قد تكون سوق الانتقالات الشتوية عادية ومن دون مستوى التوقعات، خصوصاً ضمن انتقالات الأندية الإنكليزية، لكن نيوكاسل كان الوحيد الذي غرد خارج السرب، وضم خمسة لاعبين هذا الشهر، والغريب أن جميعهم كانوا من الدوري الفرنسي، وهو ما أثار دهشة الجميع لهذا التوجه الفرنكفوني. حتى الآن، يعتبر موسم نيوكاسل مخيباً وبعيداً عن أقل التوقعات، فبعدما كان الحصان الأسود الموسم الماضي وزاحم الكبار على التأهل إلى دوري أبطال أوروبا، وجد نيوكاسل نفسه هذا الموسم في صراع مرير مع المكافحين والكادحين والمقاتلين من أجل الهروب من شبح الهبوط، فهو يحتل حالياً المركز ال16، ويبتعد بفارق ثلاث نقاط فقط عن منطقة الهبوط، ولم يحقق سوى فوز واحد في آخر ثماني مباريات، وهو ما قاد المدرب آلان باردو إلى حتمية إجراء تعديلات جذرية تكللت بضم خمسة لاعبين خلال فترة الانتقالات الحالية، إذ بدأها بضم المدافع الأيمن ماتيو ديبوشي الذي كان أحد نجوم المنتخب الفرنسي في يورو 2012، قبل أن يضم أربعة لاعبين دفعة واحدة، هم المهاجم يوان غفران من بوردو ولاعبا الوسط موسى سيسوكو من تولوز ومابو يانغا مبيوا من مونبيلييه والمدافع ماسايدو هايدارا من نانسي، ليعزز فرصة الفريق على الأقل في البقاء في الدرجة الممتازة وربما إنقاذ موسمه، خصوصاً أن لديه استحقاقاً في مسابقة كأس الاتحاد الأوروبي. لكن ما الذي دفع فريقاً يقع في أقصى شمال إنكلترا، وأبعد ما يكون عن الأراضي الفرنسية، وبالكاد تنطق أي كلمة فرنسية في هذه المدينة المعزولة، أن يتوجه نحو نجوم الدوري الفرنسي؟ علماً أن النجوم الخمسة الجدد، انضموا إلى فرنكفونيين آخرين ممثلين بنجمي خط الوسط يوهان كاباي وحاتم بن عرفة، ومتحدثي الفرنسية شيخ تيوتي وغايل بيرغمانا وبابيس سيسي، ليصبح العنصر الفرنسي هو الطاغي في «سانت جيمس بارك» و(الفرنكفونية تعني تلك المناطقة التي تكون فيها اللغة الفرنسية هي اللغة الأم لدى غالبية السكان)، والسبب الرئيس أن النجوم الأربعة الذين جاؤوا قبل أيام لم يكلفوا نيوكاسل أكثر من 15 مليون لشرائهم، في حين أن هذه النوعية من المواهب ستكلف أضعاف ما دفعه النادي لو كانوا في داخل إنكلترا، إضافة إلى أن رواتبهم مقبولة ومعقولة، وقلة من نجوم الدوري الفرنسي يطلبون أكثر من 20 ألف جنيه راتباً أسبوعياً، على رغم أن السقف المحدد للنادي هو 40 ألفاً حداً أعلى لأي نجم جديد، وهو ما قاد إلى رحيل هداف الفريق السابق ديمبا با، الذي طالب ب80 ألفاً اسبوعياً الذي رفضه النادي فوجد تشلسي موافقاً على تلبية طلبه. عدا عن العامل المادي الذي أقنع نيوكاسل بنجاعة هذه الصفقات، فإن مسؤوليه الكرويين كانوا على قناعة بأن المواهب الفرنسية وما تتمتع به من مهارات تقنية تناسب اللعب في الدوري الإنكليزي أكثر من المواهب الهولندية ذات المهارات العالية على الحد، أو الايطالية ذات التكتيك المحدد غير القابل للصقل. لكن في المقابل، حذّر مدرب ليفربول واستون فيلا السابق جيرار هولييه، من وجود أعداد كبيرة من الجنسية الأجنبية ذاتها في فريق واحد قد ينعكس بالسلب على روح الفريق، وهو ما حصل مع برشلونة في التسعينات عندما جمع المدرب الهولندي لويس فان غال نصف المنتخب الهولندي في النادي الكتالوني وأحدث شروخاً بين اللاعبين لم ينجح في إصلاحها. عدا عامل اللغة والتأقلم في مدينة كئيبة وبعيدة، فهل تنجح مغامرة باردو ونيوكاسل في إحداث ثورة فرنسية في نيوكاسل؟ المؤشرات التي يستدل إليها باردو هي في نجاح صفقتي كاباي وبن عرفة، لكن الأسابيع المقبلة ستمنحنا أجابات أوضح.