لأن سجلاتهما حبلى بكل ما هو آسر، تحولت مواجهتهما المرتقبة إلى لقاء ساحر، يغنينا عن ذلك الوصف التصريح بأسماء المتبارزين (ريال مدريد ومانشستر يونايتد). «سانتياغو برنابيو» المشبع بالأحداث الكروية التاريخية كان المسرح في لمحة أخرى زادت المشهد جمالاً، ومناسبة ملائمة لنزال عملاق مدريد وشامخ مانشستر في ذهاب ثمن نهائي دوري أبطال أوروبا. أما الفرسان فحدث ولا حرج، إذ يقف من فوق الجميع رجل يعرفه التاريخ جيداً، وله بصمة لا تنسى في معظم ميادين الحسم الأوروبية اسمه أليكس فيرغسون ويسبقه لقب «السير» الذي حظي به بعد أن حول من مانشستر يونايتد إلى صديق حميم لكل ما صنع من «ذهب»، كيف لا وأبرز النجوم في المباراة على أقل تقدير من صناعته، حتى كريستيانو رونالدو اللاعب الأول في صفوف خصمه، وفي الجانب الآخر من التاريخ نتعرف سريعاً على جوزيه مورينيو الذي اختصر المسافات ولامس كل الألقاب، وصعد المنصات بكل الأندية التي عانت من خريف المنجزات، في أعوام لا تتجاوز ال10. كل ذلك اجتمع في ليلة واحدة ومكان واحد، فكانت الثمرة وجبة دسمة تلذذ بتفاصيلها المتابعون الشغوفون بالمستديرة في أنحاء المعمورة، الإذهال شع بداية من أقدام الواعدين، الفرنسي فاران ابن ال(19 عاماً) والذي ظهر مدافعاً يصد الهجمات بلا توقف في وقت مهم ل«الملكي»، إضافة إلى الحارس الإسباني دي خيا الذي لم يتجاوز (ال21 عاماً)، وكان حامياً لعرين الفريق الآخر في مدريد «أتليتكو»، دي خيا فعل كل شيء، إذ كان بالمرصاد لكرات أصحاب الأرض فتارة يتصدى بركلة، وأخرى بلكمة، وبعد ذلك بطيران يعلو الجميع، ومن هذا الباب فإن التحليق كان سمة لنجوم «سهرة الأربعاء»، فلا يبدو أن أحداً استطاع أن يصل لعلو جوي في أرض الميدان كما فعل «الدون» رونالدو عندما ارتقى بحثاً عن كرة بدت في الوهلة الأولى بعيدة عن الرؤوس، ولكن قفزة الهداف البرتغالي باغتت الجميع فصوب الكرة التي أصبحت قريبة بالنسبة إليه لتسكن شباك دي خيا بلا حول له ولا قوة. هذا ليس جديداً على «الريال» و«المانيو» فهذان الكبيران التقيا قبل 10 أعوام كاملة، وتحديداً 2003 بأساطير ترتدي قمصان الفريقين، يتقدمهم الإنكليزي ديفيد بيكهام حين كان يافعاً، يرافقه الهولندي فان نيستلروي، والحارس فان در سار، جميعهم بالزي الأحمر، وعلى الضفة البيضاء جاء الفرنسي زين الدين زيدان، والبرازيلي «الظاهرة» رونالدو، والبرتغالي لويس فيغو و«الماتادور» راؤول غونزاليس، الغلبة في تلك المواجهة كانت لأبناء مدريد الذين كسبوا بفضل مهاجمهم رونالدو، لكن رونالدو آخر حضر اليوم وسجل أيضاً، وربما يكون سبباً في التأهل، من المؤكد أن فيرغسون لم ينس ليلة 2003، وبجانبه غيغز الذي ربما انتظر طويلاً حتى عادت اللحظة التي يثأر فيها من «الميرينغي» حتى وإن غزا البياض شعره.