القيادة تهنئ السيد ياماندو أورسي بمناسبة فوزه في الانتخابات الرئاسية في الأوروغواي    تكريم الفائزين بأميز 2024    الرياض تستضيف مديري إدارات التدريب التقني‬⁩    نائب أمير مكة المكرمة يشهد انطلاق مؤتمر الابتكار في استدامة المياه بجدة    النعمي يفتتح المخيم الصحي الشتوي التوعوي    5 مواد تختبر موهبة طلاب جازان    ايفان توني نجم الثنائيات في الأهلي    7 أجانب ضمن قائمة الهلال لمواجهة السد    الرخصة المهنية ومعلم خمسيني بين الاجلال والإقلال    مُحافظ الطائف يطَّلع على مشروع التحول في حوكمة إدارة مكاتب التعليم    الوداد لرعاية الأيتام توقع مذكرة تعاون مع الهيئة العامة للإحصاء    تحقيق العدالة أو السير خلف جثمان القانون الدولي    ولي العهد يتلقى رسالة خطية من رئيس جنوب أفريقيا    المكتبة المتنقلة تطلق جولتها القرائية في المنطقة الشرقية    بنان يوسع مشاركات الحرفيين المحليين والدوليين    "جائزة القلم الذهبي" تحقق رقمًا قياسيًا بمشاركات من 49 دولة    ضيوف خادم الحرمين الشريفين للعمرة والزيارة يعبرون عن امتنانهم لمملكة.    ملتقى الأوقاف يؤكد أهمية الميثاق العائلي لنجاح الأوقاف العائلية    الحُب المُعلن والتباهي على مواقع التواصل    أمير الرياض ونائبه يؤديان صلاة الميت على الأمير ناصر بن سعود بن ناصر وسارة آل الشيخ    أمير منطقة تبوك يستقبل القنصل الكوري    تعليم جازان يحتفي باليوم العالمي للطفل تحت شعار "مستقبل تعليمي أفضل لكل طفل"    الباحة تسجّل أعلى كمية أمطار ب 82.2 ملم    بعد تصريحاته المثيرة للجدل.. هل يغازل محمد صلاح الدوري السعودي؟    أمير تبوك يستقبل وزير النقل والخدمات اللوجيستية    توصية بعقد مؤتمر التوائم الملتصقة سنويًا بمبادرة سعودية    قطاع ومستشفى بلّحمر يُقيم فعالية "الأسبوع الخليجي للسكري"    «حساب المواطن»: بدء تطبيق معايير القدرة المالية على المتقدمين والمؤهلين وتفعيل الزيارات الميدانية للأفراد المستقلين    أمير حائل يستقبل سفير الولايات المتحدة الأمريكية لدى المملكة    (كايسيد) وتحالف الحضارات للأمم المتحدة يُمددان مذكرة التفاهم لأربعة أعوام    وكيل إمارة المنطقة الشرقية يستقبل القنصل العام المصري    السند يكرِّم المشاركين في مشروع التحول إلى الاستحقاق المحاسبي    "نايف الراجحي الاستثمارية" تستحوذ على حصة استراتيجية في شركة "موضوع" وتعزز استثمارها في مجال التكنولوجيا والذكاء الاصطناعي    حسين الصادق يستقبل من منصبه في المنتخب السعودي    السجن والغرامة ل 6 مواطنين ارتكبوا جريمة احتيالٍ مالي واستعمال أوراق نقدية مقلدة والترويج لها    وزير الاستثمار: 1,238 مستثمرًا دوليًا يحصلون على الإقامة المميزة في المملكة    الجامعة العربية بيت العرب ورمز وحدتهم وحريصون على التنسيق الدائم معها    تعطل حركة السفر في بريطانيا مع استمرار تداعيات العاصفة بيرت    NHC تطلق 10 مشاريع عمرانية في وجهة الفرسان شمال شرق الرياض    أمير الشرقية يفتتح أعمال مؤتمر الفن الإسلامي بنسخته الثانية في مركز "إثراء"    الدفاع المدني يحذر من الاقتراب من تجمعات السيول وعبور الأودية    بركان دوكونو في إندونيسيا يقذف عمود رماد يصل إلى 3000 متر    «الإحصاء» قرعت جرس الإنذار: 40 % ارتفاع معدلات السمنة.. و«طبيب أسرة» يحذر    مشاكل اللاعب السعودي!!    