فشل الرئيس المصري محمد مرسي في احتواء غضب معارضيه، رغم دعوته الأحزاب إلى حوار اليوم، إذ تسببت تصريحاته في حوار تلفزيوني أذيع فجر أمس في توسيع الفجوة معها عندما رفض مطالب المعارضة باعتبارها «إملاء شروط» عليه، وقلل من حجم معارضيه وهاجم التظاهرات التي خرجت ضده في محافظات عدة، واصفاً المشاركين فيها بأنهم «بلطجية». وقلل من الأصوات التي تطالبه بالرحيل، وشدد على أنه يمتلك «شرعية شعبية». وقال رداً على المطالبات برحيله: «مستحيل فأنا لدي مسؤولية دونها رقبتي، ولدي استحقاق دستوري مدته أربع سنوات ولن أرحل قبله». ودعا الأحزاب إلى جلسة حوار اليوم لمناقشة ضمانات الانتخابات النيابية، ما رفضته «جبهة الإنقاذ الوطني» التي تضم قوى المعارضة الرئيسة، ليجلس مرسي مجدداً ليتحاور مع حلفائه وحزب «النور» السلفي الذي أصر على رفض إشراف وزراء محسوبين على «الإخوان المسلمين» على العملية الانتخابية، واعتبر أن إجراء الانتخابات في هذه الظروف «مقامرة». وتعهد مرسي في حواره «ضمان نزاهة الانتخابات»، مقللاً من دور الحكومة فيها. وقال: «الحكومة لا تتدخل إلا بالقدر الذي تطلبه اللجنة القضائية المشرفة على الانتخابات». ورأى أن «الموعد مناسب، ومن يطالبون بإرجاء التشريعيات يطالبون بانتخابات رئاسية، فهل الوقت غير مناسب للتشريعيات لكنه مناسب لرئاسيات جديدة؟». وسعى إلى استمالة الطبقات الفقيرة عبر إعلان حزمة من الإجراءات الاقتصادية لضمان أصواتها لمصلحة حزبه «الحرية والعدالة» في الانتخابات التشريعية التي تنطلق في نيسان (أبريل) المقبل، كما أشاد بوزير الدفاع عبدالفتاح السيسي وبجهاز الاستخبارات، نافياً في شدة وجود خلافات بين الرئاسة والمؤسسة العسكرية، لكنه سعى إلى تأكيد أنه القائد الأعلى للقوات المسلحة وأن جهاز الاستخبارات تابع للرئاسة. ونفى في شدة أنباء عن قرب إطاحة السيسي ورئيس أركان الجيش صبحي صدقي، وأكد أنه «لا يمكن أن يكون هناك خلاف بين الرئاسة والجيش لأنهما ليسا طرفين بل طرف واحد... ووزير الدفاع رجل مهني محترف يحب وطنه، والجيش بكل مكوناته وطني، وهم جميعاً إخواني وأحبائي». واعتبر أن ما يتردد عن «أخونة» الجيش «غير صحيح ويصدر من أعداء الثورة». وفي حين تحسم «جبهة الإنقاذ» اليوم موقفها من الانتخابات النيابية وسط تباين في مواقف أطرافها، يجتمع مرسي مساء اليوم مع أحزاب «الحرية والعدالة»، الذراع السياسية ل «الإخوان المسلمين، و «النور» السلفي، و «البناء والتنمية»، الذراع السياسية ل «الجماعة الإسلامية»، و «الوسط»، و «غد الثورة»، لمناقشة ضمانات نزاهة الاستحقاق، فيما سيتكرر غياب المعارضة التي اعتبرت دعوة مرسي إلى الحوار «فارغة المضمون». وقال الناطق باسم «جبهة الإنقاذ» خالد داود ل «الحياة» إن «الجبهة لن تشارك في الحوار من دون أجندة واضحة أو آليات تضمن الالتزام بنتائج الحوار، كما أن الدعوة جاءت بعد تحديد موعد الانتخابات الذي لم يتم التشاور