لدى استقباله قبل أيام رجال أعمال في البحرين، أكد الملك حمد بن عيسى آل خليفة أن اقتصاد مملكة البحرين ينمو في وقت يمر العالم المتقدم بأصعب أزماته الاقتصادية. وأشاد في حديثه إلى رجال الأعمال والتجار، بجهودهم ونشاطهم المستمر من دون كلل ولا ملل، معرباً عن يقينه بأن المستقبل سيشهد مزيداً من البناء والتطوير خصوصاً من خلال رؤية المملكة لعام 2030. ومن دون شك فإن عصرنا هو عصر الشراكات التنموية بين القطاع العام ومؤسساته الحكومية من جهة، ومؤسسات القطاع الخاص بكل فروعها ونشاطاتها من جهة أخرى. ولو عدنا إلى تجربة المملكة مع مسيرة النمو المعتمدة على توسيع دور القطاع الخاص، لوجدنا أن التجار البحرينيين كان لديهم ميل فطري لممارسة التجارة وتهيأت لهم بحكم ذلك دراية كبيرة في شؤون التجارة المحلية والخارجية منذ بدايات القرن الماضي. وفي عام 1939 أُنشِئت في البحرين أول غرفة تجارة في منطقة الخليج العربي سميت باسم «جمعية التجار العموميين» وظلت تعرف بهذا الاسم حتى عام 1945 حيث أصبحت «غرفة تجارة البحرين» ثم تحولت إلى «غرفة تجارة وصناعة البحرين» منذ عام 1967. وتعتبر غرفة تجارة وصناعة البحرين واحدة من الغرف التجارية والصناعية الرائدة في المنطقة، ورافقت مسيرة التنمية الاقتصادية في دولة البحرين منذ بداية تأسيسها حيث كان لها الأثر الفعال في إبراز أهمية القطاع الخاص التجاري والصناعي ودوره في عملية التنمية. كما عملت منذ تأسيسها على المساهمة في تقدم المجتمع من طريق تطوير فعالياته التجارية والاقتصادية المختلفة ودعمها، إضافة إلى قيامها بتقديم الخدمات المختلفة لهذه الفعاليات وتوسيع نطاقها مرحلة بعد أخرى كي تتماشى مع أهداف النمو الاقتصادي في البحرين. وتوجت هذه المسيرة بصدور المرسوم الرقم 48 لعام 2012 في شأن قانون غرفة تجارة وصناعة البحرين، ليساهم في تنظيم عمل هذه المؤسسة العريقة التي تعتبر أول غرفة تجارية في المنطقة، ولتكون قادرة على تلبية تطلعات قطاعات الأعمال البحرينية وطموحاتها، وتعزيز دورها في تطوير القطاع الخاص وزيادة مساهمته في التنمية الاقتصادية. ولو عدنا أيضاً إلى مسيرة التنويع الاقتصادي من خلال توسيع مشاركة القطاع الخاص، لوجدنا أن تجربة البحرين تعود إلى نهاية الستينات من القرن العشرين عندما تم تأسيس شركة «ألومنيوم البحرين»، التي بإنشائها شهد القطاع الصناعي الخاص نمواً كبيراً وتوسعت الصناعات القائمة على الطاقة والبتروكيماويات بمشاركة نشطة من القطاع الخاص. كما يحتضن القطاع المالي الكثير من التجارب الناجحة في الشراكات بين القطاع الحكومي والخاص، أولها تجربة تأسيس أول مصرف تجاري في البحرين عام 1957، وهو «بنك البحرين الوطني». ثم حققت هذه الشراكات طفرات كبيرة مع بدء تجربة مصارف «الأوفشور» في منتصف السبعينات، وتحول البحرين إلى مركز مالي ومصرفي عالمي مرموق. وينطبق الحديث ذاته على نشاطات أخرى مثل قطاع السياحة والتجارة والخدمات وغيرها من النشاطات الاقتصادية، ما ساهم في بروز دور القطاع الخاص في البحرين كمحرك رئيس لعجلة النمو الاقتصادي. وتبلغ مساهمة القطاع الخاص في الناتج المحلي حوالى ثلث الناتج تقريباً، وتشتمل على قطاع الزراعة والصيد والغابات والصناعات التحويلية وقطاع التشييد، إضافة إلى القطاعات الخدمية الإنتاجية مثل التجارة والمطاعم والفنادق وقطاع النقل والمواصلات والمصارف والتأمين. كما تلعب شركات القطاع الخاص ومؤسساته دوراً مهماً في تشغيل الأيدي العاملة وتوفير الفرص الوظيفية واستقطاب أعداد متزايدة من الداخلين الجدد إلى سوق العمل، حيث يستحوذ القطاع على نسبة كبيرة لا تقل في المتوسط عن 85 في المئة من إجمالي سوق العمل. كما يساهم، إلى جانب بقية الأجهزة الرسمية المختصة، في العمل على زيادة الاستثمارات وتطويرها سواء من خلال ضخ استثماراته في الاقتصاد الوطني، أو استقطاب مزيد من الاستثمارات الخليجية والأجنبية من خلال المشاريع المشتركة. * رئيس اتحاد المصارف العربية