهم وقدرتهم على جمع أكثر من زوجة.
وفي 1999، أصدر الرئيس الأنغوشي رسلان أوشيف مرسوماً يسمح بتعدد الزوجات في الجمهورية، لكن الرئيس الروسي السابق بوريس يلتسن ألغى القرار مستنداً إلى مادة في قانون الأحوال المدنية الفيديرالي تحظّر التعدد.
وعلى رغم ذلك ظلت منطقة القوقاز تعيش وفقاً لقوانينها الخاصة، وخصوصا في سنوات الحرب الشيشانية عندما كانت يد موسكو لا تحكم السيطرة على المنطقة.
ولم يخف الرئيس الشيشاني أخيراً عندما جدد النقاش حول الموضوع أن «هذه عاداتنا التي نتمسك بها منذ مئات السنين».
وكان قاديروف تحدث لصحيفة حكومية روسية عن «حاجة الشيشان الى قانون يسمح بتعدد الزوجات»، وأشار إلى أن عدد النساء في الجمهورية أكبر بكثير من عدد الرجال وأنه «يجب تأمين حياة كريمة لهن».
وجادل قاديروف معارضي الفكرة بالتأكيد أن المجتمع القوقازي يرفض فكرة العلاقات بين الرجل والمرأة خارج إطار شرعية الأسرة، ما يعني أن المطلوب تقنين العلاقة ووضع أسس صحيحة لها. وسبق للرئيس الشيشاني، الذي يُعتبر حالياً من أشد أنصار الفكرة، أن طرح مبادرة مماثلة في 2006، وكان حينها نائباً لرئيس الوزراء الشيشاني، وشدد على أن «أفضل الحلول لمواجهة المشكلة الديموغرافية في الجمهورية التي تعاني الحرب، أن نفسح في المجال للرجال بجمع أربع زوجات بشرط واحد هو القدرة على إعالتهن».
لكن المبادرة في ذلك الوقت لقيت ردود فعل عنيفة، وخصوصاً من جانب وسائل الإعلام الروسية التي ربطت الدعوة ب «الإرهاب والتطرف» واعتبرتها «عودة إلى عصور الظلام».
ومعلوم أن قانون الأحوال المدنية الروسي يعتبر الزواج الثاني لاغياً تلقائياً، لكنه لا يتطرق إلى ما يعرف باسم «الزواج المدني».
وهذه المرة لم يلق طرح قاديروف رد الفعل الحاد ذاته، خصوصاً أن واقع الأمر في القوقاز يشير إلى أن السلطات المحلية كرست أمراً واقعاً في الجمهورية منذ نحو ثلاث سنوات، عندما بدأت بتشجيع الشبان على الزواج من المطلقات والأرامل.
واللافت أن بعض رموز الإدارات الدينية لشؤون المسلمين في البلاد أيدوا الفكرة وطالب بعضهم الآخر بتوسيعها لتنسحب على كل المناطق الأخرى. وبينهم المفتي طلعت تاج الدين، رئيس الإدارة الدينية المركزية لمسلمي روسيا، الذي اعتبر أن هذا التطور «سيسمح بتوفير رعاية أسرية طبيعية لملايين الأطفال الذين تقوم أمهاتهم بتربيتهم وحيدة أو لأطفال كثيرين أنجبوا خارج إطار مؤسسة الزواج».
والطريف أن تاج الدين عقد مقارنة مثيرة عندما أشار إلى أن «لدى بعض الأثرياء في روسيا 40 زوجة»، في إشارة إلى ظاهرة «المحظيات» التي انتشرت بكثرة في السنوات الماضية في روسيا.
لكن الأكثر إثارة أن معسكر مؤيدي تعدد الزوجات بات خلال السنوات الأخيرة، يضم سياسيين بارزين معروفين بتوجهاتهم القومية الروسية، بينهم نائب رئيس البرلمان فلاديمير جيرينوفسكي الذي طالب بوضع صياغة قانونية لتعدد الزوجات.
وكان جيرينوفسكي اقترح في 2002 مشروع قانون لمناقشته في مجلس الدوما، يسمح للرجل بالزواج من أربع نساء، شرط أن تعطي كل منهن موافقتها على أن يقترن زوجها بغيرها، لكن الاقتراح قوبل حينها بعاصفة داخل البرلمان وتم رفضه بغالبية الأصوات.
