طالب رئيس «الائتلاف الوطني السوري» المعارض هادي البحرة التحالف الدولي – العربي بغطاء جوي لقوات «الجيش الحر» في المناطق التي قد ينسحب منها تنظيم «الدولة الإسلامية» (داعش) كي لا تتعرض للقصف الجوي من قوات الرئيس السوري بشار الأسد، مشدداً على «إعادة تحرير المناطق الموجودة في يد تنظيم داعش، لملء الفراغ الموجود فيها» من جانب «الائتلاف». وأعرب البحرة في حوار مع «الحياة» في نيويورك عن القلق حيال عدم وضوح الرؤية السياسية للولايات المتحدة والتحالف الدولي للمرحلة المقبلة، منتقداً في الوقت نفسه عدم دعم قوات المعارضة بما يكفي عسكرياً لتمكينها من مواجهة «داعش» والأسد معاً. وقال إن تركيا تقترب من المشاركة في الضربات الجوية التي بدأها التحالف في سورية. واعتبر في جانب آخر أن روسيا قد تتراجع عن دعم الأسد في حال تغير الميزان العسكري ميدانياً. وهنا نص الحوار: الكل يضع ثقة بكم أنتم على الأرض في التحالف لمحاربة «داعش»، أصبحتم ما يشبه الجنود لذلك التحالف الذي يلتزم شن الغارات في سورية. هل أنتم مرتاحون لدرجة الدعم الذي تتلقونه من التحالف بدءاً بالولايات المتحدة؟ - طبعاً، إذا تكلمنا عن مستويات الدعم الحالية، نحن بالتأكيد لسنا راضين أبداً لأن مستوى الدعم الحالي لم يتناسب فعلياً مع حجم المهام الملقاة على «الجيش الحر» ولا على «الائتلاف» من حيث تقديم الخدمات الأساسية اللازمة للشعب السوري. بالنسبة ل «الجيش الحر»، كان يخوض معركتين منذ أوائل هذا العام، ضد «داعش» وضد النظام بنفس الوقت وبمستوى من المعونات لا يتناسب أبداً مع حجم هذه الأعباء الملقاة على عاتقه. وعلى رغم ذلك فقد حقق في البدايات تقدماً في شمال سورية في منطقة إدلب (شمال غرب) وأخرج «داعش» من معرة النعمان وعدة مناطق كما أخرجها من حلب (شمال) من عدة مناطق. ومنذ شهرين خططنا لإخراج «داعش» من الغوطة الشرقية في دمشق. لذلك، (عدم توافر الدعم) تدهور الوضع وانتشر التنظيم ليصبح خطراً إقليمياً وخطراً دولياً. طبعاً لو تم دعم «الجيش الحر» كما يجب منذ البداية لما وصلنا لهذه المرحلة. أنت تتكلم عن إنجازات «الجيش الحر»؟ - كما قلت، في البداية أعلنا في «الائتلاف» موقفنا السياسي من تنظيم «داعش» منذ أيلول (سبتمبر) 2013 وأصدرنا إنذارات متتالية للمجتمع الدولي حول ضرورة معالجة الوضع وأن أساس المشكلة هي استمرار نظام حكم الأسد الذي يعتمد اعتماداً رئيسياً على تمدد التنظيمات المتطرفة في سورية ليضع العالم أمام خيارات قد تؤهله في نظره لدور ما قد يلعبه في المستقبل. الآن هناك تحالف دولي ضد «داعش» وأمثاله. وبالتالي هل تعتقدون أن ذلك يخدم بقاء النظام في دمشق أم تعتقدون أن هذا التحالف سيؤدي حقاً إلى هزيمة «داعش»؟ ماذا عن اليوم التالي؟ - بالنسبة إلى ردود أفعال المجتمع الدولي الحالية، أعربنا للجميع ووضحنا موقفنا أن القضاء على الإرهاب والتطرف يجب أن يكون عبر برنامج متكامل وليس فقط عبر عمل عسكري منفرد. يجب التعاطي في شكل رئيسي مع المسببات. ماذا عن لقاءاتك في نيويورك؟ - شرحنا وجهة نظرنا كان مهماً للولايات المتحدةوفرنسا وبريطانيا وكل الدول الداعمة من حيث ضرورة وجود برامج متعددة للتعاطي مع هذه المشكلة، وأنه لا يمكن القضاء على الإرهاب من دون التعاطي مع المشكلة الرئيسية وهي استمرار نظام حكم الاستبداد في سورية. تلقينا وعوداً واضحة من الإدارة الأميركية بوجوب التنسيق مع القيادة السياسية والقيادة العسكرية السورية (المعارضة) وأن يكون لهم دور أساسي في هذه البرامج. كما تفهمت هذه الأمور دول مثل فرنسا وبريطانيا وتركيا وباقي الدول الداعمة، السعودية وقطر. كل هذه الدول تشاركنا في نفس الرؤية بأنه لا يمكن أن ننجز أي شيء من دون وجود هذه البرامج المتكاملة والتنسيق التام. ماذا تعني بالبرامج المتكاملة؟ - البرامج المتكاملة تعني أن تكون لنا قدرة على طرح رؤية سياسية كاملة. في آخر المشوار، آخر الطريق، يجب أن نتعاطى مع الضغط تجاه حل سياسي يعيد للشعب السوري حقوقه. إنما أولاً، يجب إعادة تحرير المناطق الموجودة في يد «داعش»، ملء الفراغ الموجود بها من خلال إعادة تشغيل مؤسسات الدولة وتفعيل الخدمات الاجتماعية والاقتصادية في تلك المناطق بشكل منظم وخلق قوة عسكرية منضبطة وتخضع لقيادة وطنية من الجيش الحر. ذهبت عدة مرات إلى واشنطن واجتمعت بالأميركيين في نيويوركمرات عدة. هل هذا هو المفهوم الأميركي بأن يقوم «الجيش الحر» باستعادة الأراضي من «داعش»؟ - الأميركيون يشاركوننا الرؤية بوجوب العمل على تفعيل إطار سياسي والإفادة من الأوضاع الحالية من أجل خلق إطار سياسي يعيد للشعب السوري حقوقه. هل هناك رؤية واضحة؟ لا. لا توجد رؤية واضحة حالياً، لكن الجميع يجمع أن هناك فرصة حالياً للضغط على هذا النظام بعدة وسائل من أجل السير نحو مفاوضات جدية تؤدي إلى انتقال سياسي كامل للسلطة إلى الشعب السوري. العودة إلى عملية جنيف؟ هل هذا وارد الآن في إطار «جنيف 3» أو إحياء عملية جنيف؟ أو هل هناك طرح مختلف الآن إزاء التطورات على الساحة وتوجيه الأنظار إلى «داعش» أولاً حتى لو تستغرق المعركة ثلاث أو أربع سنوات لربما، كما يقول الأميركيون، أو أكثر؟ - بالنسبة إلينا، إن الحل السياسي برؤيتنا هو التطبيق الكامل لبيان جنيف، كما وضعنا ورقتنا في مؤتمر جنيف خريطة الطريق نحو السلام فيها 24 نقطة توضح تماماً آليات الانتقال والجدول الزمني لها من خلال «مؤتمر أصدقاء سورية». كل الدول أكدت أنه ما زال الحل السياسي وفق إطار جنيف. بالتالي السؤال الآن، كيف يتم الضغط على النظام السوري من أجل السير نحو مفاوضات جادة لتطبيق بيان جنيف. كيف يتم ذلك من وجهة نظركم؟ في إعادة ترتيب ميزان القوى على الأرض. القوة العسكرية؟ - هناك مسارات عدة لا بد من السير فيها أحدها بالتأكيد هو العامل العسكري لتقوية «الجيش الحر» وتوسيع انتشاره وتقوية القدرات الإدارية والمؤسساتية ل «الائتلاف» لإدارة المناطق المحررة والضغط السياسي الجاد على النظام من القوى الدولية الرئيسية لا سيما الدائمة العضوية في مجلس الأمن. من سيضغط؟ تحاولون الضغط وهم لا يسيرون إلى النهاية. من سيضغط؟ روسيا متمسكة بموقفها الداعم للأسد، من وجهة نظرها هذا النظام له الشرعية الدولية وكذلك تعتقد أن إيران عنصر إقليمي ودولي. لم يحدث أي تراجع في الدعم. ما يحدث الآن بحسب رأي البعض هو تقوية النظام في دمشق بسبب إزاحة وحشية «داعش» وبطش «داعش» به؟ - سأبدأ بإجابتي من آخر سؤالك. من يروج لهذه المقولة هو بالتأكيد لا يقرأ تاريخ التمدد «الداعشي» في سورية. «داعش» لم تكن قوة تحارب النظام بل كانت قوة تحارب «الجيش الحر» وهي تحتل المناطق المحررة التي حررها «الجيش الحر». بالتالي النظام كان يستغل ويستخدم «داعش» وقد أقول إنها أداة بيديه لصالح تحقيق إنجاز وافتراق لصالحه. وكما قلت أيضاً إننا بدأنا حربنا ب «داعش» وحيدين من دون وجود لأي معونات. بالتالي أي مساعدة لنا على إحدى الجبهتين التي نقاتل عليهما معاً ستؤدي لتقوية الجبهة الأخرى. ماذا سيثير مخاوف روسيا في سورية وماذا سيغير مصالحها؟ - بالنسبة إلى روسيا عندها مصالح معينة. هذه المصالح هي طرف في النظام. هل هي تؤيد النظام حباً للنظام، أم تؤيد النظام نظراً إلى أن لها تحليلاً منطقياً وترى أن هذا النظام يحقق لها شيئاً ما في استمرار حكمه؟ إذن القضية هنا، أولاً، عندما يضعف هذا النظام عسكريا ستضعف احتمالات أن يكون هو عنصرا ضامنا لأي شيء بالنسبة لها. عندما يختلف الميزان السياسي والأعباء السياسية وتصبح كلفة المحافظة على هذا النظام عالية على روسيا لا توازي المنافع التي تأخذها، موقفها سيتبدل. ماذا عن إيران؟ - هناك حقائق على الأرض. هذه الحقائق تقول إن هناك حالياً معارك في سورية يشارك فيها «حزب الله»، تشارك فيها ميليشيات عراقية طائفية، ومستشارون عسكريون من إيران، وحتى ميليشيات طائفية إيرانية. يوجد مقاتلون من إيران. نحن كشعب ندافع عن أنفسنا تجاه كل هذه الدول. نعم كل قوة داخلة في هذه المعركة تستنزف لكن بالنسبة لنا كشعب سوري هي قضية استرداد حقوق إنسانية وحقوق دستورية سليبة. هي معركة مصير لنا بينما بالنسبة لهم هي معركة اعتداء في أرض غير أرضهم وتوازي الاحتلال الأجنبي. يعني وجود هذه القوات داخل سورية يوازي الاحتلال الأجنبي، دولة سورية أصبحت محتلة من قِبَل هذه الميليشيات. ماذا عن الشركاء العرب في التحالف، هل هم في وضع يمكنهم الآن بعد دخولهم طرفاً مباشراً في التحالف، هل هم في وضع يمكنهم أن يمدوا معونة أكثر من السابق؟ - الشركاء العرب يشاركون بنفس الرؤية ونفس المطالب بتمكين وحدات «الجيش الحر» وفصائله من أن تقوم بعمل فاعل وتمكينها بأسلحة تستطيع الدفاع عن المدنيين داخل سورية وعن نفسها بما فيها الأسلحة التي تمكنها من الدفاع الجوي ضد «البراميل المتفجرة» التي تستخدم ضد الشعب السوري حتى اليوم. هذه النقطة بالذات تشكل نقطة عار على الإنسانية ككل عندما يسمحون للطيران السوري، طيران النظام في سورية بأن يقصف مدنيين باستخدام البراميل المتفجرة من دون التعرض لطيرانه أو من دون تمكين «الجيش الحر» من إمكانية الدفاع الجوي. هل سيتعرض هذا التحالف الآن للطيران السوري وهو يقصف ب «البراميل»؟ هل هذا سيكون تطوراً جديداً؟ - حالياً وفق ما يقومون به، هذه النقطة ليست واضحة بعد وتتم مناقشتها ومناقشة حال القوات العسكرية التي ستحقق تقدماً على الأرض. هل ستترك معرضة لقصف طيران النظام؟ هل النظام العالمي أو التحالف الدولي الجديد سيدعها عبارة عن مرمى حر لطيران نظام الأسد؟ هذه النقطة بالذات يتوجب على المجتمع الدولي وعلى التحالف بشكل خاص أن يضع إجابات واضحة حولها لأن الواجب، لو كانت أي قوة من قواته موجودة على الأرض كانوا سيأمنوا الحماية الجوية الكاملة لها. هل هناك أي جدية للكلام الذي يقال عن وجود قوات عربية تدعمكم على الأرض بعد استعادتكم، كما تفضلت، تلك الأرض من «داعش»؟ - لم تتم مناقشة دخول أي قوات عربية أو أجنبية إلى داخل سورية ونحن لا نطلب ذلك، بشكل واضح، نحن سوريون. هذا وطننا وسندافع عنه ونحن قادرون على حمل الأعباء. ما نريده من العالم شيئين: الدعم اللوجستي والدعم بالتجهيز والتدريب إضافة لتأمين الحماية الجوية لهذه المناطق. يبدو أحياناً أن تركيا جزء من التحالف عملياً وأحياناً ليست جزءاً لأنها لا تعلن انتماءها للعملية. أين هو الموقف التركي الآن ما بعد إنشاء التحالف؟ - علينا أن نكون منطقيين حيال موقف تركيا. في بدايات التحالف حين كان لتركيا رهائن في يد «داعش»، عدد كبير من الرهائن، كان من واجبها أن لا تعرض مواقفها حياة هؤلاء للخطر. لكن تركيا، منذ بدايات الوضع في سورية وحتى الآن، صديق للشعب السوري وتتحمل أعباء كبيرة كونها دولة جوار. تفتح حدودها للسوريين للدخول إليها بتسهيلات كبيرة، تعالجهم في مستشفياتها مجاناً، تقبل دخولهم إلى المدارس والجامعات مجاناً. فتركيا لا يمكن إلا أن تكون حليفاً للشعب السوري وأيضاً أن تكون عضواً في هذا التحالف. لقد أرسلت تركيا عدة إشارات في الأيام الماضية، كما سمعتِ بالتأكيد، بأنها ستكون جزءاً من هذا التحالف بل قد تشارك في الضربات الجوية أيضاً. لبنان أيضاً تحمل أعباء كبيرة شعباً ودولة وجيشاً، هناك عتب عليك بسبب توجيهك رسالة إلى الأممالمتحدة تدين فيها الجيش اللبناني؟ - أولاً، بالنسبة لي، أنا مسؤول عن تمثيل الشعب السوري ومتابعة قضاياه ومحاولة حل مشاكله بأفضل قدرة أملكها. بالتأكيد رسالتي إلى مجلس الأمن لم تكن رسالة إدانة للجيش اللبناني كمؤسسة، إنما كانت واضحة بأنه كانت هناك فصائل من الجيش اللبناني وليس كل الجيش اللبناني. يجب أن نفصل بين المؤسسة. هل أرسلتها إلى الأمين العام للأمم المتحدة أم إلى مجلس الأمن؟ - سأدقق. لكن فحوى الرسالة تتحدث عن فصائل من الجيش اللبناني وليس عن مؤسسة الجيش اللبناني ككل. نحن نعلم، في أي جيش، في أي مؤسسة، بعض الأحيان قد يرتكب أحد أو جزء أو قسم صغير منها أخطاء، وهذه الأخطاء يجب معالجتها. فرسالتي تشير إلى أخطاء ارتكبتها فصائل من الجيش اللبناني. فصائل في الجيش الرسمي؟ هذا جيش دولة، وليس جيش تحرير. - لا، لا يا عزيزتي. عندما ارتكب الجنود الأميركيون أخطاء بحق الشعب العراقي في العراق، في سجن أبو غريب، ماذا فعل الناس؟ المجتمع الدولي كله دان هذه الفعلة. لم يوجهوا رسائل إدانة إلى مجلس الأمن؟ - بالنسبة لنا، المجتمع الدولي دان ما فعلته هذه الثلة من الجيش الأميركي في سجن أبو غريب. الجيش الأميركي نفسه دان ما فعلته هذه الثلة وأرسلوا للمحاكمة وحوسبوا ودفعوا الثمن. بالتالي لا توجد أي مؤسسة خارجة عن إطار أن يخطئ قسم منها وبالتالي إذا أخطأ يتم محاسبته بشكل عادي وطبيعي. نحن عبرنا في عدة مراحل ولا سيما في وسط أحداث عرسال، عن دعمنا للجيش اللبناني وترحمنا على أرواح الجنود اللبنانيين الذين فقدوا حياتهم في أوائل الأحداث كما ترحمنا على أرواح شهدائنا المدنيين والعسكريين الذين قضوا في هذه الأحداث. نحن معاً، نحن والجيش اللبناني والشعب اللبناني في معركة واحدة ضد الإرهاب وضد القوى التي لا تريد خيراً لهذه المنطقة. أعربنا في عدة مناسبات حرصنا على سلامة حدود لبنان وعلى وحدته وعلى عدم انجراره إلى ما لا تحمد عواقبه في الوضع السوري. نحن ضد عبور أي قوات أجنبية أو أي فصائل أياً كانت للحدود اللبنانية أو القيام بأي عمل عسكري داخل لبنان. ونحن بشكل واضح ضد هذا الموضوع. كما نتأمل من لبنان أن يكون في شكل واضح ضد دخول قوات وميليشيات من أراضيه لتساهم في قتال الشعب السوري.