وفاة طفلة رضيعة في غزة بسبب البرد الشديد    ناصر القصبي يؤكد في الحفل الختامي أهمية تعزيز الحراك المسرحي السعودي    نائب أمير جازان يستقبل الدكتور الملا    تعليم عسير يحقق المركز الأول في جائزة العمل التطوعي على مستوى المملكة    خفض الفائدة يعيد تشكيل المشهد ويعزز السيولة في السوق السعودي    يوم الجبال الدولي مشاركة واسعة لإبراز جمال تضاريس السعودية    هيئة الأدب والنشر والترجمة تطلق معرض جدة للكتاب 2025    توقيع اتفاقية التعاون الإستراتيجي لدعم التعليم في اليمن بقيمة 40 مليون دولار    مؤشر الذكاء الاصطناعي للعالم الإسلامي يقيس جاهزية وتقدم الدول    نائب أمير المنطقة الشرقية يستقبل رئيس وأعضاء مجلس إدارة جمعية سقياهم    روضة إكرام تختتم دورتها النسائية المتخصصة بالأحكام الشرعية لإجراءات الجنائز    45 ركنًا تستعرض خيرات حفر الباطن في مهرجان المنتجات الزراعية    رئيس الخلود: صلاح غير مناسب لدوري روشن    قمة منتظرة بين أبها والعلا.. الجمعة انطلاق الجولة 11 من دوري يلو    تعلموا التاريخ وعلموه    ريما مسمار: المخرجات السعوديات مبدعات    أمسية شعرية تحتفي بمسيرة حسن أبو علة    فعاليات ترفيهية لذوي الإعاقة بمزرعة غيم    طرق ذكية لاستخدام ChatGPT    رئيس ديوان المظالم يتفقد محاكم المدينة    جاهزية عالية لمواجهة الحالة المطرية في مكة    ممدوح بن طلال.. إرثٌ لا يرحل    رينارد: اعتدنا على المواجهات الثقيلة    مدرب فلسطين: المنتخب السعودي «مونديالي»    لاعبو العراق يطالبون الجماهير بالدعم    رصد أكثر من عشرة آلاف طائر في محمية فرسان    «الثقافة» تختم الفعاليات الثقافية السعودية في البندقية    على هامش شتاء مرات السادس.. معرض منوع لفناني منطقة الرياض    أمير المدينة المنورة يستقبل تنفيذي حقوق الإنسان في منظمة التعاون الإسلامي    ارتفاع مبيعات الإسمنت مع تزايد حركة البناء الواسعة    استضعاف المرأة    مستشفى الملك فهد الجامعي يعزّز التأهيل السمعي للبالغين    «طبية الداخلية» تقيم ورشتي عمل حول الرعاية الصحية    تطعيم بلا بروتين بيض    الأرض على موعد مع شهب التوأميات    في ذمة الله    تشجيع تكافؤ الفرص والمساواة في المعاملة.. الموارد.. مبادرات تحقق العدالة وتعزز بيئة العمل    «حساب المواطن»: 3 مليارات ريال لمستفيدي دفعة شهر ديسمبر    القيادة تعزّي ملك المغرب في ضحايا انهيار مبنيين متجاورين في مدينة فاس    أمير الشرقية ونائبه يعزيان العتيبي في وفاة والده    في ربع نهائي كأس العرب.. الأخضر يواجه فلسطين.. والمغرب تصطدم بسوريا    بحث مع الرئيس الإريتري تطوير التعاون المشترك.. ولي العهد وغوتيرس يستعرضان سبل دعم الاستقرار العالمي    في سادس جولات اليورباليج.. مواجهة حاسمة بين سيلتيك غلاسكو وروما    «مسألة حياة أو موت».. كوميديا رومانسية مختلفة    غرفة إسكندراني تعج بالمحبين    وسط ضغوط الحرب الأوكرانية.. موسكو تنفي تجنيد إيرانيين وتهاجم أوروبا    بيروت تؤكد سيادتها واستقلال قرارها