أمضيت قرابة الشهر حتى الآن، وأنا أتردد على مستشفى الملك فيصل التخصصي بمعدل مرتين في اليوم على الأقل، لزيارة امرأة عظيمة وعزيزة عليّ ترقد هناك. من الطبيعي أن يحدث في وضع كهذا نوع من التواصل مع الأطباء والممرضات والممرضين حول حالة المريضة، لكن مثل هذا التواصل وفي حالتي، تفرع إلى نوع من الفضول، بدأ ذلك مع مشاهدتي للكثير والكثير من الإجراءات والمهمات التي تقوم بها طواقم المستشفى. ركزت كثيراً على الأجهزة العلمية التي أراها أمامي، أجهزة دقيقة جداً ومكلفة مادياً، شاشات بالمقاييس والألوان كلها، وأجهزة ضبط وقياس، وأجهزة تصوير متنقلة، وأسلاك هنا وهناك وحواسب آلية تتحرك على طاولة بعجلات وتسير مع الأطباء، منظومة كاملة للأمن والمراقبة، وإدارة للأغذية وعيادات متنوعة ومختبرات ومراكز للأبحاث والأورام والأشعة، بنوك للدم وللعظام وطوارئ وعناية مركزة، من الذي يدير هذه المنظومة الهائلة كلها؟ ليس ذلك فقط، ولكن بهذه الدقة؟ كيف يمكن تصور إدارة المعلومات التي تحتفظ بهذا التنسيق؟ بدأت أتساءل! كيف يتم تأمين ذلك وكم حجم موازنة هذا المستشفى وما تكاليف الأطباء؟ ما نسبة المواد الطبية المصنّعة هنا محلياً، وبالتالي ما أثر الرعاية الصحية على الاقتصاد ككل؟ كم يعمل في هذا الصرح العلمي وكم عدد السعوديين والسعوديات؟! كنت شغوفاً إلى معرفة هذه التفاصيل كلها، التي تقف وراء أي إجراء أشاهده أمامي. حامت كل هذه الأسئلة في ذهني، فقررت الكتابة عن مستشفى الملك فيصل التخصصي، وتحدثت مباشرة إلى الزميل جميل الذيابي لأستأذنه في كتابة تقرير موسّع عن هذا الصرح، فوافق مشكوراً بلا تردد وأوصى مصوّر «&» أن يرافقني، إن دعت الحاجة إلى التصوير، وهكذا بدأت. استغرقت الجولات داخل الأروقة أكثر من 10 ساعات في زيارات منفصلة، هأنذا أُقدم لكم خلاصة ما رأيت بكل حيادية وبفخر أيضاً، أكتبه لكم غير طامع بإرضاء مسؤول أو متشفياً بآخر، بل هو حق رأيته أمامي، يستحق أن يطّلع عليه الناس من أبناء هذا الوطن والمقيمين به. زراعة 19 قلباً و19 رئة و260 كلية في عام فقر في الدم.. والأعضاء! علاج عبر الإنترنت يستقبل 30 في المئة من حالات السرطان حالة رعب حقيقية