مايك تايسون، وشجاعة السعي وراء ما تؤمن بأنه صحيح    اقتراحات لمرور جدة حول حالات الازدحام الخانقة    السودان.. في زمن النسيان    لبنان.. بين فيليب حبيب وهوكشتاين !    مصر: انهيار صخري ينهي حياة 5 بمحافظة الوادي الجديد    الأهل والأقارب أولاً    «واتساب» يغير طريقة إظهار شريط التفاعلات    الإنجاز الأهم وزهو التكريم    «كل البيعة خربانة»    انطلق بلا قيود    مسؤولة سويدية تخاف من الموز    أمير الرياض يكلف الغملاس محافظا للمزاحمية    اكثر من مائة رياضيا يتنافسون في بطولة بادل بجازان    قرار التعليم رسم البسمة على محيا المعلمين والمعلمات    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



توفيق السديري: حادثة «جهيمان» كرست استئساد الآيديولوجيا وتوحشها
نشر في الحياة يوم 26 - 02 - 2013

عندما تجمع بين الخبرة الإدارية والعلم الأكاديمي والحياة بين مبدعين حتماً سيكون النتاج أجمل وأكثر نضجاً.
الدكتور توفيق السديري تسلّح بالإدارة وتعلمها ومارسها وتخصص في الدعوة وعلمها، وقنن لها أصولها ومساراتها.
تسكنه روح شاعر، لذا نتلمس الهدوء والتأمل كثيراً في طرحه.. ويعيش في سنا التاريخ فنتلمس الأصالة وقراءة المشهد بصورة أكبر وعدم التسرع في إطلاق الأحكام والاستفادة مما قبل لما بعد.
هو محب للفكر ومبدع فيه ويكره أن يسرقه الروتين، يملك رؤية ومشروعاً فكرياً قد لا يبوح به كاملاً، ولكنه ينتظر الفرصة ليبشر به.
من خلال منصبه فعل الكثير ليتغير المشهد الإسلامي الحكومي للاحترافية والإبداعية.. يؤمن كثيراً بالاختلاف والتعددية، ويعترف أن المشهد الإسلامي عندنا اختطف في فترة وتأثر بآيديولوجيات بشرية أسهمت في خروجه عن المسار الصحيح له، ما تسبب في اختلال في تناغم مجتمعنا وتسامحه. في حوارنا مع الدكتور توفيق سنقدم لكم وجهاً آخر له لم يشاهده البعض من قبل أو يتعرف عليه.. نتلمس من خلاله دروباً إليه تجعلنا نعيد النظر في المشهد الإسلامي عندنا.
يتمنى الدكتور من صاحب القرار عندنا أن يتدخل ويفرض قوته ويحسم الأمور المعلقة، وبخاصة في ما يتعلق بالمرأة، لينتهي هذا الجدل القائم ونمضي قدماً في مشاريع التنمية بقوة وثبات يكفل لنا الاطراد والمنافسة. ويعرض في ثنايا الحوار رؤيته للتيارات وتصارعها في مجتمعنا، ولحال الفتوى عندنا وعدم قدرتها على تسيير الأمور بكفاءة بسبب قلة وعي من أفتى ونشر لها، ويشدد ضيفنا في حواره على أنه لا بدّ من مشروع وطني للشباب، ولا بد من صياغة واضحة للحوار الوطني وأدبياته ووضعه في المسار الصحيح له.
