منذ أول تفجير شهدته الرياض في 1995 في هجوم على شركة أجنبية في شارع الثلاثين «عليا»، وما تبعه من أحداث طاولت دول المنطقة، اتخذت السعودية موقفاً حاسماً وواضحاً في التصدي لهذه الظاهرة، موظفةً في سبيل ذلك كل إمكاناتها المادية والفكرية والإعلامية لحماية مجتمعها، وتوضيح خطورة هذه الظاهرة على الاستقرار الإقليمي والدولي. وكانت المملكة أول دولة في منظمة المؤتمر الإسلامي توقع معاهدة لمكافحة الإرهاب الدولي في أيار(مايو) 2000، وحضت كل الدول المحبة للسلام على محاربته، وتوّجت هذه المساعي باستضافتها مؤتمراً دولياً لمكافحته في 5 شباط (فبراير) 2005، بمشاركة أكثر من 50 دولة عربية وإسلامية وأجنبية، إلى جانب عدد من المنظمات الدولية والإقليمية والعربية. واستطاعت المملكة بقيادة خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز، وولي العهد نائب رئيس مجلس الوزراء وزير الدفاع الأمير سلمان بن عبدالعزيز، اتخاذ موقف حازم وصارم ضد الإرهاب بكل أشكاله وصوره على الصعيدين المحلي والدولي. وحاربت المملكة الإرهاب على المستوى المحلي من خلال خطين متوازيين:المعالجة الأمنية والمعالجة الوقائية، فعلى مستوى المعالجة الأمنية، سطر رجال الأمن السعوديين إنجازات أمنية في التصدي لأعمال العنف والإرهاب، وسجّل رجال الأمن إنجازات غير مسبوقة، تمثلت في الضربات الاستباقية، وإفشال أكثر من 95 في المئة من العمليات الإرهابية، كما سجّلوا إنجازاً آخر تمثل في اختراق الدائرة الثانية لأصحاب الفكر الضال، وهم المتعاطفون والممولون للإرهاب الذين لا يقلون خطورة عن منفذي العمليات الإرهابية، فتم القبض على الكثير منهم. وأضحت التجربة السعودية في مكافحة الإرهاب وكشف مخططاته قبل تنفيذها نموذجاً وفي هذا السياق، قال خادم الحرمين الشريفين: «إن الأمن في المملكة بألف خير، فهي صامدة كالصخر، تكسرت عليه كل تلك الهجمات». وأضاف في حوار صحافي نشر في 16 آب (أغسطس) 2004:»إننا اجتزنا مراحل الإرهاب، فنحن ذهبنا إلى رؤوس الثعابين مباشرة لنقطعها». وأكد ثقته الدائمة برجال الأمن والقوات المسلحة في مختلف القطاعات الأمنية، منوّهاً بيقظتهم وتفانيهم في خدمة دينهم ووطنهم وشعبهم والقضاء على فلول الإرهابيين الهاربين. إلى ذلك، عملت الدولة، ممثلة بوزارة الداخلية، على رفع معنويات رجال الأمن في الدفاع عن بلدهم ومحاربة أصحاب الفكر المنحرف، فقدمت لهم الدعم المادي والمعنوي، وتم منح أسر الشهداء منهم والمصابين والمتضررين، كل ما يعينهم على مواجهة أعباء الحياة، فضلاً عن أنها كانت بلسماً لحياة الأسر التي فقدت أحد رجالاتها في عمليات أمنية ضد الإرهابيين، واستضافت وزارة الداخلية أسر شهداء الواجب لأداء مناسك الحج، عرفاناً منها بما قدمه أولئك الشهداء، وأسرهم من خدمات جليلة للوطن. ووجد رجال الأمن في خوضهم معركة الشرف ضد الإرهابيين دعماً ومساندة من العلماء والمواطنين الذين أشادوا بإنجازاتهم الأمنية، والتصدي للإرهابيين وتفكيك مخططاتهم وإحباطها قبل تنفيذها، وملاحقتهم في كل مكان للقضاء أو القبض عليهم. وخاطب المفتي العام للمملكة رئيس هيئة كبار العلماء وإدارة البحوث العلمية والإفتاء الشيخ عبدالعزيز آل الشيخ في بيان أصدره بعد تفجير مبنى الإدارة العامة للمرور في الرياض رجال الأمن، وبشّرهم بأنهم على خير عظيم، وهم في ثغر من ثغور الإسلام، وقال:»عليكم بالحرص واليقظة والعزيمة في الدفاع عن دينكم أولاً ثم عن بلاد المسلمين ضد أولئك الضالين».