تقدم بعض البلدات المحيطة بمدينة جسر الشغور في أدلب (شمال غربي سورية) مشهداً غير مألوف في محافظة تشهد اشتباكات وأعمال عنف دامية ويلعب فيها صبية وسط مقاتلين من المعارضة بكامل أسلحتهم في بساتين يسودها الهدوء، على مقربة من نقطة تفتيش للجيش السوري. وضيّق مقاتلون من المعارضة الخناق على مدينة جسر الشغور التي يسيطر عليها الجيش السوري، لكنهم لن يشنوا الآن هجوماً عليها ما يبقي حالة من الهدوء الهش في قرى مجاورة عدة. وعلى تلة شرق المدينة، يعيش سكان بلدة عين السودا وكأن شيئاً لم يكن، ويشاهدون في الأسفل شاحنات وجنوداً سوريين يتنقلون في وسط مدينة جسر الشغور. ويتنقل القرويون بطمأنينة في مرمى قناصة الجيش النظامي المتحصنين وراء سواتر ترابية على مواقع اتخذوها فوق أسطح المباني الشاغرة في وسط المدينة. وقال القروي رضوان حجي، العضو المحلي في الجيش السوري الحر، إن «العسكريين حذرونا من انهم سيدمرون القرية إذا انطلقت ولو رصاصة واحدة منها». وبالتالي قرر مقاتلو المعارضة عدم التحرك. وذكر احد الجيران أن قناصة الجيش يطلقون النار عشوائياًَ على المنازل «عندما يرصدون نشاطاً غير اعتيادي». وجسر الشغور مع إدلب إحدى المدينتين المهمتين اللتين لا تزالان تحت سيطرة قوات النظام في محافظة إدلب حيث الغالبية السنية على الحدود مع تركيا وبات اليوم قسم كبير منها تحت سيطرة المعارضة. وخلال ستة اشهر، استولى مقاتلو المعارضة فيها على نقاط تفتيش وقواعد عسكرية ومدن كانت بأيدي النظام اثر معارك ضارية تكبدوا خلالها خسائر كبيرة. ويقول سكان سئموا من حمام الدم، إن التقدم المحرز محدود، فيما يذكر معارضون أن التقدم قائم على الأرض وتعجز القوات النظامية عن وقفه. وخلافاً للهدوء النسبي الذي يسود شرق جسر الشغور وقعت معارك عنيفة في الأسابيع الماضية شمال المدينة وغربها. ويقول نقيب حسن الرجل الثاني في كتيبة «حرية» في الجيش السوري الحر انه عند سفح جبل يتعرج منه سهل العاصي «باتت جسر الشغور محاصرة من مقاتلي المعارضة من الشمال والشرق والغرب». وأضاف «عند هذه المحاور الثلاثة بتنا على مسافة كيلومتر واحد من المدينة». وحده المحور الجنوبي الذي يؤدي إلى مدينة إدلب يبقى مفتوحاً. وقال حسن «وجود ثلاث أو اربع قرى علوية يمنعنا من التسلل إلى المدينة». وعلى المحور الشمالي استولى المعارضون منذ ثلاثة اشهر على بلدتي دركوش وزرزور، وفي الأيام الماضية على بلدتي اليعقوبية وجنودية المسيحيتين المطلتين على سهل العاصي. وفر القسم الأكبر من سكان اليعقوبية من البلدة، وتم خلع أبواب ونوافذ بعض المنازل فيها. ويحتل مقاتلون من المعارضة منازل عدة على الجادة الرئيسية في البلدة. وفي محيط جسر الشغور لم يسجل انتشار عناصر من جبهة النصرة الإسلامية المتطرفة، لكن كتائب أحرار الشام متواجدة في المدينة. وبات هدف مقاتلي المعارضة الاستيلاء على مدينة جسر الشغور التي كان عدد سكانها 50 ألف نسمة قبل الحرب. وقال حسن «لكن المشكلة هي ضمان سلامة العديد من المدنيين الذين يحتجزهم الجيش السوري رهينة وراء أسوارها». وأكد أن «العسكريين يستخدمون السكان الذين يمنعونهم من المغادرة دروعاً بشرية. لقد جعلوا من المدينة سجناً كبيراً».