بات مقاتلو تنظيم «الدولة الإسلامية» الاثنين على بعد خمسة كلم فقط من مدينة عين العرب (كوباني بالكردية) المتاخمة للحدود التركية شمال سورية، في أقرب مسافة يصلها هذا التنظيم المتطرف إلى المدينة. وذكر مدير «المرصد السوري لحقوق الإنسان» رامي عبدالرحمن لوكالة «فرانس برس» «أنهم على بعد خمسة كلم إلى جنوب وجنوب شرقي كوباني، إنها أقرب مسافة وصلوا اليها»، مشيراً إلى أن «صواريخ التنظيم أصابت للمرة الأولى مركز المدينة» الثالثة للأكراد في سورية. وجاء تقدم «الدولة» نحو عين العرب في وقت ذكر مراسل ل «رويترز» أن 15 دبابة تركية اتخذت مواقع على تل يطل على هذه البلدة الكردية المحاصرة وصوّب بعضها مدافعه باتجاه الأراضي السورية قرب قاعدة عسكرية تركية تقع شمال غربي عين العرب. وتصاعدت أعمدة من الدخان مع سقوط القذائف على شرق عين العرب وغربها، فيما سقطت قذيقتان على الأقل في الأراضي التركية. وذكرت «فرانس برس»، من جهتها، أن الحكومة التركية ستقدّم في موعد أقصاه اليوم الثلثاء إلى البرلمان مشروع قرار يجيز استخدام القوة في سورية ويتيح لتركيا الانضمام إلى التحالف الذي تشكّل لمحاربة تنظيم «الدولة الإسلامية». ونقلت شبكة «أن.تي.في» الإخبارية التلفزيونية عن رئيس البرلمان جميل جيجيك: «يجب أن ترسل الاقتراحات إلى البرلمان غداً (اليوم)». وكان رئيس الوزراء الإسلامي المحافظ أحمد داود أوغلو قال الأحد إن هذه الاقتراحات يمكن أن تبلّغ إلى النواب ابتداء من الاثنين لمناقشتها في جلسة علنية مقررة الخميس. وأول هذه القرارات التقليدية سيجدد فترة سنة الإذن الذي منحه البرلمان للقوات المسلحة التركية للتدخل في العراق. وكان هذا القرار يتيح حتى الآن لتركيا شن غارات على القواعد الخلفية لمتمردي حزب العمال الكردستاني المتحصنين في جبال قنديل في أقصى شمال العراق. وسيمنح القرار الثاني وهو جديد الموافقة نفسها على القيام بعمليات عسكرية على الأراضي السورية. وبعد الرفض الصريح، يبدو أن تركيا مستعدة للمشاركة بدورها في التدخل العسكري الذي يقوم به التحالف الذي شكلته الولايات لمحاربة «الدولة الإسلامية». وأنقرة متّهمة بدعم وتسليح مجموعات متمرّدة متطرّفة تخوض حرباً ضد نظام الرئيس السوري بشار الأسد. وبرّرت أنقرة رفضها التدخل بضرورة حماية 46 من رعاياها كان يحتجزهم تنظيم «الدولة الإسلامية» رهائن منذ حزيران (يونيو) عندما استولى على الموصل (العراق). وبعد الإفراج عنهم في 20 أيلول (سبتمبر)، شهد الموقف التركي تحولاً وباتت تركيا تلمح إلى أنها قد تنضم إلى جهود قتال المجموعات الجهادية. وقال الرئيس التركي رجب طيب أردوغان في خطاب ألقاه الأحد: «سنجري محادثات مع السلطات المعنية هذا الأسبوع. سنكون حيث يجب أن نكون. لا يمكن أن نبقى خارج» التحالف. ميدانياً، أشار «المرصد السوري لحقوق الإنسان» إلى سقوط قذيفة أطلقها تنظيم «الدولة الإسلامية» على عين العرب (كوباني)، ما أدى إلى «استشهاد وجرح خمسة مواطنين». وجاء القصف بالتزامن مع تجدد الاشتباكات بين تنظيم «الدولة» ووحدات حماية الشعب الكردي على محاور عدة من ريف عين العرب «ومعلومات عن مصرع وجرح عدد من مقاتلي التنظيم ووحدات الحماية»، وفق ما أورد «المرصد» الذي أكّد لاحقاً أن الإسلاميين باتوا على بعد خمسة كلم فقط من عين العرب. وأصدر «المرصد» تقريراً أمس أشار فيه إلى أنه «لا يزال عشرات آلاف المواطنين الكرد السوريين يقضون أيامهم في العراء في ظل ظروف قاسية على الحدود السورية - التركية، وذلك بعد أن أجبروا على النزوح من قراهم التي سيطر عليها تنظيم الدولة الإسلامية بريف مدينة عين العرب (كوباني) قبل نحو أسبوعين». وأضاف أن هجوم «الدولة» أجبر «أكثر من 200 ألف مواطن كردي سوري على النزوح مما لا يقل عن 68 قرية ... وقد تمكّن عدد كبير من النازحين من اجتياز الحدود ودخول الأراضي التركية، باحثين عن ملاذ آمن، كي لا يكون مصيرهم مثل مصير أكثر من 800 من أقاربهم، الذين لا يزالون مفقودين منذ أكثر من 12 يوماً، ولا يعلم حتى اللحظة، ما إذا كانوا أحياء أم أنه جرى قتلهم من قبل تنظيم الدولة الإسلامية». ووجّه «المرصد»، في هذا الإطار، «نداء عاجلاً» إلى المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين وإلى الهلال والصليب الأحمر الدوليين، وإلى كل المنظمات الإنسانية القادرة على المساعدة، «بتوجيه فِرقها إلى منطقة عين العرب (كوباني) والمنطقة المتاخمة لها على الحدود السورية - التركية، لمد يد العون، وإغاثة هؤلاء النازحين، من أطفال ونساء وشيوخ، الذين أجبرتهم آلة حرب تنظيم «الدولة الإسلامية» على النزوح من بيوتهم، بعد أن أجبرت طائرات نظام بشار الأسد وآلياته العسكرية وأجهزته الأمنية، الملايين من أشقائهم في مناطق سورية أخرى، على النزوح داخل الأراضي السورية، واللجوء إلى مناطق متفرّقة من العالم».