الداخلي.. رفض لبناني رسمي لدعوة إيران    ضغوط أمريكية لتنفيذ المرحلة الثانية.. واشنطن تلزم تل أبيب بالتقدم في اتفاق غزة    المملكة تعزز ريادتها العالمية في مكافحة الجفاف    زواج يوسف    دراسة تكشف دور «الحب» في الحماية من السمنة    مادورو: نطالب بإنهاء تدخل أميركا غير القانوني والعنيف    نائب أمير مكة: المملكة أولت خدمة المقدسات وقاصديها اهتمامًا خاصًا وجعلتها على هرم الأولوية    تصعيد جديد في اليمن يهدد استقرار الجنوب    استئصال البروستاتا بتقنية الهوليب لمريض سبعيني في الخبر دون شق جراحي    جمعية روضة إكرام تعقد دورتها النسائية حول الأحكام الشرعية لإجراءات الجنائز    طيور مائية    ولي العهد يفتتح مرافق قاعدة الملك سلمان الجوية    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الرشد الاقتصادي في زمن الاستهلاك الكبير
نشر في الحياة يوم 01 - 03 - 2013

تقوم كل النظريات الاقتصادية التي تدرس سلوك المستهلك على افتراض الرشد والعقلانية Rationality لدى هذا الشخص.
ولعل أولى هذه النظريات والقوانين وأبسطها هو قانون الطلب المعروف، الذي ينص على أنه بافتراض بقاء العوامل الأخرى على حالها، فإن انخفاض سعر السلعة يؤدي إلى زيادة الكميات المطلوبة منها. بمعنى آخر، فإن هناك علاقة عكسية بين السعر والكميات المستهلكة.
ولعل السؤال المنطقي والبدهي حالياً، هو هل هذه العلاقة صحيحة؟ وهل هناك سلع وخدمات تنخفض أسعارها ليزيد استهلاكنا منها؟ وأين هي؟ وكم عددها؟
إن الملاحظة الجديرة بالتأكيد هي أن أسعار السلع والخدمات ترتفع كل يوم وكل شهر وكل عام، وبالتالي فإن الحديث عن انخفاض أسعار السلع والخدمات أصبح شيئاً من الماضي، كما أن الحديث عن العلاقة العكسية بين السعر والكميات المشتراة لم يعد متأكداً، فالمستهلك ما زال يستهلك الكميات من السلع والخدمات نفسها، على رغم ارتفاع أسعارها تباعاً، وعلى رغم انخفاض دخله ضمنياً نتيجة هذه الارتفاعات المستمرة في الأسعار. ولعل السؤال هنا أيضاً، هو كيف له ذلك؟
بالتأكيد لا يمكن الجزم بإجابة واحدة شافية، فالمتابع لسلوك المستهلك السعودي، يجد أنه قفز إلى أعلى السلم الاستهلاكي، نتيجة التدفق النقدي الكبير في أسعار النفط في أواخر السبعينات وأوائل الثمانينات من القرن الماضي، وبالتالي فإن مجتمعنا لم يمر بمراحل النمو التي شهدتها البلدان الأوروبية، والتي لخصها عالم الاقتصاد الأميركي روستو، في نظريته الشهيرة «مراحل النمو»، والتي تصف مراحل النمو الاقتصادي للمجتمع.
وفي النظرية المذكورة، قسّم روستو مراحل النمو أو خطواته إلى خمس مراحل متتابعة هي، أولاً: «مرحلة المجتمع التقليدي»، وهو المجتمع القائم على حرفتي الزراعة والرعي.
ثانياً: «مرحلة التهيؤ للانطلاق»، وهي مرحلة ينتج المجتمع فيها بعض المواد الخام، وبعض الإنتاج الحرفي والصناعي البسيط.
ثالثا: «مرحلة الانطلاق»، وهي مرحلة يزيد فيها الإنتاج الصناعي ويطغى على ما سواه من الأنشطة الاقتصادية، وإن كان يتركز في هذه المرحلة على نشاط أو نشاطين فقط.
