لندن، دمشق، بيروت - «الحياة»، اب، ا ف ب - انشغلت العاصمة السورية امس بالبحث في تداعيات الغارة التي شنتها اسرائيل داخل الاراضي السورية ليل الثلثاء - الاربعاء، والتي قالت دمشق انها استهدفت مركزاً للبحوث العلمية في ضاحية جمرايا في ريف العاصمة، بينما اكدت مصادر امنية وديبلوماسيون غربيون ان الهدف كان قافلة اسلحة كانت متجهة عبر الحدود الى لبنان وتقل صواريخ متطورة روسية الصنع مضادة للطائرات. وعزز هذه المعلومات التحذير الذي وجهه بن رودس مساعد مستشار الرئيس باراك اوباما للامن القومي الذي قال ان «على سورية الا تزيد من زعزعة الاستقرار في المنطقة عبر نقل اسلحة الى حزب الله». من جهة اخرى، عقدت الهيئة السياسية ل «الائتلاف الوطني» السوري اجتماعاً كان مقرراً مسبقاً في القاهرة جرت فيه مناقشة المبادرة التي اطلقها رئيس «الائتلاف» معاذ الخطيب، والتي دعا فيها الى الحوار مع النظام بعد تلبيته عدداً من الشروط ليس من بينها تنحي الرئيس بشار الاسد. وقال اللواء عبد العزيز جاسم الشلال القائد السابق للشرطة العسكرية الذي انشق في كانون الاول (ديسمبر) لوكالة «اسوشييتد برس» ان الموقع الذي تم استهدافه في جمرايا هو مركز معروف لتطوير الاسلحة ولا توجد فيه اسلحة كيماوية او غير تقليدية. واضاف ان خبراء ايرانيين وروس يكونون عادة موجودين في هذه المواقع. وعلق بان كي مون الأمين العام للأمم المتحدة على الغارة في بيان لمكتبه جاء فيه: «يلاحظ الامين العام بقلق عميق التقارير عن ضربات جوية اسرائيلية في سورية». وقال البيان ان «الامين العام يدعو كل المعنيين لمنع التوترات او تصعيدها... وان يلتزموا بصرامة بالقانون الدولي وخاصة في ما يتعلق بسلامة الاراضي وسيادة كل الدول في المنطقة؟». وكانت وزارة الخارجية السورية استدعت امس قائد قوات الاممالمتحدة لمراقبة فض الاشتباك في الجولان اللواء اقبال سنغا، وابلغته احتجاجاً رسمياً «على الانتهاك الاسرائيلي لاتفاق فصل القوات لعام 1974 والالتزامات التي يرتبها ذلك الاتفاق». وطالبت الوزارة الاممالمتحدة «باتخاذ ما يلزم لوضع الاطراف المعنية في صورة هذا الانتهاك الاسرائيلي الخطير والعمل لضمان عدم تكراره». وفي الوقت ذاته بعثت الخارجية السورية برسالة الى رئيس مجلس الامن والامين العام للامم المتحدة، اكدت على حق سورية في الدفاع عن نفسها وارضها وسيادتها في مواجهة العدوان الاسرائيلي. ورد ناطق باسم الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون على الشكوى السورية، وقال إن قوة حفظ السلام الدولية في منطقة الجولان لم تتمكن من التحقق من الشكوى من ان طائرات اسرائيلية حلقت فوق الجولان. وأبلغ الناطق ادواردو ديل بوي الصحافيين أن بعثة حفظ السلام «لم ترصد أي طائرات فوق المنطقة الفاصلة وبالتالي لم تتمكن من تأكيد الحادث. وذكرت البعثة أيضا أن الأحوال الجوية كانت سيئة». والتقت كل من ايرانوروسيا على دعم الموقف السوري، وادانة الغارة. اذ اعتبرها وزير الخارجية الايراني علي اكبر صالحي «عدوانا عنيفا»، وقال انه «يتماشى مع سياسة الغرب والصهاينة الرامية الى حجب نجاحات شعب وحكومة سورية في استعادة الاستقرار والامن في البلاد». كما يبرز «تطابق اهداف المجموعات الارهابية مع اهداف الصهاينة». واعتبرت