أصدر قاضي التحقيق الأول في تونس، أمس الإثنين، أمراً قضائياً يقضي بمنع إذاعة محلية من بث حوار مع زعيم تنظيم «أنصار الشريعة» (تيار السلفية الجهادية) سيف الله بن حسين المُكنى ب «أبو عياض»، باعتبار أنه «مطلوب لدى العدالة بتهمة قتل شخص والاعتداء على الأمن الداخلي وارتكاب عمل إرهابي وقد صدرت في حقه بطاقة جلب». واعتبرت النيابة العمومية، في القرار الذي حصلت «الحياة» على نسخة عنه، «أنّ بث الحوار قد يؤثر على سير العدالة، كما قد يحتوي على عبارات مشفرة يوجهها أبو عياض إلى أنصاره». وقال القاضي، في مراسلة وجهها إلى إذاعة «موزاييك» التي كانت تنوي بث المقابلة، إن «المدعو سيف الله بن عمر بن حسين... هو محل تتبع من أجل قتل نفس بشرية عمداً مع سابقية القصد وارتكاب مؤامرة واقعة قصد اقتراف أحد الاعتداءات ضد أمن الدولة الداخلي، وارتكاب اعتداء ضد أمن الدولة الخارجي، وتكوين وفاق قصد الاعتداء على الأملاك والأشخاص». وعبّرت إدارة الإذاعة عن استغرابها من قرار القاضي منع البث من دون الرجوع إليها، واعتبر مدير تحريرها ناجي الزعيري أن القرار انتهاك لحرية التعبير. وأكد خالد الكريشي محامي إذاعة «موزاييك» في تصريح إلى «الحياة» أنه تقدم إلى قاضي التحقيق بنسخة من الحوار حتى يعيد النظر في قراره، معرباً عن تمسك الإذاعة بحقها في بثه. وأضاف أنه سيرفع اليوم قضية استعجالية للطعن في قرار قاضي التحقيق والسماح ببث الحوار. من جانبها، استنكرت النقابة الوطنية للصحافيين قرار السلطات القضائية ووصفته ب «التعسفي وغير القانوني». وصرّح زياد الهاني عضو المكتب التنفيذي للنقابة الوطنية للصحافيين إلى «الحياة» بأن وقف بث البرامج الإذاعية والتلفزيونية مشمول حصراً في الهيئة المستقلة للاتصال السمعي البصري وفق المرسوم 116 لسنة 2011 ولا دخل لأي جهة أخرى في ذلك. ويواجه «أبو عياض» بالإضافة إلى التهم المذكورة في رسالة قاضي التحقيق الأول تهمة «الانضمام إلى تنظيم إرهابي داخل وخارج تراب الجمهورية، وانتداب أو تدريب أشخاص قصد ارتكاب عمل إرهابي، واستعمال تراب الجمهورية قصد ارتكاب عمل إرهابي ضد بلد آخر ومواطنيه والمشاركة في ذلك». ويُعتبر سيف الله بن حسين من أهم القيادات السلفية الميدانية الناشطة في تونس، وكان حاضراً في غالبية المحطّات التي كان فيها السلفيون طرفاً أو فاعلاً في المشهد السياسي، كما أنّ تصريحاته النارية كانت تثير الجدل حتى خارج حدود البلاد. وهو يعيش في حال فرار منذ محاولة القبض عليه في أحد مساجد العاصمة عقب أحداث السفارة الأميركية في أيلول (سبتمبر) الماضي، وقد وجّه انتقادات لاذعة إلى وزير الداخلية القيادي في حركة «النهضة» علي العريض وشبّهه بعبدالله القلال الذي يوصف بأنه من أكثر وزراء الداخلية دموية في العهد السابق. وهو يرفض توصيف ما حدث في تونس ب «الثورة» ويعتبرها خروجاً على حاكم ظالم. كما أنه لا يؤمن بمنهج «النهضة» في تونس ويعتبرها «نموذجاً للإسلام الأميركي»، كما قال في إحدى خطبه. ويبلغ «أبو عياض» من العمر 47 عاما، وكان له نشاط إسلامي في تونس في الثمانينات، وقد تتلمذ عندما كان لاجئاً في بريطانيا على يدي «أبو قتادة الفلسطيني» وكان معجباً به وبكتبه. وشغل «أبو عياض» مديراً لنشرية «صاحب عبادة» في بريطانيا، ثمّ سافر ل «الجهاد» في أفغانستان. قبضت عليه تركيا في إطار «الحرب ضد الإرهاب» وسلّمته إلى تونس التي حكمت عليه بالسجن 43 سنة. وبعد الثورة، أطلقت الحكومة الانتقالية الأولى سراحه مطلع آذار (مارس) 2011 بمقتضى عفو تشريعي عام بعدما قضى ثماني سنوات في السجن.