الدكتور توفيق رجل دولة لكنه أستاذ دعوة ومسوؤل ذو فكر وقرار، يعيب عليه البعض تسامحه واحتواءه لكثيرين، لكن يوماً ما قد ندرك أنه يجيد التوازنات والمشي على الصفيح الساخن برشاقة ومهارة لافتة للنظر... إلى نص الحوار:
هل هناك شيء مسلوب من طفولتك يعتب عليك حتى الآن؟
- لطفولتي حق العتب، فقد كنت مقصراً في حقها إذ نشأت في مجالس الرجال.
من يتأمل في دروبك، سيجد أنك تهرب من تخصصك الرئيس إلى تفاعلات أخرى.. لماذا؟
- التخصص ليس قفلاً يُغلقُ على الإنسان مجالاً يمكن أن يبدع فيه، بل هو مفتاح يمكن أن يقدم فيه الإنسان ما يستطيع في جميع المجالات المناسبة، وحب الاطلاع والمعرفة وروح البحث عندما تتلبس في إنسان تدفعه إلى ذلك وترهقه كثيراً.
من خلال تجربتك.. أيهما أسهل، صعود جبال الجليد للتزلج أو الغوص في أعماق البحار؟
- وأنا أقرأ سؤالك استدعيت قول الشابي:
من يتهيب صعود الجبال
يعش أبد الدهر بين الحفر
واستعرت قول حافظ إبراهيم:
أنا البحر في أحشائه الدر كامن
فهل سألوا الغواص عن صدفاتي
كلا الأمرين تكتنفه روح المخاطرة والمغامرة، ويحتاج العزيمة والعصامية والصبر، وإن كان صعود الجبال يمتاز بالوضوح والشفافية أما الغوص ففيه روح الاكتشاف وفك الغموض، والحياة تحتاج إلى هذا وذاك.
بوصلتك الفكرية من يتحكم في اتجاهاتها، وكيف ترى تغير بوصلات البعض من المثقفين عندنا؟
- قناعتي هي من يتحكم أولاً وأخيراً، وأحسب أن كل مثقف ينطلق من قناعاته، طبعاً هذا لا ينفي وجود آخرين يفضلون قناعات غيرهم.
هل تقتحم رؤيتك الخاصة خياراتك أم أنك تسيّس كل شيء ليناسبك؟
- خليط بين هذا وذاك، وهكذا هي الحياة ليست الخيارات فيها حدّية بيضاء أو سوداء.
هل من ملفات ساخنة تمتنع عن تناولها مطلقاً؟
- بالتأكيد فكل عاقل يعرف متى وفي ماذا يتكلم ومتى وأين يصمت.
ألا تشعر أن كثرة النظريات تجعلنا نتأخر عن التطبيق؟
- في عالمنا العربي غالبنا منظرون، ولك أن تستنتج أين التطبيق ومداه من واقع حياتنا ومستوى الرقي والتنمية ثقافياً ومدنياً.
هل ترى فلسفة واضحة يسير عليها مجتمعنا؟
- مجتمعنا يتطور بصورة مرضية ولله الحمد، وهو الآن في مرحلة انفتاح غير مسبوق نحتاج إلى كثير من التوازن لعبور المرحلة بسلام.
مجتمعنا والتغيير
لماذا التغير بطيء في مجتمعنا؟
- قد لا تكون السرعة مفيدة دائماً، والتغيير يحتاج إلى مهارة في إدارته.
ما هي السلطة الأقوى لحركة التغيير في المجتمع السعودي؟
- لكل مجتمع عوامل تغيير مؤثرة فيه، وتكاد تتشابه مع فروق يسيرة بين مجتمع وآخر، ومن أهم عوامل التغيير الطبيعية في أي مجتمع الدين ثم الاقتصاد، ومن أهم عوامل التغيير غير الطبيعية الآيديولوجيا.
من سمح ل«الفتوى» أن تُسير حياتنا؟
- المبالغة في تربية الناس بالفتوى مسار خاطئ، وما هكذا كان سلفنا الصالح، وما جعل الله علينا في الدين من حرج.
