حذّر مسؤولون ومتخصصون في قطاع الأدوية، من تنامي مشكلة الأدوية المقلدة والمغشوشة في السوق السعودية، وقدروا نسبتها بما بين 30 و40 في المئة من سوق الدواء في المملكة، وبقيمة تتجاوز 4 بلايين ريال (1.08 بليون دولار) سنوياً. وأكدوا في حديثهم إلى «الحياة»، أن تقليد الأدوية مشكلة تتفاقم يوماً بعد يوم، ليس فقط في الدول النامية بل حتى في الدول المتقدمة. وتوضح إحصاءات منظمة الصحة العالمية، أن 10 في المئة من الأدوية في العالم مغشوشة، ما يشكل خطراً على الحياة، ويصل حجم تجارة الأدوية عالمياً إلى نحو 800 بليون دولار، منها 85 بليوناً قيمة الأدوية المغشوشة، المقدرة مبيعاتها بنسبة واحد في المئة في الدول المتقدمة وب 10 في المئة في الدول النامية وب 50 في المئة عبر الإنترنت. في حين أن 16 في المئة من الأدوية المغشوشة في العالم تحوي مركبات دوائية خاطئة. وأعلن مسؤول في الهيئة العامة للغذاء والدواء (فضل عدم ذكر اسمه)، أن «نسبة تقليد الأدوية في السعودية تتراوح بين 30 و40 في المئة من نسبة الأدوية المتداولة في السوق والبالغة قيمتها 13 بليون ريال سنوياً». وأكد «حاجة السوق الكبيرة إلى رقابة صارمة، إذ تضاعف حجم الأدوية المغشوشة الداخلة إلى السعودية، والتي يروّج لها بعض الصيدليات». وقدر المسؤول قيمة الأدوية المقلدة في السعودية، بأكثر من 4 بلايين ريال سنوياً، من «إجمالي قيمة الأدوية المتداولة». وأوضح أن التقليد «يتركز في الأدوية الجنسية وأمراض القلب بسبب ارتفاع أسعار الأدوية الأصلية، وزيادة الإقبال عليها من المرضى». ولفت إلى أن «نسبة كبيرة من الأدوية المقلدة التي تُكتشف في المنافذ يكون مصدرها الهند والصين ومصر، وهي مرتفعة بنسبة كبيرة عن بقية الدول». واعتبر أن المشكلة لا تكمن في النظام الرقابي لأنه قوي في المملكة، «بل في ضعف تطبيق النظام من الجهات الرقابية المشرفة على تصنيع الأدوية واستيرادها وتخزينها وتوزيعها وبيعها». وعزا المسؤول في الهيئة العامة للغذاء والدواء ظاهرة انتشار الأدوية المقلدة، إلى مجموعة من العوامل والأسباب، منها التجارة الإلكترونية، وسعر الأدوية الجديدة، والتجارة الحرة للبضائع والسلع. وأكد مستشار رئيس مجلس إدارة شركة «سبيماكو» الدوائية حسين غنام، أن ظاهرة انتشار الأدوية المغشوشة على مستوى العالم «باتت تؤرق المنظمات والهيئات الدولية المسؤولة عن الرقابة والتشريعات الدوائية، إذ تقدر كلفة الأدوية المغشوشة بنحو 75 بليون دولار في العالم سنوياً». وعن أسباب نشوء هذه السوق، أوضح أنها «تدر أرباحاً باهظة لمنتجيها ومروجيها بأقل كلفة، خصوصاً في الدول التي تعاني من ضعف الأجهزة الرقابية، مع صعوبة تمييز الشخص العادي بين الدواء الأصلي والمقلد». وأكد رئيس قسم الصيدلة الإكلينيكية في جامعة الملك سعود توفيق علي النجار، أن الأدوية الأكثر غشاً هي تلك التي تجمع بين زيادة الاستخدام وارتفاع السعر مثل الأدوية الجنسية، موضحاً أن تقليد الأدوية وغشها يزداد في الدول التي تشهد نهضة وضعفاً في الأنظمة والرقابة، مثل الصين التي اشتهرت بالتقليد. وأكد أن نسبة الأدوية المغشوشة في المملكة والتي تصل إلى 40 في المئة من الأدوية التي تصرف في الصيدليات الأهلية والمستشفيات، تفوق بكثير نسبتها في أميركا والبالغة 12 في المئة. وأوضح أن العوامل التي تزيد من تقليد الأدوية وانتشارها في المملكة كثيرة، ومنها كبر حجم سوق الدواء، وضعف الرقابة على الأدوية التي تدخل البلاد، وضعف الوسائل الإدارية التي تستخدم في التخزين في مستودعات الأدوية وتوزيعها على الصيدليات داخل المملكة، والإعداد غير الجيد للصيادلة للاضطلاع بمسؤولياتهم تجاه هذه المشكلة، وعدم اكتراث شركات الأدوية بهذه الظاهرة كونها لا تؤثر كثيراً في مداخليها.