التقارب في الموقفين المصري والأميركي في عملية السلام والتطورات الاقليمية كان السمة الابرز للقاء الاول بين الرئيسين باراك اوباما وحسني مبارك في واشنطن، اذ أعرب الطرفان في اعقابه عن تفاؤلهما بمسار عملية السلام وفرص بدء المفاوضات. واذ أكد الرئيس الأميركي أن خطوة اسرائيل وقف استدراج عروض لتوسيع مستوطنات الضفة الغربية «مشجعة»، أبقت واشنطن على مطالبتها الجانب الاسرائيلي «بوقف الاستيطان طبقا لخريطة الطريق»، في وقت أكد مبارك أن أي خطوات عربية تطالب فيها واشنطن باتجاه اسرائيل تشترط اولا بدء مفاوضات الحل النهائي وليس الحلول الموقتة. وبحث الجانبان، في اجتماعات استمرت ثلاث ساعات، بدأت بخلوة بين الرئيسين وتبعها لقاء موسع بينهما بحضور وزيرة الخارجية هيلاري كلينتون ونائب الرئيس جوزيف بايدن ومستشار الأمن القومي جايمس جونز الذي كان التقى مبارك صباحا قبل الاجتماعات، وحضرها عن الجانب المصري وزيرا الاستخبارات عمر سليمان والخارجية أحمد أبو الغيط ومستشارين للرئيس المصري، في مسائل متشعبة على رأسها عملية السلام والملفات الاقليمية من ايران الى العراق ولبنان والسودان. وفي مؤتمر صحافي بعد اللقاء، أكد أوباما أن المحادثات تطرقت الى اطلاق عملية سلام «فاعلة تساعد جميع الأطراف... والمنطقة ككل»، الى جانب موضوع الانتشار النووي (الايراني) والعراق، كما أشاد بالشراكة المصرية وجهود مبارك في العملية السلمية. وأبدى كل من أوباما ومبارك تفاؤله بجهود عملية السلام وفرص بدء المفاوضات، اذ أكد الرئيس المصري أن الأمور «تمضي في الاتجاه الصحيح»، وأن الجانب العربي مستعد للمساعدة «في حال عاد الاسرائيليون والفلسطينيون الى محادثات السلام»، في وقت أكد أوباما «أن الجهود الأميركية لاعادة الطرفين الاسرائيلي والفلسطيني الى المفاوضات مشجعة وأحرزت تقدما». وفي سؤال عن الخطوة الاسرائيلية بوقف استصدار عطاءات لتوسيع المستوطنات في الضفة الغربية أمس، قال أوباما: «هناك حركة في الاتجاه الصحيح»، وعلى «جميع الأطراف أخذ خطوات ملموسة لاطلاق مفاوضات جدية». وأضاف: «الحكومة الاسرائيلية أخذت محادثاتها معنا بكثير من الجدية ... وآمل في أن نرى خطوات ليس فقط من اسرائيل بل من الفلسطينيين والدول العربية بالتعبير عن استعدادهم للانخراط مع اسرائيل». ورحب الرئيس الأميركي بخطوات السلطة الفلسطينية في الجانب الأمني في الضفة، ورأى أن هناك فرصة «حقيقية لاحراز الكثير من التقدم». بدوره أشار مبارك الى ضرورة استئناف المفاوضات «والسعي الى ايجاد حلول لقضايا الحل النهائي وليس الموقتة». وعن الخطوات العربية التي تطالب فيها واشنطن، أكد مبارك: «حين تبدأ المفاوضات، هذا سيؤدي الى دعم الدول العربية لعملية السلام». وكان مسؤول أميركي أكد ل «الحياة» أن موقف واشنطن ثابت في شأن مطالبة اسرائيل ب«وقف النشاط الاستيطاني وأخذ خطوات أخرى لتحسين حياة الفلسطينيين وتطبيق التزامات خريطة الطريق». واضاف أن واشنطن تتطلع «الى جدية من جميع الأطراف لأخذ خطوات جدية وتاريخية تساعد في ايجاد الأساس لاستئناف مفاوضات جدية ستؤدي الى انشاء دولة فلسطينية الى جانب اسرائيل وسلام شامل في المنطقة». واكد الناطق باسم الرئاسة المصرية سليمان عواد أن القاهرة تتوقع خطة أميركية مدعومة من اللجنة الرباعية والمجتمع الدولي في أيلول (سبتمبر) المقبل تركز على المسار الفلسطيني - الاسرائيلي وتسعى الى «اتفاق عادل ومشرف» من الصعب عرقلته. واضاف أن «الادارة الأميركية وعدت بخطة سلام كون أميركا طرف من أطراف الرباعية». ورفض الجانب الأميركي الخوض في تفاصيل المرحلة المقبلة ورؤيته لعملية السلام، وقال مسؤول أميركي ل «الحياة»: «رأينا تقارير عدة مغلوطة في الفترة الأخيرة عن واقع محادثاتنا وطبيعتها مع اسرائيل وباقي الأطراف»، مضيفا «ان التقارير في شأن وصولنا الى اتفاق هي سابقة لأوانها». الا أنه تمنى انهاء الاستشارات ودخول مرحلة المفاوضات «قريبا»، مكررا أن هذه المحادثات لم تنته وأن المبعوث جورج ميتشل سيلتقي رئيس الوزراء بنيامين نتانياهو الأسبوع المقبل لمتابعتها. وغادر الرئيس المصري البيت الأبيض أمس متوجها الى القاهرة بعد اجتماعات ماراتونية في زيارته الأولى لواشنطن منذ عام 2004، والتي عكست التحسن في العلاقات المصرية - الأميركية وتعويل الطرف الأميركي على القيادة المصرية في جهود السلام وكلاعب اقليمي محوري في استقرار المنطقة.