تحول المغلف في إسبانيا الذي رفعه متظاهرون في الشوارع او تم رسمه على مواقع الانترنت، الى رمز الاستنكار الذي اثارته فضيحة فساد شوهت سمعة السلطة، في قضية قد تكون القشة التي قصمت ظهر البعير بالنسبة لمجتمع غارق في الأزمة. ورفع متظاهرون تجمعوا أمام مقر الحزب الشعبي (يمين) في مدريد لافتات كتب عليها: «استقالة» و «كفى» و «عار على اسبانيا». ومنذ الخميس، يتداول مئات الأشخاص على التظاهر رافعين مغلفات ترمز الى الرشاوى، ثم يسيرون في مسيرات صغيرة في شوارع وسط العاصمة وأمام مقر الحزب الشعبي الحاكم. وتناولت صحيفة «ال باييس» الخميس اسم رئيس الوزراء ماريانو راخوي من بين المستفيدين المفترضين من رواتب دفعت سراً لسنوات عدة لعدد من قادة حزبه. ويعتبر العديد من الإسبان ان الكيل طفح مع هذه الفضحية، لا سيما انهم يعانون من أزمة تقشف غير مسبوقة ونسبة بطالة قياسية تجاوزت 26 في المئة، وهم غاضبون من توالي الفضائح التي يكشفها القضاء والصحافة وتطاول اكبر الاحزاب. ويؤجج ذلك موجة الاستياء تجاه المسؤولين السياسيين والتي رافقت انبثاق حركة «الغاضبين» في اسبانيا في ايار (مايو) 2011، لكن دون إثارة تظاهرات حاشدة وتلقائية كالتي نظمت حينها. وتظاهر المئات مساء السبت أيضاً وراء الحواجز الأمنية. واستذكرت إحدى اللافتات التقشف التاريخي الذي تخضع له اسبانيا بالقول ان «هذا المغلف يحتوي على ما اقتطعوه من ميزانيتنا». كذلك تتردد عبارة الاستقالة على مواقع الانترنت في اسبانيا. وتضمنتها عريضة أطلقت الخميس على موقع الكتروني تطالب بتنحي كل قادة الحزب الشعبي الكبار بمن فيهم ماريانو راخوي، وجمعت اكثر من 710 آلاف توقيع مع انتهاء النهار. وكتب على العريضة «حان الوقت ليرحل كل الذين تلقوا أموالاً خلسة وان يكفوا عن تلطيخ اسم بلادنا» و «سنحصل على مليون توقيع لاستحداث موجة استنكار عامة لدى المواطنين تحول هذا الطلب إلى حقيقة». كذلك ظهرت صورة المغلف في المبادلات بين مستخدمي الانترنت والتي باتت ترمز بسخرية وغضب الى الفضيحة الحالية. لكن توضيحات ماريانو راخوي السبت لم تهدئ من غضب المحتجين. ومما ساهم في الاستياء كون راخوي فضل إعادة بث كلمة ألقاها امام قيادة حزبه بدلاً من عقد مؤتمر صحافي يرد فيه على الأسئلة. وحاول راخوي الذي يبدو انه يدرك الهوة المتعاظمة في اسبانيا بين المواطنين والمسؤولين السياسيين، في كلمته تبرئة ذمة النواب بالقول: «أنا فخور بما أفعله، أنا فخور بكم، كما أنني فخور بالسياسيين في احزاب اخرى الذين يبذلون وما زالوا اقصى جهدهم في خدمة بلادهم».