أظهرت زيارة الرئيس الإيراني محمود أحمدي نجاد للقاهرة، وهي الأولى من نوعها لرئيس ايراني منذ العام 1979، حجم الصعوبات التي قد تعترض طريق الرئيس المصري محمد مرسي في حال أراد تطوير العلاقات مع طهران. فرغم حفاوة الاستقبال الرئاسي، لقيت الزيارة تحفظا واضحا من الأزهر الشريف الذي وجه شيخه أحمد الطيب خلال استقباله أحمدي نجاد أمس انتقادات حادة إلى السياسة الإيرانية. ويرأس أحمدي نجاد وفد بلاده الى قمة منظمة التعاون الإسلامي التي تبدأ اليوم في منتجع في ضاحية التجمع الخامس شرق القاهرة، بمشاركة رؤساء دول وحكومات 26 دولة إسلامية، من إجمالي 57 عضواً في منظمة التعاون الإسلامي، وستتصدر الأزمة السورية، إضافة إلى القضية الفلسطينية والعمليات العسكرية في مالي أجندة القمة التي يفتتحها الرئيس المصري. وبث التلفزيون الرسمي لقطات لمرسي يستقبل أحمدي نجاد بحفاوة أمام سلم طائرته التي وصلت صباحا إلى مطار القاهرة، اذ قبّله فور هبوطه وسارا على بساط أحمر، قبل أن تعزف الموسيقى العسكرية السلامين الوطنيين للبلدين. وعرض الرئيسان حرس الشرف الذي اصطف لتحيتهما، ثم عقدا جلسة محادثات في استراحة الرئاسة في المطار. وسعى أحمدي نجاد، خلال اللقاء، إلى إنهاء حال القطيعة بين القاهرةوطهران، لكن مساعيه باءت بالفشل على ما يظهر، إذ أوضحت مصادر رئاسية ل «الحياة» أن مرسي «رهن تطوير العلاقات بحصول اختراق في الأزمة السورية، كما شدد على أن مصر لن تقبل بأي تهديدات لأمن الخليج»، قبل أن يواجه الرئيس الإيراني بانتقادات لاذعة من شيخ الأزهر الذي اجتمع معه عقب لقاء مرسي. ورغم أن الرئيس الإيراني حرص على الإشارة بعلامة النصر لدى دخوله مشيخة الأزهر، إلا أن لقاءه شيخ الأزهر، في حضور مفتي مصر علي جمعة وأعضاء هيئة كبار العلماء، انتهى بنتيجة مغايرة، إذ حرص الطيب على تأكيد «رفض المد الشيعي في بلاد أهل السنة والجماعة»، و «التدخل في شؤون دول الخليج». وتوّج تململ الأزهر بغياب الطيب عن مؤتمر صحافي عقده أحمدي نجاد عقب اللقاء، وشهد خلافات بين كبير مستشاري شيخ الأزهر حسن الشافعي والرئيس الإيراني الذي أبدى امتعاضه إزاء البيان الذي تلاه الشافعي وقال فيه إن شيخ الأزهر «طالب الرئيس الإيراني باحترام البحرين كدولة عربية شقيقة، وعدم التدخل في شؤون دول الخليج»، و «طالب بوقف النزيف الدموي في سورية الشقيقة والخروج بها إلى بر الأمان». وأضاف البيان أن شيخ الأزهر طالب الرئيس الإيراني ب «ضرورة العمل على إعطاء أهل السنة والجماعة في إيران، خصوصاً في إقليم الأهواز، حقوقهم الكاملة كمواطنين». كما أكد أنه «يرفض المد الشيعي في بلاد أهل السنة والجماعة»، مؤكداً أنه «أمر بالغ الخطورة، ومصر كانت ومازالت معقلاً لأهل السنة والجماعة، والأزهر الشريف يرفض رفضاً قاطعاً جميع محاولات نشر التشيع بين أهل مصر وشبابها». وأشار إلى أن الطيب «أبدى استنكاره خلال اللقاء لما يتعرض له صحابة الرسول والسيدة عائشة من سب من قبل البعض في إيران»، مؤكداً «رفض الأزهر لتلك الممارسات جملة وتفصيلاً». ونقل قوله ان «الأزهر يسمع ويرى دائماً سب الصحابة والسيدة عائشة والإمام البخاري ولم يبادر بالرد حتى لا يجر الأمة الإسلامية إلى معركة نحن في غنى عنها». وسعى أحمدي نجاد إلى التخفيف من أجواء اللقاء، فقال خلال مؤتمره الصحافي: «جئت من إيران كي أقول إن مصر والشعب المصري مكانتهما في قلب الشعب الإيراني كبيرة، ونحن نعتبر وازدهار مصر ازدهاراً ونمواً للشعب الإيراني أيضاً». وأضاف: «آمل أن تكون هذه الزيارة باباً لتبادل الزيارات بين كبار المسؤولين في البلدين»، مؤكداً أنه وجه الدعوة إلى علماء الأزهر «لزيارة بلدهم الثاني إيران وهم تفضلوا وقبلوا هذه الدعوة». وقال الشيخ الشافعي إنه «انطلاقاً من الصلة الأخوية بين مصر وإيران، كان حديث الإمام الأكبر خلال اللقاء صريحاً». وأضاف أن الطيب «تكلم عن عقبات حقيقية تحول دون التلاقي الكامل والتوحد الكامل بين السنة والشيعة»، مشيراً خصوصاً إلى أن «العلماء الشيعة يتعرضون في شكل غير مقبول إلى زوجات الرسول مما يشوش العلاقات بين الشعبين». وتظاهر عشرات السلفيين أمام مشيخة الأزهر احتجاجاً على زيارة الرئيس الإيراني ورفعوا لافتات مؤيدة لسورية. وشدد حزب «النور» السلفي على أن «مصر ستقف في شدة أمام أي محاولات إيرانية لاختراق الدول الإسلامية سياسياً أو ثقافياً أو عسكرياً». وأشار في بيان إلى أنه «لا بد من أن يدرك النظام الإيراني أن أمن الخليج من مفردات الأمن القومي المصري»، داعياً الرئيس مرسي إلى «الحديث مع الرئيس الإيراني عن اعتراض مصر في شدة على دعم النظام الإيراني لنظام بشار الأسد سياسياً وعسكرياً، وهو الدعم الذي ساعد على استمرار مسلسل القتل والتشريد لأبناء سورية الحبيبة»، كما طالب ب «إظهار موقف مصر من اضطهاد النظام الإيراني لأهل السنة في إيران».