الفتاوى المسيسة.. هل هي محرقة للحوار أم مطفأة للصراع؟
- الفتاوى المسيسة لا يمكن أن تطفي صراعاً بل تزيد النار أواراً وتأججاً لأنها ليست فتوى شرعية، بل فتوى مبنية على التوظيف وأحادية الرأي والفهم الخاص للدين من باب ما أُريكم إلا ما أرى، ولكن لا يمكن أن نغفل أن لكل فعل رد فعل، فإن ظن أصحاب هذه الفتاوى أنهم حققوا هدفاً فقد يتحقق العكس كرد فعل ولو بعد حين.
الفكر هل يصنع السياسة أم أن السياسة تنتج الفكر؟
- السياسة قائمة على المصالح، والفكر قائم على المبادئ، ومع هذا لا يمكن أن نلغي المساحة المشتركة بينهما وتأثير كل منهما على الآخر وأن السياسة قد تخدم فكراً معيناً، وأن الفكر قد يوظف لخدمة السياسة.
سياسياً متى يكون الخطاب الديني مجرد تعبئة؟
- إذا انتزع من أصوله الشرعية ووظف لأهداف غير شرعية، وهذا يكون في الأزمات غالباً.
القراءة السلفية لأي حدث عالمي هل تفسده؟
- أي سلفية تقصد؟ السلفية مظلومة اليوم من كثرة من يدعيها، وفي ظني أن السلفية الحقة تُصلح ولا تفسد، لأنها التزام بالأصول الشرعية التي كان عليها الرعيل الأول النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه الكرام، ولكن السؤال الأهم من يفهمها ومن يمثلها؟
كيف هو وقع الانفتاح على المجتمع السعودي؟
- أما الانفتاح فليس غريباً على المجتمع السعودي فقد عايشه منذ عصر تأسيس الدولة في عهد الملك عبدالعزيز وتعايش معه، ولكن ما حدث في الأعوام المتأخرة هو نتاج عدم توازن التنمية الاقتصادية مع التنمية الثقافية للمجتمع، فتقدمنا كثيراً في التنمية الاقتصادية والمادية وأغفلنا كثيراً التنمية الثقافية فحدثت الفجوة والاختلال.
فلما جاءت العولمة اكتشفنا الخلل، ولا بد من جسر الهوة بين الجانبين ليكون وقع الانفتاح صواباً، ولعل ما يحدث من حراك ثقافي في المجتمع السعودي يساعد في ذلك، وكذلك ما تبنته الدولة من برامج في مجال الحوار والتبادل المعرفي والثقافي كبرنامج الملك عبدالله للابتعاث الخارجي يسهم في الانفتاح الإيجابي.
يظل مجتمعنا لا يحترم التعددية كما يجب، وينزع للرأي الواحد والصوت الأعلى.. ما رأيك؟
- أتفق معك نوعاً ما.. ويعود هذا في ظني إلى التنشئة أولاً، إذ تسود في مجتمعاتنا العربية الأبوية الثقافية والفكرية والآيديولوجية بمختلف مساراتها على مدى طويل، فلا تعددية في ظل غياب أو تغييب العقل الناقد المستقل، فالتعددية نتاج حرية الفكر، والإقصاء نتاج الانغلاق، وهذا يكاد أن يكون قانوناً وسنة من سنن الله في الكون.
السياسة الشرعية هل تقف حاجزاً أمام التنمية المحلية؟
-لا وألف لا، فالسياسة الشرعية الحقيقة هي داعم وحافز قوي للتنمية.
إذاً من يعطل التنمية المحلية؟
- غياب الوعي بالسياسة الشرعية عنصر مهم في عرقلة التنمية، وهنا يجب أن نفرق بين السياسة الشرعية وبين التفلت من الثوابت الدينية أو الوطنية.
الصحوة والتقييم
هل خذلتك «الصحوة» يوماً ما؟
- أولاً لي تحفظ على مصطلح الصحوة، ولكن تماهياً مع سؤالك ولكونه أصبح مصطلحاً شائعاً فإني أقول: الصحوة الإيجابية لا تخذل إن كانت على مسماها، والعبرة بالحقائق، ومن تأمل واقعنا فسيتيقن أننا بحاجة إلى مراجعة كثير من جوانبه.
