كانت سينو متوجهة الى منزل جدتها في قرية هادئة في شمال الهند عندما اختطفها رجال واقتادوها الى سيارتهم ثم الى حقل بعيد واغتصبوها تباعا وصوروا الحادثة على هاتفهم الخليوي. وبعدما أجبرت على تناول حبة دواء، عادت المراهقة البالغة من العمر 16 عاما الى منزلها بعد ساعة وهي عارية ومضرجة بالدماء وتائهة. وعندما علم والدها الذي يعمل بستانيا وينتمي إلى طبقة المنبوذين في المجتمع بما حصل لابنته، وضع حدا لحياته. وقصدت سينو ووالدتها مرات عدة مركز الشرطة الأقرب اليهما، غير آبهتين بتهديدات المعتدين الذين ينتمون الى طبقات اجتماعية أعلى شأنا والذين كانت سينو تعرف البعض منهم. لكن الشرطة لم تتحرك إلا بعد أن نزلت طبقة المنبوذين الى الشارع لتمارس الضغط عليها، فقامت الشرطة بعملية الاعتقال الاولى بعد اسبوعين من حادثة الاغتصاب الجماعي. وأوقفت لاحقا سبعة رجال. ومذاك الوقت، تعيش سينو تحت حماية ستة شرطيين إلى حين بداية المحاكمة الشهر المقبل، وهي تقر لوكالة فرانس برس بأن ضحايا الاغتصاب يجدون صعوبة في الابلاغ عما حصل لهم "لأن الشرطة لا تحترمهم". وتقول بصوت خافت كي لا يسمعها الشرطيون القريبون منها "هذا الأمر يغضبني كثيرا. لماذا لا تسمعنا الشرطة؟ لماذا لا تقوم بعملها كما يجب؟ لماذا تذل الفتاة أو تشعرها بأنها مذنبة لأنها تعرضت للاغتصاب؟". وكان الاغتصاب الجماعي الذي تعرضت له طالبة في الثالثة والعشرين من العمر في حافلة في نيو دلهي في 16 كانون الاول/ديسمبر الماضي ثم وفاتها قد هزا البلاد وأثارا استنكار الكثيرين ممن اتهموا الشرطة والقضاء بالتهاون في قضايا العنف الجنسي. وإزاء الضجة التي أثارتها الحادثة، أعلنت الحكومة سلسلة من التدابير لتعزيز أمن النساء في الهند، من بينها زيادة عدد الدوريات الليلية في نيودلهي وعدد النساء في الشرطة، علما أن المرأة تمثل اليوم 6,5 % فقط من عديد الشرطة. وتفتقر الهند بشكل كبير إلى الشرطيين، إذ إنها تضم 129 شرطيا فقط لكل مئة ألف نسمة، بحسب الارقام التي نشرها مكتب الاممالمتحدة لمكافحة المخدرات والجريمة سنة 2010. وفي الولاياتالمتحدة، هناك 227 شرطيا لكل مئة ألف نسمة. وفي الكثير من قضايا الاغتصاب، غالبا ما تطلق الشرطة الاميركية احكاما مسبقة على الضحية كما هي الحال في المجتمع الهندي، فتشجع الضحية أحيانا على الزواج من مغتصبها. والأسبوع الماضي، أمر قاض في إحدى محاكم نيودلهي الشرطة بدفع تعويض بقيمة 25 ألف روبية (350 يورو) لضحية اغتصاب تبلغ من العمر 13 عاما لأنها رفضت الاستماع إلى الفتاة وطلبت منها تسوية المسألة مع مغتصبها. جي أس فيرما هو رئيس سابق للمحكمة العليا عينته الحكومة على رأس لجنة مكلفة إعادة النظر في القوانين الخاصة بالجرائم الجنسية، وقد وجه الى الشرطة انتقادات لاذعة بشأن لامبالاتها وإدارتها السيئة للشكاوى المتعلقة بالاعتداءات الجنسية. ودعا فيرما أيضا إلى وضع حد ل"فحص الاصبعين" المذل الذي يحاول الطبيب من خلاله أن يحدد ما إذا كانت ضحية الاغتصاب ناشطة جنسيا. وإزاء الانتقادات، أعادت شرطة نيودلهي مؤخرا اطلاق برنامج "للتوعية حول الاختلاف بين الجنسين" كان قد أطلق بين العامين 2008 و2011 بهدف تحسين استقبال الشرطة للضحايا النساء. وفي مركز شرطة موريس ناغار في نيودلهي، يعتبر توظيف النساء أولوية منذ فترة طويلة. وبحسب النطام الداخلي، على شرطية أن تكون موجودة في كل ساعة من النهار والليل. لكن الشرطية ناظمة خان تعتبر أن هذا الاصلاح في سلك الشرطة لا يكفي لحل المشاكل كلها. وتقول "لا أعتقد أن توظيف عدد أكبر من الشرطيات سيساهم في تغيير العقلية السائدة. إذا أردنا تغيير طريقة التفكير في المجتمع، علينا تغيير الوضع في المدارس وداخل العائلات، وإلا فإن هذا التدبير لن يحدث أي فرق".