روسيا ان الغارة الجوية الاسرائيلية على المركز العسكري، «اذا صحت»، تشكل انتهاكا للسيادة السورية». واضاف بيان الخارجية الروسية انه «في حال تاكدت صحة هذه المعلومات، فهذا يعني اننا امام عملية اطلاق نار من دون مبرر على اراضي دولة ذات سيادة، في انتهاك فاضح وغير مقبول لميثاق الاممالمتحدة». وفي القاهرة، ناقش اجتماع الهيئة السياسية للإئتلاف الوطني لقوى الثورة والمعارضة السورية، برئاسة أحمد معاذ الخطيب، تصريحات الاخير المتعلقة بالحوار مع النظام. وأوضح احد المشاركين في الاجتماع ل «الحياة» أنه كان مفهوماً «أنه رأي شخصي وليس مبادرة أو اقتراحاً بأن الائتلاف يقبل الحوار». وأشار إلى أن المبدأ الأساسي للإئتلاف عندما أعلن في الدوحة هو العمل على إسقاط النظام بكل مرتكزاته ورفض الحوار معه. وكشف المشارك أن الخطيب أعلن في اجتماع الهيئة أن ما قاله هو رأي شخصي في هذا المجال وليس مبادرة. وشدد المصدر على أن الائتلاف لن يتبنى هذا الرأي، اذ انه «رأي شخصي لم يلق القبول لأنه خروج عن المبادئ الاساسية للائتلاف». وقال المشارك إن «الخطيب لم يتراجع عن قضية التغيير أو اسقاط النظام» و»نحن نفهم الآن الدوافع والأسباب من غيرته على الدم السوري، على البلد، والوطن». وأوضح عضو «المجلس الوطني» جبر الشوفي، والذي شارك رئيسه جورج صبرا في الاجتماع، أن الخطيب قد يكون اعتبر طرحه بمثابة «تكتيك سياسي ناجح مع هذا النظام» و»لكنه الآن فهم أنه أمر صعب وأن عرض الحوار حتى المشروط سيكون هدية للنظام». وقال إن اجتماع الهيئة كان مقرراً سلفاً لبحث الأوضاع داخل الإئتلاف وعلاقاته الخارجية وحضوره على المستوى الإقليمي والدولي فيما درس توزيع المساعدات والاغاثة، لافتاً إلى أن الاجتماع تزامن مع تصريحات الخطيب المثيرة للجدل. وتحدث الشوفي عن نتائج مؤتمر الكويت مطالبا بتوضيحات عمن يتسلم المعونات المقررة وكيف سيجري ايصالها للشعب السوري. وقال إن جامعة الدول العربية هي التي أقرت اجتماع الكويت ووجهت الدعوات ولم تدع أي تشكيل رسمي للمعارضة ولم تدع الائتلاف للحضور وأكد ان الائتلاف غير راغب في التعليق على الموضوع ولا يمانع في كل يد طيبة تمتد لمساعدة الشعب السوري، ولكنه شدد على أننا نسمع كثير من الكلام وقليلاً من الفعل. وفي واشنطن، أكد مسؤول في البيت الأبيض ل «الحياة» أن نائب الرئيس الأميركي جوزيف بايدن سيلتقي غداً وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف على هامش مؤتمر ميونيخ للأمن الدولي، كما سيجتمع بايدن مع كل من رئيس «الائتلاف» الوطني معاذ الخطيب والمبعوث العربي الدولي الأخضر ابراهيمي. وأشار المسؤول الى أن بايدن الذي غادر واشنطن أمس في جولة ستشمل ألمانيا وفرنسا وبريطانيا، سيجتمع بلافروف يوم غد، وستتصدر المباحثات الملف السوري والمفاوضات حول تقليص الترسانتين النوويتين الروسية والأميركية الى جانب قضايا تعاون أخرى بين موسكووواشنطن. ويعتبر لقاء بايدن مع معاذ الخطيب أرفع لقاء لرئيس المعارضة السورية مع الجانب الأميركي. وتعكس لقاءات بايدن مع الخطيب والابراهيمي أولوية أكبر للملف السوري في ولاية أوباما الثانية، وتطلعا لحل سياسي هناك، كما يستعد مستشار أوباما لشؤون الأمن القومي توم دونيلون للتوجه الى موسكو خلال أسابيع.