الدعوة والصحوة هل هما مصطلحان متلازمان؟
- الدعوة مبدأ شرعي، والصحوة مظهر اجتماعي، وقد لا يكون بالضروري أنه صحوة دائماً من جميع جوانبه، وقد تحتاج بعض الجوانب إلى صحوة من الصحوة، ووفقاً للمفهوم السائد للصحوة فإن الدعوة استخدمت كثيراً لتحقيق مآرب بعيدة عن مفهوم الدعوة الحقيقي.
بل لك أن تقول إن الدعوة اختطفت يوماً ما، لأن الدعوة منطلقها واضح وشفاف وهو التوحيد ومقتضياته فقط، ولكن سلب هذا المفهوم وأصبح للدعوة منطلقات أخرى سياسية ومصلحية قائمة على آيديولوجيا بشرية وليست قائمة على الوحي الصحيح، والحقيقة أن هذا أمر طبيعي عندما يقود الدعوة غير العلماء، لأن الدعوة علم (فاعلم أنه لا إله إلا الله واستغفر لذنبك).
والدعاة الأوائل هم الأنبياء عليهم الصلاة والسلام والعلماء هم ورثة الأنبياء، ولقد أثبت التاريخ الإسلامي أن كل دعوة لا تقوم على أساس من العلم الصحيح ولا يقودها العلماء الحقيقيون مآلها إلى الانحراف والفساد وإهدار طاقات الأمة وتأخير مسار البناء ابتداءً من دعوة الخوارج في عهد عثمان رضي الله عنه إلى يومنا هذا.
بعد «حادثة الحرم» عام 1400ه، هل بدأت ملامح التغير السلبي في بلادنا بالظهور؟
- حادثة الحرم مرحلة من المراحل، وجميعها تستحق التأمل والمراجعة والتقويم، ولها انعكاساتها على مجتمعنا، ولا شك بأن هذه الحادثة تعتبر نقطة تحول مفصلي وبداية مرحلة، وهي لم تأت من فراغ، بل كانت لها إرهاصاتها التي سبقتها، وتعتبر بداية مرحلة لتجسيد وتكريس الرأي الواحد وثقافة إقصاء الآخر واستئساد الآيديولوجيا وتوحشها، بعيداً عن الوحي الرباني والأسس المعرفية الصحيحة.
التيارات الإسلامية
التيارات الإسلامية في المملكة هل لها طموحات سياسية؟
- تيارات الإسلام السياسي (إن صح التعبير) في كل مكان لها طموحاتها السياسية بل إن هذه الطموحات هي الأساس والمحرك لها، ولا تختلف من بلد إلى بلد فكلها تسقى من ماء واحد.
الإسلاميون الجدد و الليبراليون الجدد.. كيف تقرأ هذين التصنيفين؟
- أولاً: (كلن يحوش النار لقريصه)
ثانياً: الصراع من أجل البقاء.
ثالثاً: مصلحة الوطن الكبرى مغيّبة.
الليبرالي السعودي تنحصر منجزاته في التنظير، متى يخرج إلى التجربة الحقيقية؟
- هل توجد ليبرالية سعودية بمعناها الحقيقي؟ وأخشى كثيراً من الشباك التي توقعنا في فخ تصنيف الآخرين، والسعودي ينبغي أن يتميز بهويته الدينية والسعودية لأنها نبتة أصيلة لا دخيلة أو مستوردة.
من يصنف نفسه بالمصلح الاجتماعي، هل يلزمه أن يمر بكثير من التحولات الفكرية والمتطرفة لتتضح صورته مع نفسه؟
- ليس بالضرورة، وهذا عائد لشخصية الإنسان وتكوينه الثقافي والمعرفي فالبعض لا يحتاج إلى هذه التحولات، والبعض لا يمكن أن يصل لدرجة أن يكون مصلحاً إلا بها وبصدمات تجعله يعي ماذا يريد حقاً وما هو عليه.