وبرر جيرينوفسكي، الذي لم يخف نيته الاقتران «بزوجة ثانية وربما ثالثة»، موقفه بضرورة وضع آليات قانونية لمواجهة التدهور الديموغرافي الخطر في البلاد. وأشار إلى أن نحو 300 ألف طفل غير شرعي يولدون سنوياً في روسيا، وإلى أن عدد النساء يزيد عن عدد الرجال بعشرة ملايين نسمة، ما يعني أن تعدد الزوجات «أمر ضروري ليس في الشيشان أو القوقاز فقط بل في كل روسيا».
ويتفق مفوض حقوق الإنسان في الشيشان نوردي نوخاجييف مع جيرينوفسكي، إذ عبّر عن ثقته بأن السماح بتعدد الزوجات سيساهم في حل مشاكل ديموغرافية وإنسانية وأخلاقية وروحية، ليس في المجتمع الشيشاني فحسب، وإنما في روسيا عموماً.
ومعلوم أن روسيا تفقد سنوياً نحو 800 ألف نسمة، بينما فشلت محاولات السلطات المختصة في مواجهة الخطر الداهم والتقليل من آثاره الكارثية حتى الآن.
في المقابل، جاء موقف نائبة أخرى لرئيس البرلمان الروسي، وهي لوبوف سيلسكا، حاداً في مواجهة مؤيدي الفكرة، فقد قالت: «لماذا يتحدثون عن تعدد الزوجات فقط، طالما في روسيا مساواة في الحقوق يجب أن نسمح بتعدد الأزواج أيضاً؟».
اللافت أن بعض معارضي الفكرة لجأوا إلى ابتكار حل يقسم المجتمع إلى قسمين «أحدهما شرقي له عاداته ولا بأس باحترامها، والآخر لن تجد الفكرة قبولاً لديه». وأشار رئيس لجنة العلاقات بين القوميات في المجلس الاجتماعي، نيكولاي سفانيدزه إلى ان «المرأة الشرقية قد لا تعارض وضعها كزوجة ثانية أو ثالثة، فإذا كان الأمر ينسجم مع ثقافتها فنحن لا نملك الحق بأن نمنعها من ذلك».
أما طاهر ساماتوف، ممثل الإدارة الدينية المركزية للمسلمين، فكان رأيه أكثر وضوحاً، عندما أشار إلى أن تعدد الزوجات «قد يساعد في حل المشكلة الديموغرافية في روسيا، لكن الشعب لن يتقبل هذا التطور»، مقترحاً أن يُسمح بتعدد الزوجات للمسلمين فقط.
أما مسؤول الإدارة الدينية لمسلمي نيجني نوفغرد، دامر محي الدينوف، فأعلن معارضة قوية للفكرة، مشيراً إلى الأوضاع المعيشية القاسية.
واستند إلى تقديرات تشير إلى أن نحو 27 في المئة من مواطني روسيا يعيشون تحت خط الفقر، ليطرح السؤال: «كم يبلغ عدد الرجال القادرين على تلبية احتياجات أكثر من أسرة وتوفير حياة كريمة لأربع زوجات أو لزوجتين حتى؟ وهل سيكون هؤلاء قادرين على منح أطفالهم المستوى المطلوب من الرعاية والتعليم؟».
ومع احتدام النقاش حول الموضوع بدأ قانونيون روس في البحث عن منافذ في القانون الأساسي تفتح هوامش لأنصار الفكرة، وبحسب بعضهم، فإن قانون الأحوال المدنية، على رغم أنه لا يتيح تعدد الزوجات، لا يعاقب، في الوقت ذاته، من يرتكب هذه «المخالفة». وبذلك، فإن الزواج الثاني أو ما يليه يُعتبر لاغياً بحكم القانون، لكن القانون ذاته لا يتطرق إلى «الزواج المدني».
وتبقى المشكلة في غياب الناظم الذي يضمن حقوق الزوجة الثانية في ممتلكات زوجها حياً أو في حال وفاته.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.