في شأنه مع كل القوى السياسية»، معتبراً أن إقدام مرسي على تلك الخطوة «يزيد الوضع تعقيداً». وعلى النهج نفسه سار الأمين العام ل «الحزب المصري الديموقراطي الاجتماعي» أحمد فوزي الذي اعتبر الدعوة إلى الحوار «واهية وفارغة المضمون». وتساءل عن الهدف من الحوار رغم إعلان موعد الانتخابات من دون مشاورات. وحذر من أن الإصرار على المضي في إجراء الانتخابات «يفسح الباب لمزيد من الفوضى وعدم الاستقرار». وكان «حزب الدستور» الذي يقوده منسق «جبهة الإنقاذ» محمد البرادعي أعلن أمس تلبية دعوة مؤسسيه إلى مقاطعة الاستحقاق. وقال في بيان: «قررنا مقاطعة الانتخابات ترشحاً وتصويتاً، ودعوة كل القوى والأحزاب والتيارات السياسية وجماهير الشعب المصري إلى مقاطعتها، وعدم الاعتراف بشرعية المجلس الذي ستأتي به»، مشيراً إلى أنه «سيتقدم بهذه التوصية إلى جبهة الإنقاذ الوطني في إطار التزام الحزب بوحدة الجبهة واستمرارها». وعزا قراره إلى «دعوة الناخبين وتحديد الجدول الزمني للانتخابات في شكل منفرد متجاهلاً مطالب القوى السياسية التي تستهدف نزاهة الانتخابات». وأضاف أن «الدعوة إلى الانتخابات تزامنت مع تصاعد التعذيب وانتهاكات حقوق الإنسان بصورة غير مسبوقة على يد وزارة الداخلية»، إضافة إلى «استخدام العنف المفرط في مواجهة الإضرابات العمالية السلمية، ومحاصرة منظمات المجتمع المدني خصوصاً منظمات حقوق الإنسان». واعتبر «إجراء الانتخابات في مثل هذه الأجواء وقبل التوقف عن تلك الممارسات والمحاسبة الجنائية لمن قاموا بها، أمر غير وارد». أما حزب «النور» الذي سعى مرسي إلى نفي أي خلافات معه في أعقاب أزمة أثارتها إقالة القيادي في الحزب خالد علم الدين من منصبه مساعداً للرئيس، فرفض دفاع مرسي عن حكومة قنديل، واعتبر أن المضي في طريق الاستحقاق من دون تهدئة الاحتقان في الشارع «مقامرة»، لكنه أعلن في مؤتمر صحافي أمس المنافسة على كل مقاعد البرلمان، داعياً القوى السياسية الأخرى إلى المشاركة. وقال عضو الهيئة العليا للحزب بسام الزرقا إن «النور لن يتحالف مع أي قوى لا تتبنى المرجعية نفسها»، في نفي ضمني لما تردد عن تحالف انتخابي بين الحزب والمعارضة. لكنه طالب ب «ضمانات واضحة لنزاهة الانتخابات عن طريق ضمان حيادية بعض الوزارات التي يرتبط أداؤها بالعملية الانتخابية وقد يؤثر فيها». وقال نائب رئيس الحزب أشرف ثابت إن «تجاهل الاحتقان الحاصل في الشارع فيه قدر كبير من الخطورة». لكنه أضاف: «سنذهب إلى الحوار لفتح كل الملفات... ونطلب ضمانات لنزاهة وحيادية الاقتراع وهي أمور لا نعتقد أن الحكم يعارضها». وشدد على عدم قبول حزبه إشراف الحكومة الحالية على الانتخابات. وتساءل: «كيف تجري انتخابات بوزراء محسوبين على الإخوان يعينون الموظفين الذين يعاونون القضاة في عملية الاقتراع؟... نريد استحقاقاً نزيهاً وحيادياً. كيف نتجاهل الغضب في الشارع من الحكومة الحالية ونجري انتخابات؟».