الإنسان السويّ مجلوب على إطلاق حمائم السلام، ولكن هل الحلول السلمية مجدية دائماً؟
- ووضع الندى في موضع السيف بالعلا/ مضرّ كوضع السيف في موضع الندى.
أفضل حل للخروج من آثار معركة هو الانخراط في أخرى.. ما رأيك؟
- أفضل الحلول هو الانخراط في البناء ولكن روح المشاكسة أحياناً تدفع البعض للانتقال من معركة إلى أخرى، ثم يجد نفسه في النهاية صفر اليدين.
هل تشعر أن كثيراً من العلماء ينقصه الفقه والحكمة في التعامل مع التحديث حوله؟
- علماؤنا في مجملهم لا ينقصهم الفقه والحكمة، وأعتقد أن البعض يحتاج إلى مزيدٍ من الوعي ثم الوعي ثم الوعي.
إحداث تغيير عميق في عقول المساكين ضدّ لصوص الدين يحتاج إلى تعرية الأسس الفكرية التي تمنحهم هذه السطوة وليس فقط كشف تناقضاتهم.. ما رأيك؟
- لصوص الدين أخطر من لصوص الدنيا، وخطرهم أكبر لأنهم يخدعون الناس بأحب شيء لديهم، وتعريتهم لا يمكن أن يتصدى لها تيار واحد أو شخص أو مجموعة من الأشخاص، بل لا بد من تظافر جهود أكثر من جهة ليكون العمل وفق منظومة متناغمة، والأهم من ذلك كله هو وجود قناعة لدى السياسي بذلك وفي شكل واضح.
«الأمن الفكري» هل يتطلب تحقيقه تكثيف المحاورات والمؤتمرات أم أن هناك أمراً لم ندركه بعد؟
- هذه آليات ووسائل نحتاجها ونحتاج غيرها، لكن الأمن الفكري مهم للتميز والإبداع، وهو مرتبط بالأساس بحرية العالم والمبدع واطمئنانهما إلى أنهما يعيشان في مناخ فكري آمن، بعيداً عن الإقصاء والتشويه والإيذاء.
والأمن الفكري للمجتمع مرتبط بحماية الثوابت وترسيخها، ومن ثم انقياد الأفراد طواعية للدفاع عنها وعدم المساس بها.
شؤون المرأة
حتى متى وقضايا المرأة في بلادنا مختلف عليها؟
- حتى نفيء إلى أمر الله، فمع الأسف أن قضية المرأة هي محور الصراع بين تيارات مجتمعنا، فكل يعلق على مشجب المرأة، وفي موضوع المرأة يختلط كثيراً الديني بالاجتماعي، فهناك تفاصيل كثيرة مرتبطة بالعادات والتقاليد والأعراف أكثر من ارتباطها بالشرع والوحي، وهناك ثوابت شرعية تتعلق بالرجل والمرأة لا يختلف عليها.
ملف شؤون المرأة لماذا هو في يد كل أحد، وبيد كل أحد تعطيله أو تمزيقه؟
- أولاً: أحيل إلى الإجابة على السؤال السابق، ثم هنا يأتي دور السياسي في الحسم بين التيارات المتصارعة وأن يقول كفى، ويمسك بهذا الملف ولا يسمح لأي تيار أن يعبث به ما دام الجميع مقتنعاً بشرعية الدولة وهويتها الإسلامية، ومن رضي فله الرضى ومن سخط فله السخط ولكي يميز الله الخبيث من الطيب.
كما يجب ألا نغفل دور المرأة نفسها، فهي التي تستطيع أن تفرض صوتها على الصوت الذكوري، لاسيما وأن توجه الدولة في جانبها ويدعمها، وها هي اليوم وصلت إلى وظائف قيادية عليا، ودخلت مجلس الشورى.
من يشوّه وجه الحياة أكثر.. التطرف أم الحرية المطلقة؟
- كلاهما تطرف وإيغال في تشويه وجه الحياة.