رابعاً: «مرحلة النضج»، وهي المرحلة التي تشهد نمواً اقتصادياً كبيراً، وتتنوع فيها قاعدة الإنتاج، وتستكمل فيها شبكات النقل والطرق والتعليم وغيرها.
خامساً وأخيراً: «مرحلة الاستهلاك الكبير»، وهي المرحلة التي يكون المجتمع فيها استكمل نموه وانطلاقته، وبالتالي فإن مواطنيه يستحقون أن يستمتعوا في هذه المرحلة باستهلاك ما يزيد على الحاجات الأساسية، ويحصلوا على دخول عالية.
الملاحظة المهمة أن مجتمعنا انطلق من المرحلة الأولى، وهي مرحلة المجتمع التقليدي القائم على الرعي والزراعة وبعض الحرف اليدوية البسيطة إلى المرحلة الخامسة وهي الاستهلاك الكبير، من دون أن يمر بالمراحل الثلاث بينهما!
عودة إلى المستهلك السعودي الذي لا يريد أن يُخفض، أو هو لا يستطيع أن يخفض استهلاكه الكبير الذي اعتاد عليه طوال 40 عاماً تقريباً، لأنه وكما ذكرنا لم يعد السعر هو محدد الاستهلاك فقط، كما ينص قانون الطلب الاقتصادي، كما أن الدخل الشخصي لم يعد هو المحدد للاستهلاك فقط، فالمستهلك تحت ضغط المقاومة للبقاء عند مستوى استهلاك معين اعتاد عليه لأعوام طوال، أصبح يلجأ إلى «الدخل الدائم» وهو الدخل الشخصي، مضافاً إليه أية دخول أخرى يتحصل عليها من إيجارات أو عمل إضافي أو إعانات حكومية، أو حتى اقتراض، ليبقى عند مستوى الاستهلاك الدائم غير المتأثر بالغلاء، وانخفاض الدخل الشخصي.
ويعزز هذا السلوك نحو التمسك بالاستهلاك الكبير، على رغم انخفاض الدخول نتيجة الغلاء، ما يعرف بدافع التقليد والمحاكاة للآخرين، فالمستهلك الذي يعيش في مجتمع يستهلك كثيراً، يحاول العيش في مستوى من هم حوله من جيران وأقارب وأصدقاء، وهو ما يعزز مقاومته لخفض الاستهلاك نتيجة ارتفاع الأسعار، وانخفاض دخله الحقيقي نتيجة هذه الارتفاعات.
وإذا ما أضفنا تحول كثير من السلع من كونها كماليات بحتة إلى أن تحتل مكانتها كسلع ضرورية وأساسية للحياة، لعرفنا جنوح المستهلك السعودي إلى التمسك بالاستهلاك الكبير على رغم انخفاض الدخول الفردية، فالجوال والنظارة الشمسية والآيباد وغيرها أضافت ثقلاً إضافياً إلى فاتورة الاستهلاك في مجتمعنا، واحتلت مكانها لتكون سلعاً أساسية يشتريها كل المستهلكين، إضافة إلى فواتيرها وصيانتها وتغييرها الدائم، وبالتالي فإن أي حديث عن تقليل الاستهلاك في مجتمعنا لا يمكن أن يلقى آذاناً صاغية، والضحية الأولى لهذا الهوس الاستهلاكي المبرر أو غير المبرر كثيراً هو بند الادخار. فالادخار الذي يذهب إليه عادة ما يفيض عن الاستهلاك، أصبح خاوياً على عروشه.
وهنا موضع الخطورة، فالادخار بحسب النظرية الاقتصادية هو المحدد الأول للاستثمار ولبناء التراكم الرأسمالي في المجتمع، ويأتي ذلك عن طريق تجميع المدخرات الفردية وتوجيهها نحو استثمارات نافعة للمجتمع.
أكاديمي سعودي متخصص في الاقتصاد والمالية.
ibnrubbiandr@


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.