يستضيف «مركز الجزيرة للفنون» في القاهرة حتى 9 تشرين الأول (أكتوبر) المقبل، معرضاً لشخصيات الرسوم المتحركة اليابانية تحت عنوان «اليابان مملكة الشخصيات». يضم المعرض نماذج لأبرز الشخصيات الكرتونية التي ظهرت في اليابان خلال العقود الثلاثة الماضية، كما يقدم استعراضاً لتطور الاهتمام بها وتحولها إلى إحدى أهم السمات التي تميز الثقافة اليابانية المعاصرة. وعلى رغم أن الشخصيات الكرتونية بصفة عامة معروفة ومحببة في جميع أنحاء العالم، إلا أنه لا يوجد بلد آخر لديه مثل هذه العلاقة الوثيقة بالشخصيات الخيالية مثل اليابان. تنتشر الشخصيات الكرتونية في اليابان في أشكال متنوعة مثل الأنيمي «القصص المصورة» والمانغا «الرسوم المتحركة» والمنتجات المرتبطة بها. كما تنتشر المئات من الشخصيات في شكل تمائم، وتستخدم في الدعاية والإعلان وغيرها من الأشكال والأغراض. فما هو سبب تعلق اليابانيين بالشخصيات وما هو الواقع الاجتماعي الذي تعكسه؟ يحاول هذا المعرض أن يسلط الضوء على تلك التساؤلات والإجابة عنها من خلال استعراضه تاريخ الشخصية الكرتونية اليابانية وانتشارها على هذا النحو. وقد أصبحت هذه الشخصيات الكرتونية جزءاً من المشهد اليومي في حياة اليابانيين، بعدما أصبح الكبار والصغار على حد سواء يستخدمونها في الأماكن العامة والخاصة. على سبيل المثل، ثمة شخصيات مطبوعة على دفاتر شيكات البنوك ودفتر تذاكر القطارات، وفي أقسام الشرطة والمؤسسات الحكومية وغيرها من أماكن العمل الرسمية وغير الرسمية. تعد السبعينات سنوات ازدهار لثقافة شخصيات الكرتون اليابانية، ليس فقط لأن كثيراً منها ظهر في تلك الفترة، ولكن لأن في تلك الفترة بدأ ظهور المنتجات المرتبطة بهذه شخصيات، وبدأ تعلق اليابانيين بها. فقد غمرت هذه المنتجات أنحاء اليابان، ولم يقتصر انتشارها على غزو حياة الأطفال وإنما غزت وبقوة عالم الكبار أيضاً. وخلال الثمانينات شهد عالم الشخصيات اليابانية تنوعاً متزايداً، إذ تأهلت لغزو وسائط جديدة ومختلفة بظهور ألعاب الفيديو وانتشارها بعيداً من الإطار التلفزيونى والمجلات والكتب المصورة، وساهم ذلك في تغلغل الشخصية الكرتونية أكثر فأكثر في حياة اليابانيين. ويعد تغلغل المنتجات المرتبطة بالشخصيات الكرتونية في الحياة اليومية لليابانيين من أهم المواضيع الجديرة بالمناقشة في ثقافة الشخصيات اليابانية. ففي اليابان تنتشر منتجات الشخصيات في كل مكان، ليس فقط في غرف الأطفال، بل أيضاً في الأماكن التي يتردد عليها أو يستخدمها طلاب الجامعات والموظفون وغيرهم من البالغين. ويرى مدير المؤسسة الثقافية اليابانية، وهي الجهة المنظمة المعرض، أن أكثر من تبنى الشخصيات وأدخلها إلى الحياة اليومية هو تلميذات المرحلة الثانوية. فلا تخلو مقتنيات الفتاة اليابانية من وجود هذه التمائم المستوحاة من الشخصيات على حقائب المدرسة والهواتف المحمولة. ولا تخلو الأدوات المكتبية وأدوات التجميل الخاصة بالطالبات من وجود الكثير من هذه الشخصيات. ويقدم المعرض على سبيل المثل غرفة واقعية لفتاة في المرحلة الثانوية تظهر مدى تعلق الفتيات اليابانيات بالشخصيات الكرتونية في حياتهن اليومية. وخلال السنوات الأخيرة، أصبح من الممكن إنتاج أعمال رسوم متحركة عالية الجودة بكلفة قليلة، بعد ابتكار «فلاش» وهو برنامج يسمح بتحريك الصور على الإنترنت، وأدى هذا إلى مجموعة متتالية من التطورات الإبداعية في مجال الرسوم الكرتونية والقصص المصورة اتسمت بالمرونة والانفتاح. وأدى أيضاً إلى ابتكار الكثير من الشخصيات الناجحة والمنتشرة بكثافة بين اليابانيين. وحظي الكثير من مسلسلات الرسوم المتحركة المعتمدة في إنتاجها على التقنيات الحديثة، بشعبية واسعة ليس في اليابان وحدها، بل في دول كثيرة حول العالم. ومهدت هذه المسلسلات الكرتونية الطريق للتعرف أكثر إلى الثقافة اليابانية وإلى كثير من العادات والأفكار المرتبطة بها، فمثلت الشخصيات الكرتونية خير سفير للثقافة اليابانية. وتعد القاهرة إحدى المحطات التي يزورها هذا المعرض، بعد تجواله في الكثير من العواصم الأوروبية والعربية.