بعد مذكراته الثلاث الشهيرة «اختراع الوحدة»، «الدفتر الأحمر»، «الشيطان من ذنبه»، يكمل الكاتب الأميركي المعروف بول أوستر (66 عاماً) مشروعه الأدبي في الكتابة الذاتية عبر عمل جديد صدر أخيراً باللغة الانكليزية بعنوان «يوميات شتوية» (2012). وهو منكبٌ حالياً على قراءة الترجمة قبل صدورها عن دار «أكت سود» بالفرنسية، علماً أنّ أوستر يحبّ ويُتقن اللغة الفرنسية التي ترجم منها وإليها الكثير من النصوص والأعمال الانكليزية. لا يعتبر أوستر أنّ «يوميات شتوية» تندرج ضمن خانة المذكرات، ولا سيرة ذاتية، بل يصف كتابه الأخير بأنّه عمل إبداعي يتألف من شذرات من سيرة يُلملمها لتغدو متناغمة مثل قطعة موسيقية. ويوضح أوستر أنّه لم يهتمّ بنفسه فقط في هذا العمل، ولم يحاول أن يروي تجربته بقدر ما أراد أن يحكي تجربة أن تكون في هذه الحياة. وقد يكون اعتماد صيغة المخاطب بدلاً من الصيغتين الأكثر شيوعاً في كتابة الأعمال الإبداعية، المتكلّم والغائب، بمثابة نقطة القوّة في هذا العمل. وهو حرص على أن يستخدم هذه الصيغة التي ولدت فكرتها أولاً في شكل عفوي قبل أن يتقصدّها لما تحمل من قدرة على إشراك القارئ في قلب الحدث. وعن هذه الصيغة يقول أوستر: «وجدت في المخاطب النبرة التي كنت أبحث عنها، لكونه لا يعكس الذاتية المطلقة كما في «الأنا»، ولا ينفصل كليّاً عن الذات كما في صيغة الغائب. ويُضيف أوستر في هذا الصدد: «صيغة المخاطب تعكس تفاعلاً بين القارئ والكاتب نفسه، وهذا ما تعمدته. وأتمنى أن يلمس كلّ القرّاء هذا التشابه أو التطابق بين حيواتهم والحياة التي يقدمها العمل».