نمطية الخطاب الموجه للأجيال، ألا تعيق التواصل معهم؟
- دائماً الخطاب والصورة النمطية التعميمية تعوق الاتصال وتحد من سرعته وحريته، وبالتالي توجد فجوة بين الأجيال وبين الثقافات وبين المجتمعات وبين الدول، ولكن في ظل العولمة وتكسير الحواجز بين الثقافات وسرعة وفاعلية التواصل مع الآخر، كل ذلك سيسهم قريباً في ردم هذه الفجوة، وسيجبر الجيل الأكبر على اللحاق بالركب أو الانزواء والتلاشي.
امتزاج الحضارات نراه في طرقاتنا وفي بيوتنا، كيف يستطيع الأبناء الموازنة بين ما يعيشونه وما يُطلب منهم حتى لا يتهموا بالفساد؟
- كما ذكرت في إجابة على سؤال سابق أن مجتمعنا يمر بفترة مخاض مفصلية ونحتاج وقتاً حتى نصل إلى مرحلة التوازن، وحتى نصل لا بد من بعض الأخطاء والصور المشوّهة التي أحسبها لن تدوم طويلاً.
البناء المعرفي للشباب، هل يكتمل في ظل القطيعة مع وسائل التثقيف كالمسرح والسينما؟
- البناء المعرفي منظومة متكاملة لها وسائلها وآلياتها، ولا بد من استكمال هذه الوسائل والآليات، والمسرح والسينما بما يلائم هويتنا الدينية والثقافية وسيلة من الوسائل، مع العلم أنها ليست كل الوسائل.
الحوار الوطني هل يكترث بأهمية التصالح بين التيارات المتضادة؟
-اسألوا أهل الحوار! ثم هل هدف الحوار التصالح أم التعايش والمشاركة في البناء في ظل الشرعية، وعدم الخروج عليها.
الطاقة الإيجابية لدى شبابنا.. كيف يمكننا أن نستغلها؟ ومتى تصبح خطراً لا بد من الحد منه؟
- الطاقة بعمومها إن لم تستغل استغلالاً صحيحاً انقلبت إلى خطر، تماماً كالسلاح في يدك إن لم تحسن استخدامه يقتلك أو يصيبك، وبالتالي يجب أن يكون لدينا استراتيجية وطنية متكاملة لرعاية الشباب والاهتمام بهم، تشارك في تنفيذها مؤسسات الدولة التعليمية والثقافية والإعلامية والرياضية والعسكرية والدينية والاجتماعية وفق منظومة عمل موحدة.
يرى البعض أن أغلبية الجيل من الأتباع والمنقادين للتوجيه.. ما رأيك؟
- مع الأسف، ربما يكون هذا الكلام صحيحاً إلى حدٍ ما، وهو نتيجة حتمية لأحادية الفكر، وتزييف الوعي الجمعي، وعدم تنشئة الجيل على التفكير المستقل، وإن كان التسليم به يحتاج إلى بحث إحصائي، والتربية على التلقين والتبعية لا تنتج جيلاً ناضجاً.
عرفت باحثاً علمياً وأكاديمياً متخصصاً وإدارياً في مختلف القطاعات.. فأين أنت من الشعر؟
- دعني أستعير قول أحمد الصافي:
ولي في الشعر مدرسة وشرع
وآيات تلوح ومعجزاتُ
أعلمكم بشعري الشعر لكن
تعلمكم حياتي ما الحياةُ
الشعر مني وأنا منه، وقد تذوقته في سنٍ باكرة، ثم توقفت عن كتابته ولم يتوقف عن كتابتي لأنني لا أستطيع الجمع بين الشعر والبحث العلمي، فلكل مناخه وقد يكون غيري يستطيع.
وكان لي قصائد وأبيات في الفصيح والحر والنبطي نشر بعضها والبعض حبيس الأدراج، وأعود للكتابة عندما تتهيأ ظروفها، وأنوي جمع وإخراج ما كتبته من قصائد في ديوان شعري.
