في اليوم التالي لإعلان البابا بنديكتوس السادس عشر تنحيه عن «سدة البابوية»، في سابقة نادرة في التاريخ الحديث للكثلكة، ركّزت التعليقات في إيطاليا والعالم على «شجاعة» البابا و «بُعد نظره». وأعلن الفاتيكان أن بنديكتوس «لن يتدخل إطلاقاً» في اختيار خلفه، فيما كشف شقيق البابا الألماني أن الأخير يرى وجوب انتخاب شخصية أكثر شباباً، لتتمكّن من التعامل مع مشكلات كثيرة في زمن متغيّر. وأقرّ وزير خارجية دولة الفاتيكان تارتشيزيو بيرتوني بأن قرار البابا التنحي «لم يكن متوقعاً، وهو مؤلم ومؤثّر»، مشيراً إلى أن البابا سينصرف، بعد تخليه رسمياً عن منصبه في 28 من الشهر الجاري، إلى «الصلاة والتأمل، ونأمل بأن يزوّدنا حِكَماً من ذكائه الاستثنائي». وكشف الناطق باسم الفاتيكان الأب فيدريكو لومباردي عن تركيب جهاز لتنظيم ضربات القلب للبابا بنديكتوس السادس عشر منذ فترة، لكنه استدرك أن الجهاز لم «يؤثر في قراره (التنحي)». وأضاف: «تكمن الأسباب في إدراكه أن قوته ضعفت مع تقدمه في السنّ». وأعلن لومباردي أن البابا سيودع المؤمنين خلال لقاء عام في ساحة القديس بطرس في 27 من الشهر الجاري، مشيراً إلى أن قداس «أربعاء الرماد» سيقام اليوم استثنائياً في كاتدرائية القديس بطرس «لأنها تتسع لعدد أضخم من المؤمنين». وشدد لومباردي على أن البابا «لن يحمل أي مسؤولية في توجيه الكنيسة، أو أي مسؤوليات إدارية أو حكومية» بعد استقالته، مؤكداً أنه «لن يتدخل إطلاقاً في عملية انتخاب» خلفه، والمرجحة قبل عيد الفصح في 31 آذار (مارس) المقبل. وخلال الفترة الانتقالية، سيصبح الفاتيكان في عهدة بيرتوني، وهو من المرشحين لخلافة البابا، على رغم أن حظوظ انتخاب حبر أعظم إيطالي قد تتضاءل، بسبب تعدّد المرشّحين للمنصب بين الكرادلة الإيطاليين. وإذا انتُخب سكولا، تكون الكنيسة الكاثوليكية اختارت رجل الحوار بين الأديان، وخصوصاً مع الإسلام. لكن مراكز قوى كبرى بدأت تضغط في اتجاه تفضيل مرشّحيها للمنصب، سواء من الشرق الآسيوي أو من الأميركتين. وكتبت صحيفة «لا ريبوبليكا» العلمانية أن «تنحّي البابا وفتح باب الترشّح للحبر الأعظم الجديد، سيضع حداً للصراع بين أطراف فاتيكانيين نافذين في قمة الهرم الفاتيكاني الرسمي من جهة، وحكومة الفاتيكان ورئيسها بيرتوني من جهة أخرى، إذ ستشهد تغييرات حاسمة وعميقة». ونفى المونسنيور غيورغ راتزينغر، شقيق البابا بنديكتوس، أن يكون الأخير استقال بسبب «مؤامرات» ضده، مشيراً إلى أن شقيقه درس قراره طيلة أشهر و «اتّخذ القرار بإرادته». وأعلن أن شقيقه لن يعود إلى ألمانيا، بل سيبقى في روما حيث لم يستبعد أن «يقدّم مشورة» لخلفه. وأضاف أن شقيقه «يشعر بوجوب انتخاب فرد أكثر شباباً، ليتعامل مع مشكلات زمننا». واعتبر ساندرو ماجيستر، وهو خبير في شؤون الفاتيكان، أن ثمة «اتجاهاً نحو الولاية البابوية المحددة زمنياً، لا لمدى الحياة».