ساد الجمود على جبهة الاتصالات السياسية من أجل استئناف جهود تأليف الحكومة اللبنانية، فيما شهد الوضع الأمني تحريكاً مفاجئاً أمس بمحاولة مجموعة موقوفين من تنظيم «فتح الإسلام» الفرار من سجن رومية المركزي. فأحبطت قوى الأمن هروب 7 منهم فيما نجح الثامن في الإفلات الى خارج حرم السجن وسلك طريق الأحراج المحيطة به وعملت القوى الأمنية على تعقبه للقبض عليه.واستدعت العملية التي فوجئت بها المراجع الأمنية، اتخاذ وزير الداخلية زياد بارود تدابير فورية في حق الضباط والعناصر المسؤولين عن حراسة هؤلاء. وشملت تدابيره التوقيف الفوري لآمر سجن مبنى الموقوفين وضابط الدوام في سرية السجون المركزية، والمراقبين العامين في مبنى سجن الموقوفين وحرس الطابق الثالث في سجن الموقوفين، الى حين استكمال التحقيق الذي تتولاه المفتشية العامة لقوى الأمن. والموقوف الفار من السجن من عناصر «فتح الإسلام» الذين خاضوا معارك شرسة ضد الجيش العام 2007، وهو طه أحمد حاجي سليمان (سوري الجنسية) وملاحق بأعمال إرهابية إضافة الى محاكمته بالسطو المسلح على مصرف العام 2006 بتحريض من زعيم «فتح الإسلام» شاكر العبسي الفار هو الآخر. وكان بين الموقوفين السبعة الذين تمكنت قوى الأمن من منعهم من الهروب الناطق الرسمي باسم «فتح الإسلام» أبو سليم طه وأحد المتهمين بالاشتراك في تفجير بلدة عين علق في 13 شباط (فبراير) 2007. أما على صعيد جمود الاتصالات في شأن تأليف الحكومة، فقد عزت مصادر مواكبة لجهود الرئيس المكلف سعد الحريري ذلك الى أن الأخير لن يقبل بالشروط التعجيزية التي طرحها عون في مؤتمره الصحافي أول من أمس. وأوضحت أن على عون وفريق المعارضة العودة الى الحد الأدنى من الواقعية لاستكمال الحوار الهادئ الذي دعا إليه الحريري في رده على تهجم عون عليه وصلاحياته. وغلب الانطباع لدى معظم الأوساط السياسية بأن عرقلة تأليف الحكومة تعود الى أسباب خارجية. ورأت مصادر قوى 14 آذار والأكثرية أن التصعيد الاستثنائي للعماد عون يقف وراءه «حزب الله» لأسباب تتعلق بعدم ارتياح إيران الى خطوات التقارب السعودي – السوري، وبالرغبة في الاعتراض عليه. وفي المقابل يردد «حزب الله» منذ مدة على لسان قادته أن لا عرقلة داخلية للتأليف بل خارجية، فيما قال العماد عون في مؤتمره الصحافي أن الرئيس المكلف أمضى أياماً في الخارج أجرى خلالها اتصالات، موحياً بأن هناك اعتراضات مصرية وأميركية حيال المحادثات السورية – السعودية. وفي الوقت نفسه قالت مصادر مطلعة إن الجانب السعودي ما زال ينتظر من الجانب السوري خطوات في ما يخص تسهيل الاستقرار في لبنان. وإذ يبدو من كل هذه التصريحات والتسريبات أن هناك تقاطعاً على تحديد أسباب تأخير التأليف بالأوضاع الخارجية، فإن الكثير من الأوساط السياسية بات ينتظر تطوراً ما في الاتصالات الخارجية من أجل إعادة الإقلاع في سفينة تأليف الحكومة الى بر الأمان. ونفت أوساط مطلعة على تحركات الرئيس المكلّف أن تكون هناك اتصالات حصلت بينه وبين أوساط العماد عون من أجل ترتيب اللقاء الذي كان الحريري دعا عون الى عقده قبل مؤتمره الصحافي لبحث مطالبه الحكومية. وحضَّ رئيس الجمهورية ميشال سليمان المعنيين بالشأن السياسي على «التعاون لتسهيل تشكيل حكومة تعنى بشؤون البلد والمواطنين». ونبه أمام زواره الى «مسؤولية الجميع عن عدم ضياع الفرص لإطلاق ورشة التنمية والإصلاح، خصوصاً أن ظروف لبنان والمنطقة مؤاتية لمثل هذه الورشة». وتوقف الرئيس السابق أمين الجميل عند موقفي الأمين العام ل «حزب الله» السيد حسن نصرالله ورئيس «تكتل التغيير والإصلاح» النائب ميشال عون، معتبراً «أن فيهما تقاطعاً يرمي الى استمرار الإمساك بالقرارات السيادية وعلى رأسها قرارا السلم والحرب والتفاوض الديبلوماسي بمعزل عن السلطات الدستورية ومنطق الشراكة الوطنية». ولفت أمس قول رئيس المجلس السياسي في «حزب الله» السيد إبراهيم أمين السيد بعد لقائه رئيس الحزب السوري القومي الاجتماعي أسعد حردان، رداً على سؤال عن تضاؤل الدينامية العربية حول لبنان: «لست مطلعاً على هذه الدينامية العربية والمقصود بها الاتصالات السعودية – السورية أو الدور السعودي أو الدور المصري وهناك الكثير من التحليلات لسنا معنيين بها الآن. ما يعنينا أننا أمام رئيس مكلف وأطراف لبنانيين عليهم جميعاً أن يجدوا الصيغة المناسبة لتشكيل حكومة وطنية فاعلة تريح الجميع. الاعتبارات العربية وغير العربية غير معنيين بها». ودافع السيد عن موقف العماد عون معتبراً أن من حقه الطبيعي أن يناقش في توزيع الحقائب (أصر على توزير صهره جبران باسيل وعلى الحصول على حقيبة الداخلية و4 حقائب أخرى من ضمنها الاتصالات). ورأى أن «من غير الصحيح حصر كل عناصر الإرباك السياسي بالعماد عون».