هل كتبت في أغراض الغزل وهل تخجل من نشره؟
- كتبت في أغراض متعددة ومنها الغزل ولا يوجد شاعر حقيقي لم يكتب في الغزل، ولا أخجل من شيء كتبته، ونشرت لي بعض القصائد في هذا المجال وهي معروفة ومتداولة لدى البعض. الغزل ربما يكون على ظاهره، وربما لا يكون، والشاعر ليس معنياً بإيضاح مقاصده ولا بتأويل الآخرين كما قال أبو الطيب: أنام ملء جفوني عن شواردها/ ويسهر الخلق جراها ويختصم.
التاريخ والأنساب
البحث في التاريخ والأنساب.. متى اقتحمت عالمه؟
- البحث في التاريخ وتدوين شهادات كبار السن وجمع الوثائق أحد اهتماماتي، وهو جزء من حفظ الهوية ورد الجميل للوطن وللأجيال السابقة، وخدمة لهذا الجيل والأجيال اللاحقة، وأسهم فيه بما أستطيع لاسيما أنه دخل في هذا الحقل من يستخدمه لأغراض أخرى، فلا بد من التصدي لذلك والحفاظ على الحقيقة وحمايتها من التزييف والتأويل، ولي جهد وتواصل مع دارة الملك عبدالعزيز وعدد من مراكز البحث والباحثين والمؤرخين.
كيف نحن والتوثيق؟
- مع الأسف ثقافة التوثيق غير مترسخة لدينا، فنعتمد كثيراً على الذاكرة الشخصية والرواية الشفاهية، ما أضاع الكثير من المعلومات والصور الحقيقية الإيجابية منها والسلبية من تاريخنا، وإن التمسنا العذر للأجيال السابقة لعصر توحيد المملكة، فليس هناك عذر للأجيال اللاحقة، فعلى سبيل المثال لا توجد لدينا ثقافة السير الذاتية والاهتمام بها، لأن كثيراً من المعلومات التاريخية يمكن استنتاجها وتحليلها من خلال السير الذاتية.
فكم مرّ في تاريخ المملكة من شخصيات سياسية وإدارية وعسكرية وعلمية منذ عصر التأسيس إلى يومنا هذا، ومضوا ولم يستخرج ما لديهم من معلومات وتجارب وانطباعات إلا النزر اليسير الذي لا يبل الشفاه الظامئة.
هل ننتظر منك إصداراً في تاريخنا المحلي؟
- التاريخ جزء من التوثيق، ولعل ما لدي بخصوص تاريخنا المحلي يرى النور في مناسبته.
وماذا عن الجانب الفكري في تاريخنا المحلي؟
- لي متابعة للأطياف الفكرية السعودية ورموزها، وأحرص على الاطلاع على ما يكتب في ذلك، وقد كونت تصوراً لا بأس به في هذا الجانب على مدى أكثر من 30 عاماً، ولدي مشروع كتابة تتناول هذا الجانب في ساحتنا.
اهتمامك بالدراسات الدستورية من أين جاء؟
- بدأ معي هذا الاهتمام أثناء الدراسة الجامعية، ومن حببني فيه هو أستاذ القانون الدستوري في جامعة الملك سعود معالي أستاذي الكريم الفاضل الدكتور مطلب النفيسة الذي درسنا هذه المادة أثناء المرحلة الجامعية.
ومن هنا اخترت البحث في هذا الموضوع في مرحلة الماجستير ثم الكتابة والبحث في الموضوع فيما بعد.
العمل الإداري والعمل الأكاديمي.. أين تجد نفسك بينهما؟
- سرقني العمل الإداري من العمل الأكاديمي وإن كنت متواصلاً مع الجامعة في التدريس من عام 1409ه إلى يومنا هذا، والإشراف على الرسائل العلمية.
تجربتك في النشر كيف تقومها؟
- تجربة غير مشجعة مع الأسف، فسوق النشر لدينا قائمة في كثير من الأحيان على الشللية ومصلحة الناشر دون الكاتب، صدر لي إلى الآن ستة إصدارات أغلبها توزع من دون مقابل.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.