تسلمت المعارضة السورية أخيراً أسلحة متطورة، خصوصاً عبر تركيا، وأموالاً لدفع رواتب للمقاتلين في خطوة تهدف لتعزيز قيادة عسكرية جديدة للمعارضة تأمل الدول الغربية في أن تتمكن من تخفيف نفوذ المقاتلين الإسلاميين. وذكر قادة في المعارضة أن شحنة أسلحة ومعدات تحمل على الكتف وعتاد محمول آخر، بما في ذلك أسلحة مضادة للطائرات والدروع وقذائف هاون وقاذفات صاروخية، وصلت إلى المعارضين عبر تركيا الشهر الماضي، وأن بعض المقاتلين رفضوا الأسلحة كما رفضوا الخضوع للقيادة الجديدة. وقال معارضون مسلحون أنه يجري توزيع الأسلحة والأموال من خلال هيكل قيادة جديد في إطار خطة للداعمين الأجانب من أجل مركزية السيطرة على وحدات المعارضة وكبح الإسلاميين المرتبطين ب «القاعدة». لكن في علامة على صعوبة توحيد الجماعات المقاتلة المتباينة قال بعض المقاتلين إنهم رفضوا الأسلحة كما رفضوا الخضوع للقيادة الجديدة. ورفض المعارضون الكشف عن موردي الأسلحة رغبة منهم في عدم إحراج الداعمين الأجانب لكنهم قالوا إنها وصلت عبر تركيا «من دول مانحة». وكانت صحيفة «نيويورك تايمز» ذكرت أول من أمس أن دولة خليجية تمد المسلحين السوريين بأسلحة اشترتها من كرواتيا. وقال قائد للمعارضين في محافظة حمص: «تسلمنا هذه الأسلحة بشكل قانوني ورسمي وعادي من خلال معبر باب الهوى» الحدودي مع تركيا الذي تسيطر عليه المعارضة «ولم تسلم عبر ممرات التهريب». وأضاف: «لكنها لا تكفي لمساعدتنا على الانتصار. وصلت شحنة أخرى إلى تركيا لكن لم نتسلمها حتى الآن». وقال إنه يعتقد أن المانحين الأجانب ينتظرون أن تشكل المعارضة السورية حكومة انتقالية للعمل مع القيادة العسكرية للمعارضة. وتجتمع المعارضة السورية في إسطنبول السبت المقبل لاختيار رئيس للوزراء في الحكومة الانتقالية التي يفترض أيضاً أن تختار وزيراً مدنياً للدفاع لتشكل بذلك الهيكل الأساسي لدولة وجيش في المستقبل. ويعتمد المعارضون بشكل أساسي حتى الآن على الأسلحة الخفيفة التي تهرب من دول مجاورة -حيث يمول أو يرسل كثير منها متعاطفون من دول الخليج فضلاً عن الأسلحة التي يحصلون عليها من القواعد العسكرية التي يسيطرون عليها داخل سورية. لكن لقطات فيديو وصور من أنحاء سورية تدعم في ما يبدو التقارير عن وصول أسلحة متطورة إلى المعارضة. يذكر أن بعض الدول الخليجية أعلنت دعمها تسليح المعارضة السورية، فيما أبدت الدول الغربية حذراً في تسليح المعارضة والتزمت علناً حتى الآن بإرسال مساعدات «غير فتاكة» مثل أجهزة الاتصالات اللاسلكية والسترات المضادة للرصاص. وتشعر القوى الغربية بالقلق لتزايد نفوذ المتشددين الإسلاميين في بلد يقع عند مفترق طرق في الشرق الأوسط بين العراق وإسرائيل وتركيا ولبنان والأردن. وبذلت تلك القوى الغربية جهوداً لتوحيد المعارضة المسلحة تحت قيادة واضحة. وشكلت هيئة في كانون الأول (ديسمبر) لجمع وحدات أو كتائب المعارضة تحت قيادة موحدة. وقال مساعد لقائد في المعارضة المسلحة إن «أحد أسباب تغيير وجهة نظر المانحين هي أنهم يريدون تمكين القيادة العسكرية الجديدة ومساعدتها في تنظيم الأسلحة والمقاتلين». وأضاف: «إذا انضمت الكتائب فإنها تحصل على نصيبها من الأسلحة وأيضاً على رواتب شهرية للمقاتلين». وتقسم القيادة العسكرية الجديدة سورية إلى خمس جبهات هي الجنوبية والغربية والشرقية والشمالية والوسطى. وقال المقاتل المعارض: «كل جبهة تسلمت نصيبها. وزعت بالتساوي بين الجميع»، مضيفاً أن تكلفة الأسلحة سترد في صورة عقود لإعادة الإعمار بعد الصراع تمنح للدول التي تقدم المساعدة. وتابع: «لذا فالأمر بالأساس كما لو أننا دفعنا مقدماً. إنها تمول من الدول التي ستشارك في إعادة إعمار سورية». لكن في علامة على استمرار الانقسامات في صفوف معارضي الأسد يشكو بعض المعارضين المسلحين من أن «المجالس العسكرية» التي تسلمت الأسلحة - والتي ينظر إليها الغرب على أنها حليف مرجح أكثر من الإسلاميين المتشددين - لم تكن الجماعات التي ينبغي تسليحها. وقال قائد بالمعارضة يعمل حول العاصمة: «هناك نزاع في دمشق. الذين حصلوا على هذه الأسلحة ليسوا المقاتلين الحقيقيين. إنهم أعطوها للمجلس العسكري الذي لا يقاتل. ونحن من يقف على خط الجبهة ويقاتل». وأضاف أن مقاتليه رفضوا عرضاً للحصول على أسلحة في مقابل الولاء للمجالس العسكرية. وتابع: «عقد اجتماع وطلبوا من كتيبتنا الانضمام في مقابل أن يعطونا ما بين عشرة إلى 20 صاروخاً وذخيرة مضادة للدروع وعتاداً آخر. كانوا يريدون أن يكون كل شيء تحت إشرافهم. لكننا رفضنا». ولفت إلى «أنهم يعطون تلك الأسلحة لأشخاص كي يتمكنوا من خلق وجود (قتالي) على الأرض. فلماذا لا يعطونها لأناس لهم وجود بالفعل؟». وقال قائد آخر إنه لن يتورع عن الاستيلاء على أسلحة مرسلة إلى معارضين يقاتلون بالاسم فقط إذا علم أن تلك الأسلحة تمر عبر منطقته. وقال عدد من المقاتلين من أنحاء البلاد إنهم يخشون أن تكون الخطة الأساسية للقوى الخارجية هي دفع الجيش السوري الحر المعارض والمقاتلين الإسلاميين «المعتدلين» الآخرين إلى مواجهة مع المتشددين. وشن مقاتلون من جماعات متشددة مثل «جبهة النصرة» و «جماعة أحرار الشام» الإسلامية بعضاً من أكثر الهجمات الفتاكة، بما في ذلك تفجير سيارات في دمشق وحلب ومناطق أخرى. وصفوف تلك الجماعات مليئة بمقاتلين جهاديين من أنحاء العالم الإسلامي. وقال رئيس أركان القيادة العسكرية للمعارضة العميد سليم إدريس إن وجود المقاتلين الأجانب يعرقل الدعم الدولي للمعركة ضد الأسد. وأضاف: «إننا ننادي كل أشقائنا من جميع الدول. من فضلكم يا أشقائي: نحن لا نحتاج إلى رجال. ابقوا في بلدانكم وافعلوا شيئاً صالحاً داخل بلدانكم».