إذا كان اللون الأصفر في إشارة المرور يعني الاستعداد للوقوف، والأحمر التوقف التام في أي مكان يحترم أنظمة المرور، فهما لا يختلفان في محافظة وادي الدواسر عن اللون الأخضر الذي يسمح بانطلاق السيارات. إذ لم يعد للإشارات الضوئية هناك أي جدوى، وأصبح الغالبية يضربون بها والأنظمة المرورية عرض الحائط، إلى درجة أن يصبح الوقوف عند إشارة المرور أمراً مستهجناً، حتى أن الآخرين ينظرون إلى السائق الملتزم بأنظمة المرور نظرة استغراب، في ظل انعدام المراقبة المرورية من شعبة مرور المحافظة، وتفشي الواسطات والاستثناءات في هذه البلدة الصغيرة، حيث الجميع يعرف بعضهم البعض. وعن هذه القضية، يقول خلف الدوسري: «إن الحركة المرورية تعد في أي من بقاع الأرض مؤشراً على تحضر الشعب وعلى سلوكه الحضاري، لكن الحاصل في وادي الدواسر على النقيض وبعيد عن الصورة الحضارية، فهناك الاستهتار واللامبالاة والجهل في أحيان أخرى بالأنظمة والقوانين تبلغ ذروتها، مشيراً إلى أن هناك ضعفاً في إشاعة الثقافة المرورية في المحافظة بالفترة الأخيرة، خصوصاً في الأسابيع والأيام الخليجية والعربية والعالمية الخاصة بالتوعية المرورية». وأضاف: «نحن نعرف ونجزم أن هذه المناسبات الثقافية التوعوية تعد ترياقاً ناجعاً للمخالفات المرورية أكثر من سن القوانين»، لافتاً إلى انه شاهد كثيراً من الحوادث المرورية المميتة التي كان مسرحها قطع الإشارات المرورية، وإلى تطبيق العقوبات والأنظمة على قاطع الإشارة المرورية». أما بتال الدوسري فذهب إلى أن عدم تطبيق الأنظمة وزيادة الثقافة جعلا السائقين يستهترون بالإشارة وغير مبالين بها، مؤكداً ضرورة التوجيه السليم والتطبيق الحازم للأنظمة، «فمع الأسف توقيف المرور في المحافظة يكسوه الغبار وأصبح مغطى ببيوت العنكبوت، إذ لم يعد كما كان في السابق، وصارت الإشارة تقطع حتى وسيارة المرور موجودة». وبيّن فراج محمد أن رجل المرور أصبح مغلوباً على أمره، فهو يرى قاطع الإشارة ولا يحرك ساكناً، بل يتظاهر انه لم يشاهده لأنه يعرف انه لن يطبق عليه النظام، مضيفاً: «أحياناً مع الأسف تشاهد سيارات المرور والشرطة وأمن الطرق وهي تقطع الإشارة وتظن أنها في مهمة رسمية أو لمباشرة حادثة أو جريمة وإذا بها تتوجه لمطعم أو بقالة أو منزل احدهم». وذكر أن المخالفات المرورية في وادي الدواسر غير قطع الإشارة كثيرة أهمها وأخطرها «لمبات الزينون»، وتظليل كل الزجاج بالأسود الغامق والسرعة والتفحيط، إضافة إلى قيادة صغار السن والعمالة غير الملمة بقيادة المركبات، محملاً المسؤولية للمحافظة وشعبة المرور والإدارة العامة للمرور التي لديها علم وتصور كامل بذلك من خلال زيارتهم السابقة للمحافظة واستماعهم للمواطنين وشجبهم واستنكارهم لهذه الظاهرة المقلقة. من جانبه، ذكر أحد رجال المرور «فضل عدم ذكر اسمه» أنه وزملاءه غير راضين على الوضع، ويرون أنه لا أهمية لهم ولا احد يعيرهم أي اهتمام. وقال: «كنا نقبض على المخالفين لإيداعه التوقيف فتأتينا التعليمات على الهاتف الجوال بإعادة المقبوض عليه معززاً مكرماً، فنقع في إحراج مع أهالي وأقارب ذلك المخالف، خصوصاً ونحن في محافظة صغيرة كل منا يعرف الآخر»، مشيراً إلى أن العمالة أيضاً أصبحت تخالف الأنظمة وتحميهم بكل أسف أسماء كفلائهم. أما الدكتور المصري المرسي محمد علي الذي كان مستغرباً عدم وقوف احد أمام الإشارة، قال: «إن مبدأ المجاملات والاستثناءات في المناطق والمحافظات الصغيرة هو ما جعل هذه الظاهرة تنتشر بكثرة».