لفت الدكتور سليمان الضحيان إلى أن «التيارات السلفية تشكل تحدياً هائلاً لحركات الإسلام السياسي، وذلك من وجهين، الوجه الأول: أن التيار السلفي يزايد عليهم في تبني الإسلام، وهو أوضح منهم في تبنيه، وخطابه أقرب للمسلم العامي، فهو خطاب مباشر، واضح في تبنيه للإسلام، ما يدفع حركات الإسلام السياسي إلى مجاراته في خطابه، حرصاً على كسب الشارع المتدين، وبهذا تخسر الجمهور الليبرالي، ومعظم النخب المثقفة والفنية. وأشار إلى أن الوجه الآخر يظهر في قطع التيار السلفي الطريق على حركات الإسلام السياسي من أي مناورة سياسية، للتقرب من الأحزاب الليبرالية، لأنه سيكون تحت مجهر التيار السلفي الذي سيتهمه بالبعد عن المشروع الإسلامي، وهذا ما سيؤثر في جمهوره المتدين، أي أن التيارات السلفية حجَّمتْ من مساحة المناورة التي كانت تلعب فيها حركات الإسلام السياسي في طرحها لمشروعها الإسلامي، وجعلتها مكشوفة أمام النخبة وأمام العامة. وقال قاسم إن السلفيين لم يصلوا بعد إلى اكتساح الإخوان في دول الربيع، لأن الإخوان سبقوا في هذا المضمار بأعوام طويلة، ولكن، بحسب رأيه، فإن الاخفاقات المتتالية التي يقع فيها الإخوان في مصر وتونس، ستعيد الشارع للسلفيين إلى حد ما. وأضاف: «السلفيون يخالفون الإخوان في محاور عدة، وصحيح أنهم ليسوا بالندّ الآن، ولكن بالتأكيد لهم ثقلهم الكبير، وإن لم يتحالف الإخوان مع السلفيين، فإنهم سيخسرون كثيراً أمام تعقد الأمور في البلدين». وحول انعكاس الصعود السلفي السياسي في مصر على السلفية السعودية ومدى إنشاء مدارس جديدة أو إحداث شقوق في النسيج المحلي السلفي، أكد الضحيان أن السلفية في السعودية تتعدد في طرحها السياسي «ثمة ثلاثة تيارات سلفية في السعودية، تيار تقليدي تمثله المدرسة الحنبلية، ويجد امتداده في طرح هيئة كبار العلماء، وتيار السلفية العلمية التي تلقب ب«الجامية»، وتيار سلفي حركي يمثله التيار الذي يلقب ب«السرورية»، وتيار جهادي عنفي يمثله فكر القاعدة وجماعات الإرهاب، فأما التيار التقليدي، فلا أظن أنه سيتأثر في ما حدث ويحدث، لأنه محكوم برؤية شاملة عن علاقة الديني بالسياسي، وهي روية لها امتداد في الواقع السعودي». وأضاف: «أما التيار السلفي الجهادي العنفي، فلا شكّ أن ما حدث في دول الربيع العربي أثَّر كثيراً على أطروحاتهم عن طريقة التغيير السياسي، وهذا سيكون له أثر عميق في إعادة صياغة رؤيتهم السياسية مستقبلاً، وأما التيار السلفي الحركي فثمة بوادر تدل على بداية تشكّل رؤية جديدة في العمل السياسي، فبعد أن كان الرأي السائد في أوساطه ينصّ على أن الديموقراطية كفرٌ، بدأت تنظيرات لهم تطرح للتدليل على جواز ممارستها للمصلحة، إذ صدرت بعض الفتاوى تنظِّر للواقع الديموقراطي المصري من هذا المنطلق». واتفق معه قاسم حول حدوث الانعكاس والتأثير، وذكر «بالتأكيد سينعكس بشكل كبير، ولا أدل من هذا الاهتمام السلفي من أعلى القاعدة العلمائية بما يجري في بلدان الربيع العربي، وإصدارهم الفتاوى في شأن تلك البلدان، وأما الشقوق السلفية المحلية فهي موجودة من عقدين بشكل واضح، وربما ستتشقق بشكل أكثر عمقاً، وتظهر على السطح خلافاتهم الكبيرة». وذهب الباحث الشرعي رائد السمهوري إلى الرأي نفسه في حدوث التأثير داخل السلفية السعودية، وقال: «لا مناص من التأثر والتأثير، فنحن في زمن ثورة المعلومات والاتصالات والإعلام، التأثر شيء طبيعي جداً، ولكن القضايا التي تشغل السلفيين اليوم ليست جديدة، هي تشغلهم منذ أوائل الثمانينات، فمسألة المشاركة في البرلمانات والديموقراطيات وغيرها هي مسائل ليست جديدة، وإن كانت اليوم أكثر حضوراً إن كنا نتحدث عن شقوق في النسيج المحلي السلفي، فهو حاصل بالفعل! ومن قبل ما يسمّى الربيع العربي بعقود. لكن هذا الخلاف كما قلت ليس خلافاً يمسّ الأصول بقدر ما يمسّ بعض القضايا في الفقه السياسي كمسألة الخروج، وكذا في مسألة إنزال أحكام الكفر والفسق على المعينين، وبعض مسائل الإيمان الأخرى». وقال السمهوري في نهاية حديثه: «علينا ألا ننسى أن سلفية محمد بن عبدالوهاب كانت مرتبطة بمشروع سياسي».